الرئيس اليمني: لن أرشح نفسي لفترة رئاسية جديدة ولن أورث الحكم لنجلي

أجل الانتخابات وتعهد بإصلاحات تسمح بانتخاب المحافظين

الرئيس اليمني علي عبد الله صالح يتحدث في العاصمة اليمنية أمس (إ ب أ)
TT

أعلن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، أمس، أنه لن يرشح نفسه لفترة رئاسية جديدة ولن يورث حكم اليمن لنجله الأكبر، وأعلن صالح، أيضا، تأجيل الانتخابات التشريعية المقررة في أبريل (نيسان) المقبل، وتقدم بمبادرة إلى المعارضة من أجل إزالة التوتر في الساحة السياسية، لكنه، في الوقت نفسه، حذر من وقوع أعمال عنف في الشارع اليمني إذا ما سيرت المعارضة المظاهرات التي دعت إليها.

واجتمع صالح، أمس، بأعضاء مجلس النواب «البرلمان» وأعضاء مجلس الشورى، في ظل مقاطعة نواب أحزاب «اللقاء المشترك» في البرلمان، وأكد حرصه على أن لا تنفلت الأمور في اليمن كما هو حادث في مصر وتونس وتتعرض منجزات الشعب ومكتسباته، وقال «مثلما هو حادث في مصر وما حدث في تونس الغوغاء والفوضى إذا هبت من الصعب على العقلاء السيطرة، وحذر صالح من نتائج 4 سنوات من التعبئة للشارع، واعترف أن كافة الأطراف في السلطة والمعارضة تقوم بتعبئة الشارع وتكيل الاتهامات لبعضها البعض، واعتبر تلك التعبئة «خاطئة» وقال: «إلى أين ستفضي هذه التعبئة؟».

ودعا الرئيس اليمني أحزاب المعارضة إلى الحوار في ضوء آخر اتفاق بينها وبين حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم الذي يترأسه والذي ينص على تشكيل لجنة حوار رباعية، بمعنى أن يمثل حزب المؤتمر وحلفاؤه بأربعة أشخاص فيما تمثل المعارضة وشركاؤها بأربعة آخرين.

وأطلق صالح مبادرة من 4 نقاط هي: «أولا: ولما تقتضيه المصلحة العامة تستأنف اللجنة الرباعية أعمالها، التي من المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك، ثانيا: تجميد التعديلات الدستورية لما تقتضيه المصلحة العامة، ثالثا: فتح السجل الانتخابي لمن بلغوا السن القانونية ورابعا: لا تمديد ولا توريث ولا تصفير للعداد كما جاء في الاسطوانة المشروخة بأن الرئيس يريد أن يورث ابنه ويريد أن يصفر العداد، بل جاء على لسان بعض رفاقنا قلع العداد، هذا غير وارد في برنامج الرئيس، هذا غير وارد على الإطلاق. هناك اجتهادات من قبل أشخاص مخلصين ولكن برنامجي محدد في البرنامج الانتخابي وهو أن مدة الرئاسة لدورتين فقط من خمس سنوات والشعب يتداول السلطة سلميا دون الإثارة ودون تحريك الشارع، دون الغوغاء، دون كسر وتكسير المحلات، دون هدم المؤسسات. هذا غير وارد، سيكون لكل مواطن من أبناء الشعب اليمني حق الدفاع المشروع عن ماله وعرضه، سيكون من حق المواطن اليمني أينما كان أن يدافع عن ماله وعرضه وأرضه، هذا وارد إذا جاءت الغوغاء، وأنا أدعو مرة أخرى الإخوان في المشترك إلى أن يجمدوا المسيرات والاعتصامات ويتحاوروا من خلال اللجنة الرباعية المشكلة والذين طالبوا بهذه المطالب أمامي».

وأكد صالح أن بنود هذه المبادرة هي مطالب المعارضة وتلبيها، وتعهد بإجراء المزيد من الإصلاحات الشاملة في الحكم المحلي، حيث أعلن أنه سيتم انتخاب محافظي المحافظات ومديري المديريات بصورة مباشرة من الشعب وقال إن «هذا يسحب البساط على دعاة الفيدرالية والمرتدين عن الوحدة»، إضافة إلى تعهده بتوسيع شبكة الضمان الاجتماعي وفتح باب الاكتتاب العام أمام المواطنين في العديد من المؤسسات الصناعية والإنتاجية، إضافة إلى جملة من الإصلاحات التي تحدث عنها.

وفي الوقت الذي قال فيه الرئيس صالح إنه متأكد «كل التأكيد أن الإخوة في المعارضة سوف يستجيبون لهذه المبادرة وهي متطلباتهم وأتمنى أن تلقى آذانا صاغية للخروج من هذه الأزمة»، فقد كشفت مصادر سياسية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن إعلان الرئيس لهذه المبادرة، جاء بعد «حوار سري بينه وحزبه من جهة وبين حزب التجمع اليمني للإصلاح»، أكبر أحزاب تكتل المعارضة، وقالت المصادر إن شخصية عسكرية كبيرة مقربة من صالح، قادت الوساطة لإقناع الإصلاح بالمبادرة، وأن الدليل على ذلك أن الإصلاح كان أول المرحبين بالمبادرة باسمه كحزب وليس باسم التكتل «اللقاء المشترك»، وذكرت المصادر، أيضا، أن مبادرة صالح تأتي في ضوء الملاحظات التي طرحتها وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، التي زارت اليمن الشهر الماضي، إضافة إلى المساعي التي بذلها بعيد زيارة كلينتون، لزلي كمبل، نائب رئيس المعهد الديمقراطي الوطني الأميركي الذي أجرى جولة محادثات مع الأطراف السياسية خلال زيارته لليمن الأسبوع الماضي.

وفي ردود الفعل على مبادرة الرئيس اليمني، قال علي سيف حسن، رئيس منتدى التنمية السياسية إن «ما حدث اليوم يثبت أن الرئيس يتمتع برشاقة ولياقة عقلية وذهنية كبيرة، فعلى الرغم من أن الشباب اليمني لديه كل الأسباب للغضب، فإن الأخ الرئيس استطاع أن يستبق الأحداث»، وأشار سيف في تصريحات لـ «الشرق الأوسط» إلى أن الرئيس لم يكن ليتقدم بمثل هذه المبادرة لولا أنه قد توصل إلى اتفاق بشأنها مع أطراف أساسية في المعارضة «على الأقل مع حزب الإصلاح»، ويعتقد السياسي اليمني أن خطوات صالح قد لا ترضي الشارع اليمني، لكنه أردف أن هذا الشارع «محكوم بأحزاب وعلاقات حزبية وقبلية ومناطقية مترابطة وبشبكة من العلاقات السياسية والاجتماعية».

غير أن الدكتور عبد الله الفقيه، أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء، لا يتفق مع طرح علي سيف حسن ويقول لـ« الشرق الأوسط» إن «ما يسميه الرئيس مبادرة هو في الحقيقة قرارات انفرادية خارج المؤسسات الدستورية والقانونية ومحاولة جديدة لتضليل الشارع اليمني والالتفاف على مطالب التغيير الحقيقي وهذا توجه خطير لا يستوعب المطالب الراهنة للشارع اليمني ولا التوجهات الدولية والإقليمية»، وأشار الفقيه إلى أن خطاب صالح الذي ألقاه من البرلمان «تضمن إشارات خطيرة وتهديدا بالحرب الأهلية ووصف أبناء الشعب المصري والتونسي واليمني بالغوغاء وهذا بالتأكيد خطاب غير مسؤول ومأزوم، وإلقاؤه في اجتماع مشترك لمجلسي النواب والشورى يمثل مخالفة دستورية»، ثم يضيف أن صالح لم «يقدم ما ينتظره الناس وتعامل مع الشعب اليمني كمتسولين سيوزع عليهم معونات لا تتجاوز الخمسة دولارات في الشهر»، وأن ما ينتظره الشعب اليمني هو «خطوات حقيقية تلغي الإجراءات التي اتخذت لتعديل قانون الانتخابات وتشكيل اللجنة العليا للانتخابات وتعديل الدستور بشكل منفرد، وتحد من سلطة أسرة الرئيس وأقاربه وأنسابه، وتحاكم الفاسدين في النظام وتعيد الاعتبار للثورة والجمهورية والوحدة وتحمي البلاد من الانزلاق إلى الحرب الأهلية».