تجدد المعركة في قيادة الجيش الإسرائيلي على منصب رئاسة الأركان

بعد إقالة غالانت.. ووجود قضية ضد خليفته لاتهامه بجرائم حرب

TT

تشهد إسرائيل هزة داخلية كبيرة بسبب اضطرار رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، لإلغاء تعيين يوآف غالانت، رئيسا لأركان الجيش، واختيار نائبه يئير نافيه، رئيسا مؤقتا لمدة شهرين فقط. ويثير الأمر هجوما كاسحا على نتنياهو ووزير دفاعه، إيهود باراك، على المستوى الإعلامي والجماهيري وفي صفوف قيادة الجيش.

وفي الوقت نفسه، تتجدد معركة حامية الوطيس في قيادة الجيش على منصب رئيس الأركان، يبدو أنها لن تقل شراسة عن المعركة التي رافقت اختيار غالانت. وخرج القاضي، يعقوب تيركل، رئيس لجنة التعيينات الحكومية بنداء إلى القادة السياسيين والعسكريين ووسائل الإعلام أن يلجموا أنفسهم وينتبهوا إلى أن الأسلوب الذي يتعاطون به مع هذه القضية الحساسة يلحق ضررا لا يمكن تصليحه لمعنويات الجيش وصلابته.

وقال تيركل في حديث إذاعي تم بمبادرته، إن «ما يحصل لإسرائيل هو فظيع ومرعب. فأنا لا أريد أن أدافع عن غالانت، وقد يكون ارتكب مخالفات قاسية. لكن الهجوم الذي تعرض له من خصومه، هو أمر بعيد عن الأخلاق والقيم ويدل على تدهور غير مسبوق. فالجنرال غالانت قائد عسكري كبير خدم الدولة بروحه وعلى حساب عائلته ولا يستحق التشويه الذي يعاني منه اليوم». وهاجم تيركل الصحافة بشكل خاص، محملا إياها مسؤولية أساسية عن الفوضى التي تجتاح إسرائيل اليوم بسبب هذه القضية.

ورفض رئيس أركان الجيش الإسرائيلي المُقال، يوآف غالانت، الرضوخ لقرار إلغاء تعيينه بسبب قضية الفساد المرتبطة باسمه. وأعلن أنه سيحارب هذا القرار ويصر على تنظيف اسمه، حتى يعود ويحظى بمنصب رئيس الأركان بكل الطرق القانونية الممكنة. وتوجه إلى محكمة العدل العليا بواسطة محام خاص، لأن النيابة العامة قررت عدم الدفاع عنه، فهاجم مراقب الدولة، القاضي ميخائيل لندنشتراوس، والمستشار القضائي للحكومة، يهودا فاينشتاين، اللذين تخليا عنه قائلا إنهما راحا يتنافسان على إرضاء الصحافة. ولمح إلى أن الحكومة أيضا وقعت في الفخ وتخلت عنه. وأعلن أنه لم يخالف القانون بشكل مقصود، إنما بنوايا طيبة. وإنه لم يكذب.

وقال غالانت إن إسرائيل «تعيش كارثة قومية من ناحية القيم والأخلاق، لدرجة أن حماة القانون والعدالة يختبئون خوفا من كلام الصحافة. ولكن الصحافة أدارت ضدي حملة غير مسبوقة في التاريخ الإسرائيلي ضد جنرال في الجيش». واعتبر ما جرى له انقلابا عسكريا شاركت فيه عناصر عديدة من الجيش وخارجه. وهاجم بشكل شخصي رئيس الأركان الحالي، غابي أشكنازي، واعتبره شريكا في المؤامرة عليه. وطالب المحكمة بألا تنجر وراء منفذي هذا الانقلاب. وقال إنه لن يرضخ لهذه المؤامرة وسيكافح ضدها حتى آخر رمق.

وأربك موقف غالانت المؤسسات الحاكمة في إسرائيل، حكومة وجيشا وأجهزة قضاء. وحتى في محيط وزير الدفاع، إيهود باراك، الذي كان قد رشحه للمنصب، اعتبروا هجومه كاسحا وقالوا إنه سيكون من الصعب تعيينه مرة أخرى رئيسا للأركان، حتى لو أجازت ذلك المحكمة.

وكشف النقاب أمس أن باراك كان قد اعترض على نية نتنياهو إلغاء تعيين غالانت، قائلا إن هذه معركة مع الصحافة الإسرائيلية يجب خوضها حتى النهاية. لكن نتنياهو رفض هذا التوجه وقال إن المحكمة العليا أبدت موقفا واضحا ضده ولا حاجة «للبهدلة» مرة أخرى. وأراد نتنياهو أن يمدد ولاية الرئيس الحالي، أشكنازي، إلى حين يتم تعيين رئيس جديد. لكن باراك رفض ذلك بأي ثمن وهدد بالاستقالة من الحكومة إذا بقي أشكنازي يوما واحدا في المنصب. ورضخ له نتنياهو واتفقا على تعيين نائب رئيس الأركان، يائير نافيه. لكن هذا وضع شرطا أن يكون واحدا من المرشحين على رئاسة الأركان خلال الشهرين. فوافقا على شرطه، بيد أن أوساط اليسار الإسرائيلي تصدوا لتعيين نافيه، كونه يواجه حاليا قضية في القضاء بسبب دوره الطليعي في تنفيذ عمليات اغتيال ضد قادة فلسطينيين، فقد توجهت إلى المحكمة كل من حركة «يوجد حد»، التي تدير نضالا طويلا ضد الخدمة العسكرية الإجبارية في المناطق المحتلة، وشولميت ألوني، وزيرة التعليم الأسبق، والشاعر نتان زاخ، مطالبين بمنع نافيه أيضا من تسلم المنصب عند انتهاء ولاية أشكنازي في 14 فبراير (شباط) الجاري، ومعلنين أنه متهم بارتكاب جرائم حرب.

لكن المعركة الأشد شراسة تدور داخل صفوف كبار الجنرالات في الجيش، الذين ينافسون على منصب رئيس الأركان. ومع أن هناك ثلاثة مرشحين أقوياء للمنصب، فقد تقدم للتنافس حتى الآن ستة جنرالات. وأبرز المرشحين اليوم هم: يئير نافيه، وغادي آيزنقوط، قائد اللواء الشمالي في الجيش.