وزيرة الخارجية الفرنسية في عين العاصفة التونسية

صحيفة اتهمتها بالاستفادة من «مقرب» من بن علي والمعارضة تدعوها للاستقالة

TT

تتميز وزيرة الخارجية الفرنسية ميشال اليو ماري عن غيرها من الوزراء في أنها الوحيدة التي نجحت حتى اليوم في احتلال منصب وزاري هي ورفيق دربها، باتريك أوليه، في حكومة واحدة ما يدل على اهميتها وحاجة الرئيس ساركوزي لخدماتها. وفي عهد الرئيس السابق شيراك، بقيت خمس سنوات وزيرة للدفاع (أول امرأة تحتل هذا المنصب الذكوري بامتياز في أوروبا الغربية). وفي عهد ساركوزي، عينت وزيرة للداخلية ثم وزيرة للعدل لتحط رحالها قبل أقل من شهرين في وزارة الخارجية. لكن يبدو ان الخارجية لا تحمل السعد لهذه المرأة «الفولاذية»، ومنبع آلامها تونس التي تحب أن تقضي فيها عطلها. تونس حملت لها «فضيحيتن»: الأولى سياسية والثانية شخصية. فقد كثر اللغط حولها المرة الأولى عندما قالت في الجمعية الوطنية إن فرنسا مستعدة لإفادة نظام الرئيس المخلوع بن علي من خبرتها في ميدان ضبط الأمن، فيما التونسيون يتعرضون لعمليات قمع واسعة أوقعت اكثر من مائة قتيل. وقد فهم هذا التصريح بأنه وقوف إلى جانب النظام وضد الشعب ومطالبه. أما الفضيحة الثانية فقد ثارت أمس عندما كشفت صحيفة «لو كنار أونشينيه» الساخرة أن أليو ماري ورفيق دربها الذي تعيش معه منذ سنوات وأهلها استفادوا من طائرة وضعت مجانا بتصرفهم من قبل رجل اعمال تونسي اسمه عزيز ميلاد خلال عطلة عيد الميلاد للانتقال من تونس إلى منتجع طبرقة شمال تونس على البحر المتوسط. وبحسب الصحيفة، فإن الفضيحة مزدوجة إن لجهة قبول الاستفادة من تسهيلات لوجستية (الانتقال بالطائرة والنزول في فندق يملكه عزيز ميلاد) أو في هوية الشخص المعني الذي تقدمه الصحيفة على أنه «مقرب» من عائلة الرئيس المخلوع بن علي.

ولم تتأخر المعارضة اليسارية في الإمساك بهذا الخيط الجديد لتدين تصرف الوزيرة لأن ما حصل تم في الوقت الذي كانت فيه الانتفاضة التونسية على أشدها وقبل 15 يوما فقط من رحيل بن علي عن تونس. وطالب رئيس المجموعة الاشتراكية في البرلمان باستقالة الوزيرة من منصبها، وندد آخرون من اليسار بهذا التصرف غير المسؤول ليخلصوا إلى القول إنها «لم تعد مؤهلة» للاستمرار في هذا المنصب. غير أن اليو ماري وباتريك أوليه لم يقفا مكتوفي الأيدي. الأولى أكدت أنها لن تستقيل بسبب «اتهامات خاطئة» مؤكدة أن الطائرة الخاصة لم توضع بتصرفها بل عرض عليها «مرافقة» عزيز ميلاد في رحلة لم تزد على عشرين دقيقة. أما الحجة الثانية التي لجأت اليها فهي أن رجل الأعمال التونسي «ليس من المقربين من عائلة بن علي» وتحديدا من بلحسن طرابلسي، شقيق ليلى طرابلسي، زوجة الرئيس التونسي المخلوع، بل إنه عانى من الأخير الذي فرض عليه الدخول في رأسمال شركة نقل جوي يمتلكها إذ اقتطع لنفسه منها حصة 20 في المائة وأن الحكومة التونسية الجديدة أعادت اليه كافة حقوقه.

ولا شك أن الجدل سيستمر بين اليو ماري والآخرين. لكن المشكلة أن من شأن استمراره إضعافها سياسيا وبالتالي إضعاف الصوت الفرنسي خصوصا وإرباك السياسة الفرنسية الخارجية في فترة بالغة الحساسية وخصوصا في منطقة تتسارع فيها التحولات السياسية بسرعة كبيرة.