مغاربة بينهم مدرسون مؤقتون وبائع متجول يحاولون حرق أنفسهم احتجاجا

دوافع اجتماعية وراء محاولات الانتحار والمصادر الرسمية تقلل من أهميتها

TT

حاول مغربيان أحدهما بائع متجول والثاني طفل، إضرام النار في جسديهما خلال وقفة احتجاجية ضد الغلاء أول من أمس أمام مقر محافظة مدينة سيدي سليمان، غير أن تدخل المشاركين في الاحتجاج أنقد حياتهما. وتضاربت الروايات بشأن محاولة مدرسين في الرباط حرق انفسهم أمام وزارة التعليم احتجاجا على عدم تثبيتهم في وظائفهم. وفي غضون ذلك قالت مصادر رسمية لـ «الشرق الأوسط» إنها «حالات فردية لا أهمية لها، وليس بينها رابط».

وفي التفاصيل قال مصدر في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان إن فرع الجمعية في مدينة «سيدي سليمان» (وسط المغرب) كان قد دعا لتنظيم الوقفة الإحتجاجية تحت شعار «جميعا ضد غلاء المعيشة وتدهور الخدمات». وانطلقت الوقفة بشكل عادي وسلمي في حدود الخامسة مساء، بمشاركة مجموعة من نشطاء الجمعية لا يتعدى عددهم ستة أشخاص، لكن سرعان ما التحق بها آخرون من مختلف الأعمار. وقدر عدد المشاركين في الوقفة الاحتجاجية بنحو 500 شخص. وكان المشاركون يرددون شعارات اجتماعية لكن سرعان ما رفعت شعارات سياسية تطالب بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد، كما ردد المشاركون وشعارات التضامن مع الانتفاضتين التونسية والمصرية. وبعد نحو ثلث ساعة من انطلاق الوقفة الاحتجاجية بادر بائع متجول كان ضمن المحتجين بإضرام النار في جسده. وأصيب المحتجون بحالة من الهلع والذهول، وسارع بعضهم إلى محاولة اخماد النار التي اضرمها الشاب في جسده، حيث بدأت تشتعل في ملابسه مستعملين معاطفهم والتراب، فيما حاول آخرون نزع ملابس الشاب رغم النيران المشتعلة فيها. وتمكن المحتجون من انقاذ البائع المتجول، ويدعى بن عيسى، 49 عاما، وهو حاصل على دبلوم تقني من أحد مدارس التكوين المهني.

ولم يكد المحتجون يسيطرون على النيران المشتعلة في جسد هذا الرجل، حتى ظهر شخص ثان، ويتعلق الأمر بطفل ماسح أحذية عمره في حدود سبع سنوات، كان يحمل قنينة وقود وولاعة. وسارع بعض المشاركين المشاركين في الوقفة الاحتجاجية إلى انتزاع الولاعة منه قبل أن يتمكن من إضرام النار في جسده، حيث لاذ بعد ذلك بالفرار. وبقي «الانتحاري» الأول ممددا على الأرض بعد إنقاذه في انتظار الإسعاف الذي تأخر نحو عشرين دقيقة، الأمر الذي أجج غضب المشاركين في الوقفة الإحتجاجية، وبدأ بعضهم يدعو إلى التصعيد واقتحام مقر المحافظة. إلا أن وصول سيارة الإسعاف ودعوات المنظمين إلى الهدوء والإنضباط مكنت من احتواء الغضب، وبدأ تفريق المحتجين في نحو الساعة السادسة والربع.وخلال المدة التي استمرتها الوقفة الإحتجاجية التزمت قوات الأمن الحياد التام ولم تتدخل في أي لحظة.

وتعاني مدينة سيدي سليمان أوضاعا صعبة نتيجة إغلاق مصانع السكر، التي كانت تشكل مع الأنشطة الزراعية أبرز قطاع لعمل لأبناء المنطقة. وزاد من حدة الأوضاع الإجتماعية في المدينة آثار الفيضانات التي عرفتها المنطقة خلال السنة الماضية.

وفي الرباط تضاربت روايات حول عملية انتحار أمام وزارة التربية التعليم اول من امس حيث بادر أربعة من المدرسين بينهم امرأة يطالبون بإدماجهم في وظائف حكومية على محاولة احراق أنفسهم، وأسفر الحادث عن إصابتهم بحروق متفاوتة الخطورة. وذكرت هيئة تطلق على نفسها«الهيئة الوطنية للاساتذة غير المدمجين بقطاع التعليم» في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه أنها ستمضي قدما «في أشكال تصعيدية غير مسبوقة حتى يتم تحقيق مطالبهم في التوظيف المباشر دون قيد أو شرط إسوة بباقي مجموعات أخرى».

وناشدت المجموعة العاهل المغربي الملك محمد السادس التدخل بإصدار تعليمات، لحل قضيتهم. واضاف البيان أن الأشخاص المصابين نقلوا على وجه السرعة إلى مستشفى ابن سينا بالرباط وأحدهم في حالة خطيرة، فيما قال مصدر من «الهيئة الوطنية للاساتذة غير المدمجين بقطاع التعليم» في اتصال هاتفي ان اثنين من الذين اصيبوا بجروح متوسطة غادروا المستشفى في حين أصيبت المرأة بحروق في وجهها، وبقي الشخص الرابع في المستشفى وحالته حرجة. وقال نفس المصدر أن قوات الأمن كانت قد تدخلت لتفريق المتظاهرين، مما دفع بهم إلى اقتحام مقر وزارة التربية والتعليم، والبقاء هناك مدة تزيد عن سبع ساعات تفاديا لأي احتكاك مع رجال الأمن، ونبه إلى أن حركتهم الاحتجاجية، ليست لها أية علاقة بابعاد سياسية.

وكانت وكالة الأنباء المغربية الرسمية بثت خبرا حول هذه الواقعة مفاده قصاصة أن شخصا «تعرض لإضرام النار في جسده بعد أن تم رشه بالبنزين من طرف أشخاص آخرين كانوا صحبته وذلك أمام مقر وزارة التربية التعليم في الرباط. وقد تم نقل الضحية إلى مستشفى ابن سينا بالرباط لتلقي العلاج، حيث أكدت مصادر طبية أن حالته الصحية لا تدعو للقلق والبحث جار لمعرفة ظروف وملابسات هذا الحادث».

يذكر أن المدرسين المؤقتين الذين يعلمون في مدارس حكومية لكن لم يتم توظيفهم بعد في وظائف ثابتة، يخوضون اعتصاما أمام وزارة التعليم التعليم منذ 20 أكتوبر (تشرين الأول) من السنة الماضية للمطالبة بالاستجابة لمطالبهم بالتوظيف النهائي، حتى يتسنى لهم العمل في الظروف نفسها وبالشروط التعاقدية لباقي المدرسين.