منظر الجماعة الإسلامية لـ«الشرق الأوسط»: الرافضون للحوار سيتسببون في حرق القاهرة والإخوان «أساتذة في الوثوب على الثورات»

مرشد «الإخوان» ينصب نفسه متحدثا باسم الشعب ويدعو «الانتفاضة المباركة» للصبر والثبات حتى رحيل النظام

صدامات عنيفة في ميدان التحرير بين المحتجين الذين يطالبون منذ تسعة ايام برحيل مبارك ومؤيدين له اقتحموا الساحة على صهوة خيول وجمال (أ ب)
TT

في خطوة تصعيدية جديدة من جانبه، دعا مرشد جماعة الإخوان المسلمين، الدكتور محمد بديع، المحتجين بمصر ضد السلطات، إلى الصبر والثبات لإنجاح ما سماه «الانتفاضة المباركة»، إلى أن يرحل النظام الحاكم برئاسة الرئيس حسني مبارك، على الرغم من استجابة مبارك لعدد من مطالب المحتجين، وبدا أمس، حسب مراقبين، أن المرشد نصَّب نفسه متحدثا باسم الشعب، بقوله «إن الشعب المصري، بكل فئاته، يرفض التفاوض مع النظام الحاكم»، محذرا مما سماه محاولات البعض القيام بـ«تثبيط الهمة».

وقال منظر الجماعة الإسلامية الدكتور ناجح إبراهيم لـ«الشرق الأوسط» إن الرافضين لدعوة الحوار التي عرضها عليهم النظام المصري «يسعون للفوضى وسيتسببون في حرق القاهرة»، مشيرا إلى أن الإخوان «أساتذة في تحريك الشارع والوثوب على الثورات» وبينما كان الضحايا يتساقطون في الاشتباكات التي استمرت في عدة محافظات بين مؤيدي المحتجين ومؤيدي نظام مبارك وحزبه، أصدر مرشد الإخوان بيانا، زعم فيه أن «الشعب المصري يأبى أن يقرر هذا النظام (الحاكم) مصيره»، قائلا إن «الشعب يرفض كل الإجراءات الجزئية التي طرحها رأس النظام في حديثه ليلة أمس (الأول)، ولا يقبل برحيل النظام بديلاً». وحمل بديع في بيانه «رأس النظام ورموزه المسؤولية الكاملة عما حدث للشعب من قتل المئات وإصابة الآلاف واعتقال آلاف غيرهم وتخريب الكثير من المؤسسات والمرافق والممتلكات العامة والخاصة، التي ينبغي أن يحاكموا عليها».

وقال بيان المرشد بديع: «إننا لنقدِّر كل التقدير دور الشعب المصري البطل الذي استمرت جولته ومسيراته منذ يوم الثلاثاء 25/1/2011، وكانت أمس المسيرة التي تعد من أعظم المسيرات في تاريخ العالم، والتي بلغ تعداد المشاركين فيها عدة ملايين على مستوى الجمهورية، والتي تجلت فيها ومنها الإرادة الشعبية الحقيقية التي تثبت أن كل الانتخابات التي أجراها النظام إنما هي انتخابات مزورة اغتصب بها مشروعية كاذبة مزيفة».

وجدد مرشد جماعة الإخوان، في بيانه شديد اللهجة، رفضه للمبادرة التي أطلقها الرئيس مبارك بعدم الترشح في انتخابات الرئاسة وإصلاح مواد الدستور وإعادة الانتخابات البرلمانية في الدوائر التي يبطلها القضاء، كما جدد المرشد رفضه لأي حوار مع السلطات، قائلا إنه «رغم هذه الجماهير الثائرة الهادرة التي شقت حناجرها فضاء الأفق ووصلت إلى عنان السماء؛ خرج علينا رأس النظام ليؤكد تمسكه بالسلطة واستمراره في المنصب بمنتهى الصلف والعناد ضاربًا مصلحة الشعب والوطن، بعرض الحائط غير عابئ بالخسارة والخراب والقتل والدمار الذي قامت به قوات الأمن والبلطجة التابعة لحزبه الفاسد، طالبًا فرصة ستة أشهر ليقوم بالإصلاح، فهل يمكن أن يصدقه أحد».

ومضى مرشد الإخوان المسلمين قائلا إن جماعته (الإخوان) «يعتمدون مبدأ الحوار الحر المتكافئ مع كل الأطراف من أجل تحقيق المصالح العليا للوطن»، إلا انه أضاف أن «إصرار النظام على المضي قدمًا في العناد والتصلب في رفض مطالب الجماهير يجعل الشعب بكل فئاته يرفض التفاوض مع من يريد الالتفاف حول انتفاضته ليجهضها ولا يستجيب لمطالبها، الأمر الذي يجعل مثل هذا الحوار غير جاد وغير منتج، ومن ثم فإننا نرفض التفاوض معه».

وقال المرشد محمد بديع إن النظام «يراهن على الوقت ويسعى إلى تيئيس الشعب من تحقيق أهدافه حتى ينصرف عن انتفاضته المباركة، ولذلك ينبغي أن نتذرَّع بالصبر، ونعتصم بالثبات، ونستعين بالله، ونحذر من المثبطين الذين يدعون الناس إلى الانصراف، ولا يفتّ في عضدنا المظاهرات الهزيلة المصنوعة التي يسيرها فلول النظام»، في إشارة إلى خروج آلاف من المؤيدين للرئيس مبارك.

ودعا مرشد الإخوان المصريين للخروج بالملايين ضد النظام الحاكم، وقال: «إذا كان هدير صوت الجماهير لم يصل إلى آذان النظام الصماء، فينبغي أن يتكرر وأن يعلو، وأن تتضاعف الملايين في المرات القادمة حتى يزول الباطل وينقشع الظلم والظلام، وتعود للشعب سيادته وكرامته وحقوقه».

ورغم الاعتقاد بعدم الظهور الواسع لعناصر جماعة الإخوان المسلمين في بداية المظاهرات الاحتجاجية التي انطلقت في مصر منذ يوم الثلاثاء الماضي، أكد محمد مهدي عاكف، المرشد العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين، أن الإخوان اشتركوا في مظاهرات الغضب من أول يوم اندلعت فيه وحتى الآن، قائلا: «نحن لم نرد أن نظهر في الاحتجاجات لأننا لا نريد سلطة ولم يرفع أحد من أعضائنا شعارات إسلامية لأننا نريد الإصلاح ولسنا نريد مكاسب شخصية». وأضاف، خلال حوار مع قناة «العربية»، «أن الواقع في مصر يطالب برحيل الرئيس مبارك». وعلى عكس موقف جماعة الإخوان المتشدد تجاه النظام المصري، انتقد منظر الجماعة الإسلامية الدكتور إبراهيم جماعة الإخوان ولغة بيانهم أمس الموقع باسم مرشد الإخوان، حيث قال إبراهيم إن الإخوان «أساتذة في تحريك الشارع والوثوب على الثورات، وهذا قد يضر بهم. وفي النهاية دائما الثورات هي التي تضر بهم»، مشيرا إلى أن ما أعلنه الرئيس مبارك يمثل 90% مما طلبه المتظاهرون، لأنه «تضمن انتهاء حكمه وفيه انتهاء التوريث وانتهاء عصر الخصخصة الفاسد وبدء تعديل الدستور». وتساءل الدكتور إبراهيم: «ماذا نريد بعد ذلك.. هل نريد الفوضى أم نريد إذلال الرئيس.. هذا رجل قاتل من أجل مصر 30 عاما. أقول ذلك وأنا سجنت في عهده مع الاخوة في الجماعة الإسلامية، أكثر من عقدين من الزمان».

وقال إبراهيم: «على الشباب (المحتجين) أن ينصرفوا (لبيوتهم) لأن هذا يمكن أن يؤدي إلى شرعية الفوضى وهي أسوأ من شرعية دستورية فاسدة، مشيرا إلى اللغة المتشددة للإخوان ورفضهم لبيان مبارك أو الحوار مع حكمه، بأن «هذه اللغة تطلب المستحيل، ولا ينبغي أن نزايد على الممكن.. لا نريد أن نكرر حريق القاهرة. الفوضى ستضيع الجميع. الإخوان أيدوا ثورة 23 يوليو وكانت سببا في إنهائهم. لا ينبغي أن يرفض الإخوان دعوة الحوار. يمكن أن يتسببوا في انقلاب عسكري أو حريق للقاهرة (كالذي حدث عام 1952). وكشف إبراهيم عن أن 12 من قيادات الجماعة الإسلامية في السجون رفضوا الهروب وسط الفوضى التي عمت السجون المصرية في الاحتجاجات. ومن جانب آخر نفت جماعة الإخوان أمس ما ذكرته تقارير إخبارية أميركية عن أن أحد الدبلوماسيين في السفارة الأميركية بالقاهرة عقد لقاء سريا مع أحد قادة حركة الإخوان المسلمين، قبل يومين.

وقالت شبكة فوكس نيوز الإخبارية الأميركية «إن محور اللقاء كان حول مستقبل مصر بعد إعلان الرئيس مبارك عدم ترشحه للرئاسة»، مشيرة إلى أن هذه الدعوة جاءت وسط التهم الموجهة إلى إدارة أوباما من القاهرة بأنه يحرض المتظاهرين لتحطيم الوطن واستهداف نظام مبارك أكبر حليف في الشرق الأوسط معها.

ورد الدكتور محمد مرسي، عضو مكتب الإرشاد، المتحدث الإعلامي باسم الإخوان المسلمين: إن الخبر عارٍ تمامًا من الصحة ولا يمت للحقيقية بأي صلة، وأنه محاولة خبيثة للوقيعة بين القوى السياسية المنادية برحيل النظام المصري، موضحًا على موقع الجماعة على الانترنت أن هذا الخبر وراءه أصابع أمنية واضحة ما زالت تحاول العبث بمصر، على حد قوله.