«الرحاب».. محمية سكنية خاصة في القاهرة لا تخضع لحظر التجول

حمت نفسها من البلطجية والخارجين على القانون وسلمت 50 منهم للجيش

TT

عليك أن تعبر ما لا يقل عن 6 نقاط تفتيش عسكرية قبل الوصول إلى مدخل مدينة الرحاب، إحدى ضواحي القاهرة على أول طريق السويس، كما لابد أن يتم التأكد من هويتك ووجهتك وأسباب توجهك إلى المدينة إذا ما قررت الذهاب إليها، عبورا بعشرات الدبابات والمدرعات لتأمين أكبر تجمع سكاني خاص في القاهرة الجديدة.. فترات عصيبة عاشها سكان المدينة على مدار الأيام العشرة الماضية وسط عشرات الشائعات لاحقت المدينة الخاصة، كان أكثرها قسوة ما أشيع عن أن المدينة دمرت ونهبت على بكرة أبيها، وأن الدمار والسلب والنهب شمل كافة مناطقها الترفيهية والسكنية، ومنطقة المطاعم التي كانت قبلة لسكانها والزائرين من مختلف ضواحي القاهرة .

«الشرق الأوسط» رصدت حقيقة هذه الشائعات وجالت شوارع المدينة لتعرف ماذا حدث بالضبط. عدلي جوزيف، مدير المجموعة العالمية للمطاعم ميركاتو ايطاليانو يقول: «في أول يوم كانت الأوضاع متوترة للغاية وكان كل السكان في حالة هلع كبيرة، وساهمت الشائعات بشكل مبالغ فيه في توتر الأجواء في المدنية، وكل الناس نزلت أمام بيوتها لحماية المدينة، وتم تنظيم الورديات في كل منطقة، حسب التوزيع الجغرافي للمدينة، وبالفعل استطعنا على مدار أول يومين الإمساك بأكثر من 15 شخصا من الخارجين على القانون كانوا هاربين في الصحراء من السجون، حيث تمكنا من شل حركتهم وتسليمهم الى قوات الجيش». وعن وضع الأجانب بالمدينة يضيف جوزيف: الأجانب والعرب الموجودين محميون بنا تماما، وبالتعاون مع قوات الجيش، خاصة أن العديد من الروس يقطنون هنا في المدينة معنا وكانت قد انتابتهم حالة من الرعب الفظيع ومن خلال تأميننا للمدينة استطعنا إعادة بث الطمأنينة في نفوس الجميع». وتعد منطقة المطاعم أو(الفود كورت) هي أكثر المناطق التي تعمل بكامل طاقتها في المدينة ويتجمع فيها السكان لمشاهدة الشاشات ومحطات الأخبار بشكل يومي، ويمكننا استثناء مدينة الرحاب من حظر التجول، بسبب كونها مدينة مغلقة على ساكنيها، وإن كانت اللجان الشعبية التي أسسها السكان فيما بينهم لحماية المدينة من الداخل والخارج تبدأ في مناوبات العمل فيما بينها مع بداية حظر التجوال المتعارف عليه في القاهرة، ويقول محمد شوقي أحد سكان الرحاب: «لقد قمنا فيما بيننا بوضع علامات مميزة لساكني الرحاب على سيارات السكان بحيث نعرف أي سيارة دخيلة علينا بالإضافة إلى تعليمات سرية فيما بيننا عند كل نقطة تفتيش، من أهمها أن يكون الشخص القادم مشعلا لنور الصالون الداخلي للسيارة، وهذا يعني أنه عنصر آمن من نقطة التفتيش السابقة التي عبر منها إلينا». ويشير قائلا إلى أن العديد من الحكايات يمكن أن تروى عن أيام الهلع والخوف التي عاشتها المدينة منذ بداية الأزمة في الخامس والعشرين من يناير الماضي، ولعل ابرز هذه الحكايات محاولة تسلل بعض اللصوص من خلال موتسكيلات أو من خلال حافلات مدينة الرحاب التي تنقل الزوار من الخارج إلى داخل المدينة، حيث تم القبض على الكثير من العناصر المخربة على البوابات حاولوا التسلل إلي المدينة من خلال منطقة الرحاب 2 والتي مازالت تحت الإنشاء، حيث قاموا بمحاصرة كافة مداخل هذه المنطقة لوعورتها ووجودها في عمق الصحراء.

أما أسوأ واقعة فهي ما تقول عنها نورهان نبيل – من ساكني الرحاب: «لقد فوجئنا في احد الأيام برجل يرتدي الزي العسكري - ويأتي ألينا في المول التجاري ويقول لنا إن هناك ضرب نار في منطقة التسوق رقم 2 وعلينا الهروب وعلى الرجال التوجه لهناك لمعرفة ما يحدث، وهو سيقوم بمتابعة الموقف هنا، أمام أحد المحلات المشهورة، لكن الملحوظة التي شاهدها أحد الشباب الواقفين أن رجل الجيش المزيف شعره طويل!! فصرخ بأعلى صوته ده حرامي ومندس علينا امسكوه، وبالفعل كل من كان في المول انقض على الرجل وأوسعوه ضربا وسلموه إلى رجال الجيش المرابطين على مداخل المدينة، وتبين أنه احد المسجلين الخطر!».

كما يحكي ماجد رؤوف، أحد السكان قائلا: «امسكنا بمجموعة من الخارجين على القانون على بوابة 6، وكان عددهم 3 جاؤوا على موتسكيلات لاستطلاع الأمر!! وما إذا كانت المدينة مؤمنة أم لا، وحينما أردنا إيقافهم للتحقق من شخصياتهم هربوا، فأطلق النار في الهواء أحد عناصر الشرطة التي كانت معنا من سكان المدينة، فتوقفوا مذعورين وتم القبض عليهم». فيما يشير محمد شوقي، ساكن آخر، إلى أن كل العمارات والفلل حتى الخالية من سكانها بحكم سفرهم للخارج، مؤمنة تماما «فلم نترك شارعا أو منطقة في الرحاب غير مؤمنة وعليها متاريس ونقاط تفتيش شعبية من أهالي المدينة، بل على العكس شعرنا أن مسؤوليتنا تجاه هذه الأماكن اكبر من المناطق المسكونة، لأنها أموال ناس ومش ذنبهم عدم وجودهم في مصر، لذلك فهي أمانة عندنا يجب الحفاظ عليها». وأشار رامي محمود من سكان الرحاب إلى أن قسم المدينة بها يعمل بكامل طاقته منذ الأمس قائلا: «يمكننا القول إن الأمن التام بدأ يعود للمدينة بالكامل، حيث بدأ قسم مدينة الرحاب يعمل بكامل طاقته ونزلت الدوريات وسيارات الشرطة الي شوارع المدينة جنبا إلى جنب مع الشباب وقوات الجيش المتركزة على حدود المدينة، وهذا ساعدنا كثيرا على التحرك بحرية أكبر». ولم يقتصر التأمين الكامل التي عاشته المدينة في فترة العشرة أيام الماضية على ساكنيها، بل إن العاملين في المدينة كذلك رفضوا أن يتركوا المدينة في أوقات حظر التجول وفضلوا المبيت داخل محالهم وهو ما ساعدهم أيضا على تقديم الخدمات المتنوعة لهذه المحال لسكان المدينة. وينفي سكان المدينة من الشباب والشابات أن يكونوا في معزل عن الحراك السياسي الذي تعيشه مصر، حيث أكد محمود وشادي ونادين من شباب المدينة أنهم نظموا مسيرات احتجاج في المدينة يوم 25 يناير، ولكنها كانت مسيرات سلمية تماما ولم يكن بها أي عنف. وتعد مدينة الرحاب اكبر مدينة سكنية يقيمها القطاع الخاص في مصر على مساحة 6 ملايين متر مربع، ويقطنها أكثر من 30 ألف ساكن، ويقيم بها عدد كبير من الجاليات الأجنبية والعربية في مصر فضلا عن عدد كبير من المشاهير من رجال السياسة والفن ورجال المجتمع.