بعد 5 أيام من الظلام الإلكتروني: «مصر أون لاين»

معركة «الفيس بوك وتويتر» تشتعل من جديد.. وتيار التهدئة يضرب بقوة

سيدة منتقبة تحمل حجارة قبل اندلاع حالة من «العنف الفوضوي» بميدان التحرير امس (ا ب)
TT

بعد خمسة أيام من الانفصال التام عن العالم الخارجي الكترونياً، عاشت خلالها مصر في ظلام معلوماتي حالك.. عادت شمس الانترنت لتشرق من جديد في سماء مصر، حيث قررت الحكومة المصرية إعادة تشغيل الخدمة مرة أخرى في تمام الساعة الحادية عشرة صباح أمس الأربعاء.

وعاد موقعا التواصل الاجتماعي الشهير «الفيسبوك»، و«تويتر»، إلى العمل مرة أخرى بصورة جيدة من دون أي معوقات. ولوحظ مع بداية العمل على هذه المواقع أقبال شديد عليها من قبل عدد كبير من المستخدمين، واشتعلت معركة جديدة على الفيس بوك وتويتر من جانب منظمي الاحتجاجات.. لكن الجديد هو عدم ترك الساحة إليهم كما كان من قبل، بل انتشر تيار قوي يدعو إلى التهدئة والاكتفاء بما تقدم من حلول للخروج من الأزمة المصرية.

وكانت الخدمة قد تم قطعها عن مصر فجر يوم الجمعة الماضية مع الإعلان عن انطلاق مظاهرات عرفت بـ«جمعة الغضب»، تزامنت مع إغلاق كل خطوط التليفون المحمول، من أجل قطع كل أشكال التواصل بين منظمي المظاهرات، وبعد يومين تم أيضاً منع قاعدة استقبال الانترنت عبر الساتلايت.

لكن رئيس الوزراء الجديد الفريق أحمد شفيق أكد في تصريحات إعلامية له مساء الثلاثاء الماضي قرب عودة الانترنت خلال الساعات القليلة الماضية.

وعاش مستخدمو الانترنت فرحة كبيرة وغامرة مع عودة التواصل مرة أخرى، وعبر المستخدمين عن سعادتهم بكتابة جمل قصيرة مثل «كفارة، ألف مبروك، حمد الله على السلامة». وقالت الهام عبده، 20 سنة «زي ما يكون الواحد كان في غربة ورجع تاني، هي فعلا خطوة مبشرة». وقال أحمد حسنين «هو بمثابة خروج من اعتقال قصري لجميع طوائف الشعب المصري»، لكن الشاب محمد إبراهيم تشكك في الأمر قائلاً «مرد هذه الخطوة هو فقط من أجل عودة الناس إلى بيوتها وأن يتركوا ساحة ميدان المظاهرات». وأشارت نهى الأمير إلى «أن قطع الانترنت كان جريمة تضاف إلى جرائم النظام، يجب أن يحاسب عليها، لكن يبقى عودة تشغيله خطوة جيدة». ومنذ بدأ تشغيل الخدمة، بدأت الحرب الالكترونية ودعوات التظاهر السياسي تشتعل مرة أخرى على المواقع الاجتماعية. لكن الجديد فيها هو عدم انفراد القوى الشبابية التي دعت إلى إسقاط نظام مبارك والتظاهر ضده بساحة هذه المواقع. بل ظهرت قوى شبابية أخرى تابعة للحزب الوطني وثانية غير مسيسة أصلاً، تدعو إلى التهدئة وسماع صوت العقل، مع الاكتفاء بما قدمه مبارك شخصيا من تنازلات هي ليست بالقليلة برأيهم، ويجب الوقوف عنده حفاظا على أمن مصر.

ونشرت صفحة «كلنا خالد سعيد» على الفيس بوك، دعوة تقول «فهموا أصحابكم وأهلكم أن فيه 300 شهيد و500 مفقود، النظام سفاح مينفعش نصدقه ولازم يمشي دلوقتي مش كمان 8 شهور.. شباب مصر عنيد مبيخفش.. مفيش حاجة ممكن تكتم صوتنا». وقال ناشطون على تويتر «النظام لم يقدم أي شيء حتى الآن.. لا تصدقوا إدعاءاته الكاذبة.. هم فقط يلملمون شتاتهم تمهيدا لقمع غير مسبوق». «إلى كل الشرفاء بيتنا الآن هو ميدان الحرية.. التحرير سابقا.. ياللا انزلوا.. مصر محتاجانا». بالإضافة إلى دعوات مكثفة من كل القوى المعارضة للمشاركة الواسعة في مظاهرات «جمعة الرحيل» والمطالبة بنشرها. وفي المقابل تعاطف العديد من الشباب مع خطاب الرئيس مبارك أمس وقرروا مواجهة الداعين للتظاهر وبنفس أسلوبهم. حيث وجه العديد من مستخدمي الفيس بوك دعوات للتهدئة والاكتفاء بما حققه المصريون من نجاح في التغيير. وقالت بسنت رمضان «إن كسرة العزيز تبقى قوية حتى ولو كان ظالما، ولذلك لا لإهانة رمز مــصر، طلبنا حقوقا وفي طريقها للتنفيذ، ويجب ألا يكون هناك أي تطاول علي شخص الرئيس». كما تم إرسال مئات الرسائل مضمونها «مبارك أمان لمصر». وقالت أماني «كفاية، البلد بتولع وتنهار، وإلا فإن إسرائيل تدخل تعسكر هنا، أنتوا عايزين إيه بالضبط ما الراجل قال لكوا ماشى ومش قاعد، بصراحة كده أوفر». ويستخدم موقع فيسبوك نحو 20 مليون مصري على الأقل، وهو من المواقع التي عول عليها المحتجون للتجمع والخروج للمظاهرات في شوارع البلاد والمناداة بإصلاحات سياسية واجتماعية واسعة، أثمرت عن استجابة الرئيس مبارك لتعديلات دستورية وإصلاحات أخرى. وقد أثرت انقطاع خدمة الانترنت بقوة على أداء قطاعات وشركات اقتصادية هامة في الدولة، حيث أصيبت التعاملات بين الأفراد والشركات والبنوك في تلك الفترة بشلل تام، أوقع خسائر كبيرة وتأجيل في كثير من الأعمال. يتم تقديرها حاليا، وإن كانت تتجاوز تقديراتها الأولية المليارات.