الإعلام الغربي يخصص صفحات للمظاهرات المصرية

مع ارتفاع نبرة الدوائر السياسية الغربية ومطالبتها بالتغيير الفوري

TT

الاحتجاجات المصرية سبقتها تلك التي اطاحت حكم الرئيس التونسي زين الدين بن علي والتي سميت بثورة «الياسمين». لكن الحالة التونسية لم تستحوذ على نفس الاهتمام والتغطية الاعلامية التي اعطيت للمظاهرات المصرية، بالرغم من ان الأولى كانت الشرارة التي اشعلت الشارع المصري، كما جاء ذلك على لسان المشتركين فيها والعديد من المعلقين. هذا الاهتمام الاعلامي، خصوصا في بريطانيا والولايات المتحدة، جاء ليعكس الاهتمام السياسي في لندن وواشنطن بما يجري في مصر، خصوصا مع بدء الحديث عن الاتفاقيات الدولية التي ترتبط بها مصر مع اسرائيل وما قد يعني ذلك سياسيا لمنطقة الشرق الأوسط في حالة وصول قوى سياسية قد تأخذ موقفا مغايرا لم قامت به حكومة الرئيس المصري حسني مبارك استكمالا لما بدأته حكومة الراحل انور السادات. الاهتمام السياسي البريطاني الاميركي كان لا بد ان يعكس حجمه في وسائل الاعلام. القيادة الاميركية عقدت اجتماعا على اعلى المستويات حضره الرئيس باراك اوباما ونائبه بايدن وبعض خبراء شؤون الشرق الأوسط وبعض المسؤولين الأمنيين لمناقشة الوضع في مصر. لقد حدثت في الاشهر الاخيرة عدة احتجاجات حول العالم مثل بورما والصين، الا ان هذه لم تحظ بنفس الاهتمام الذي حظيت به المظاهرات المصرية، خصوصا بعد ما اصبح يطلق عليه بحائط برلين العربي، اي ان هذه الاحتجاجات قد تتبعها اخرى قد تعصف بمنطقة الشرق الأوسط مثلما حدث عام 1989 بعد سقوط حائط برلين بين شقي المدينة الشرقي والغربي.

تغطية القنوات التلفزيونية لم تكن هي الاخرى اقل اهمية. لقد زجت «بي بي سي» والقناة الرابعة بعدد من اهم معلقيها الى مصر، منهم جرمي بوينز وجورج الغايا (بي بي سي) وجون سنو (القناة الرابعة) اضافة الى طاقم كبير من الصحافيين الذي يبعثون بتقاريرهم الميدانية على مدار الساعة لهذه القنوات. صحيفة «الفايناشال تايمز»، التي تتجه في تغطيتها الى الامور المالية، جاءت صفحاتها وتحليلاتها لتعكس هذا الاهتمام الاعلامي في الحالة المصرية ولم يكن ذلك محصورا بمقالات عن الاوضاع المالية وخسائر السوق المالي المصري فقط، مع ان هذه اعطيت حقها في التغطية. وفي الامس جاءت المظاهرات المصرية في موضوعها الرئيسي وعلى الصفحة الاولى تحت عنوان «مبارك يتحدى المتظاهرين». كما انها خصصت بما لا يقل عن خمس صفحات تنوعت في تغطيتها وتحليلاتها بين السياسي الاستراتيجي ومستقبل عملية السلام الى المالي والاعلامي. وفي افتتاحيتها كتبت الصحيفة تقول ان القلق الاسرائيلي من الاحداث المصرية شيء مفهوم، لكن لا داعي من اي خوف على المفاوضات بين العرب واسرائيل، لان تلك الاحداث، اي المفاوضات سابقا، لم تدفع بمئآت الاف الى الشوارع. ان مطالب المتظاهرين جاءت لتعكس طموحاتهم السياسية في التغيير. الاستثاء في الصحافة الرصينة جاء لتعكسه «ديلي تلغراف» المعروفة توجهاتها اليمينية. وبالامس ورغم تفاقم الازمة الا ان تغطية الصحيفة جاء في الصفحة الرئيسية تحت عنوان «مبارك يعد بأن يتنحى بعد ضغط من اوباما». اما صحيفة «التايمز» فقد خصصت هي الاخرى عددا من الصفحات للمقالات التحليلية واعمدة الرأي. وجاءت التغطية في الصفحات الداخلية لتتبع ما ابرزته الصحيفة على صفحتها الاولى بمقال لا ثان له تحت عنوان «الوداع الطويل لمبارك». التغطية في الصحف البريطانية الرصينة الاخرى جاءت متميزة، خصوصا صحيفتي «ذي غارديان» و«الاندبندنت» المعروفتين بتوجهاتهما الليبرالية (يسار وسط). «الاندبندنت» تميزت بصورتها على الصفحة الأولى والتي لم تحمل اي عنوانا، وجاءت بالأسود والأبيض، وتظهر ميدان التحرير مكتظا برؤوس المتظاهرين المتراصين جنبا الى جنب من دون وجود اي فراغات بينهم. وفي الداخل خصصت عددا من الصفحات بدأتها بمقالتها الرئيسية تحت عنوان «علمانيون ومتدينون، اثرياء وفقراء: جنبا الى جنب لهدف واحد». اما صحيفة «ذي غارديان» فقد خصصت عددا من الصفحات بدأتها بمقالها الرئيسي على الصفحة الاولى تحت عنوان «السلطة للشعب: اخيرا خضع مبارك للمحتوم». وعلى الصفحة ايضا جاءت العناوين لتعكس حالة المواجهة بين الطرفين وذلك من خلال «الرئيس المصري ما زال رافضا ويقول انه سيبقى حتى الانتخابات المقبلة». وفي مقابل ذلك يرد عليه احد المتظاهرين تحت عنوان «كيف يجرؤ ان يتكلم معنا وكأننا اطفال». وفي الداخل خصصت عددا من الصفحات بصور معبرة للمتظاهرين مع آراء عدد من الكتاب المتخصصين بشؤون الشرق الأوسط، منهم الكاتبة المصرية اهداف سويف. اما في الولايات المتحدة فقد جاء العنوان الرئيسي لصحيفة «نيويورك تايمز» على نسختها على الانترنت ليعكس اخر الاحداث حول الاشتباكات بين المتظاهرين والمؤيدين للرئيس مبارك. ويتبعه اخر بموقف الجيش المصري الذي ينصح فيه المتظاهرين بالرجوع الى بيوتهم تحت عنوان «العسكر ينصحون الناس بالرجوع الى بيوتهم». كما انها خصصت عددا من المقالات حول الاوضاع بشكل عام في منطقة الشرق الأوسط خصوصا في اليمن. كما تناولت احدى المقالات الاحراج الدبلوماسي بسبب محاولة واشنطن الدفع باتجاه ان يتم التغيير في مصر حالا وبدون اي تأخير، اي انها تخلت عن احد حلفائها. اما صحيفة «واشنطن بوست» فحاولت ان تقارن بين ما يحدث في مصر وما حدث في ايران بعد اطاحة حكم الشاه. وعلى الصفحة الاولى اظهرت صورة للرئيس مبارك واخرى للراحل شاه ايران تحت عنوان «الهيجان في مصر يأخذ منحنى خطير».