العاهل الأردني خلال لقاء مع الإسلاميين: مسيرة الإصلاح الشامل ضرورة حتمية

بخيت يواصل مشاوراته لتشكيل الحكومة. والجبهة الإسلامية ترفض المشاركة وتدعو للحراك الشعبي

العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني اثناء اجتماعه مع وفد من حزب جبهة العمل الاسلامي الذراع السياسي لجماعة الأخوان المسلمين في الأردن أمس (إ.ب.أ)
TT

أكد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ضرورة تكاتف جهود الجميع في الأردن، حكومة وبرلمانا وأحزابا ومؤسسات المجتمع المدني كافة، من أجل المضي قدما في مسيرة الإصلاح الشامل، الذي يشكل ضرورة حتمية لبناء المستقبل المشرق الذي يستحقه الأردن. وشدد الملك عبد الله الثاني، خلال لقائه أمس وفدا من قيادات جماعة الإخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الإسلامي، على أهمية أن يعمل الجميع معا من أجل اتخاذ خطوات عملية وفاعلة وملموسة لتحقيق التقدم اللازم في عملية الإصلاح السياسي، الذي يزيد من مشاركة المواطنين في صناعة القرار، ولأن الإصلاح الاقتصادي، الذي يجب أن يستمر لضمان العيش الأفضل لجميع المواطنين، لن يصل مداه المطلوب من دون الإصلاح السياسي، الذي أكد عليه كتاب التكليف للحكومات المتعاقبة.

وبدورهم، أكد ممثلو جماعة الإخوان المسلمين وجبهة العمل الإسلامي، أنهم جزء من الوطن وحريصون عليه. وعرضوا خلال اللقاء آراءهم حول مختلف القضايا وكيفية التعامل معها.

وذكر بيان للديوان الملكي الأردني، أن الملك عبد الله الثاني أشار خلال اللقاء إلى أن مسيرة الإصلاح الشامل تعثرت وتباطأت، مما كلف الوطن فرصا كثيرة نتيجة تقديم البعض المصالح الشخصية على المصلحة العامة والمناكفات ضيقة الأفق، والخوف من التغيير والتردد في اتخاذ القرار من قبل العديد ممن تولوا المسؤولية العامة. وأوضح أن رؤيته الإصلاحية التحديثية التطويرية الشاملة يجب أن تترجم عبر خطوات عملية إلى واقع ملموس يعيشه جميع الأردنيين، عبر سياسات إصلاحية جادة تستهدف مصلحة الوطن، ولا تتراجع أمام ضغوطات القوى التي لا تريد الإصلاح، حماية لمصالحها الشخصية، وتقاومه انطلاقا من أجندات خاصة وحسابات ضيقة. وقال إنه يتوقع من الحكومة الجديدة أن تباشر، فور بدئها حمل أمانة المسؤولية، في تنفيذ التوجيهات التي احتواها كتاب التكليف، وخصوصا وضع آلية مؤسسية لإطلاق حوار وطني شامل ممنهج، تتمثل فيه جميع مكونات المجتمع للتوافق على قانون انتخاب يعزز الهوية الوطنية الجامعة، ويشجع العمل الحزبي البرامجي، وبحيث يكون التنافس في الانتخابات على أساس البرامج والأفكار. وأكد عبد الله الثاني ضرورة أن يتم خلال الحوار التوافق على كل الإجراءات اللازمة للمضي قدما في مسيرة التنمية السياسية، وإدخال التعديلات اللازمة على كل القوانين الناظمة للعمل السياسي والمدني، لضمان البيئة الكفيلة بتطور العمل الحزبي القادر على محاكاة واقع المواطنين، واستقطاب المؤيدين على أساس الرؤى والبرامج. وقال «لا بد من مناقشة جميع قضايا الوطن بانفتاح وشفافية ووضوح كامل، من خلال الحوار المتواصل والمرتكز إلى المعلومات والحقائق مع أبناء الوطن». وشدد على أن الفساد آفة يجب محاربتها عبر تعزيز البنية المؤسسية وضمان تطبيق القانون على جميع من يثبت تورطه فيه، مشيرا إلى أن لا غطاء لأحد وأنه يجب اتخاذ أقصى الخطوات القانونية بحق من يثبت ارتكابه لأي نوع من أنواع الفساد. وأشار إلى أن رؤيته واضحة حول حتمية الإصلاح والتحديث في كل جوانبه، وإلى أن الإصلاح إرادة أردنية لأن مصلحة الوطن والمواطن يتطلبان أن يتوفر لجميع أبناء الوطن فرصة المساهمة في البناء على إنجازاته الكبيرة والمشاركة في مسيرة الوطن التنموية الشاملة، وتوفير كل الإمكانات والتأهيل والتدريب التي تمكنهم من الإنجاز والتقدم.

وجاءت لقاءات عبد الله الثاني التي شملت أيضا رئيس مجلس الأعيان طاهر المصري والمكتب الدائم ورؤساء اللجان في المجلس وكتلا نيابية ونوابا مستقلين، بينما واصل رئيس وزرائه المكلف معروف البخيت مشاوراته لتشكيل الحكومة المتوقع أن يعلن عنها في منتصف الأسبوع المقبل. وأكد البخيت أن الحكومة جادة في محاربة الفساد، وأن لا حصانة لأي قضية فساد وسيبدأ في فتح القضايا التي أثيرت التساؤلات حولها إبان حكومته الأولى خصوصا قضية الكازينو، مشيرا إلى ضرورة الاهتمام بدور الأردن الإقليمي في ضوء المتغيرات على الساحة، والانفتاح على جميع الفعاليات المجتمعية والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني.

وأشار إلى أهمية الشراكة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية من أجل التوصل إلى حلول تعالج مختلف التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجه الأردن في هذه المرحلة. وقال البخيت إنه يسعى إلى تشكيل حكومة تحقق العدالة من أصحاب الخبرة والكفاءة والنزاهة والقدرة على التواصل مع المواطنين. وأكد مجددا ضرورة إجراء الإصلاحات السياسية والاقتصادية والإدارية موضحا أن الأمر يتطلب إجراءات سريعة وفورية ملموسة.

وأضاف أنه سيواصل حوارات مع كافة مؤسسات المجتمع المدني والقوى الوطنية والاجتماعية حول مختلف القوانين الناظمة للعمل السياسي للوصول إلى قواسم مشتركة حول المفاصل الأساسية في حزمة هذه القوانين.

وأعلن البخيت أنه سيعمل على إحالة قانون الاجتماعات العامة إلى مجلس النواب خلال هذه الدورة البرلمانية لإجراء التعديلات اللازمة عليها ليكون قانونا عصريا، مؤكدا أن كافة ما طرح خلال لقاءاته من قضايا سيتم أخذها في الاعتبار في اختيار الوزراء وفي برنامج عمل الحكومة.

وكان البخيت قد التقى الليلة قبل الماضية قيادة الحركة الإسلامية، للتأكيد على أهمية بناء جسور التواصل الدائم والممنهج «لتحقيق غايات الحوار الوطني المطلوب في خدمة مسيرة الإصلاح السياسي وبالإفادة من كافة الآراء والخبرات التي تثري العملية الديمقراطية». وقال إن المرحلة المقبلة تتطلب تشديد أطر التواصل وبناء علاقات تشاركية قائمة على أساس من الثقة والتفاعل في ظل سيادة القانون واحترام التشريعات وحق الاختلاف، مؤكدا ضرورة قيام المعارضة السياسية بدورها المستقل والمصان في تنمية الحياة السياسية وخدمة مسيرة الوطن. وأكد ممثلو الحركة الإسلامية ضرورة الشروع بإصلاحات تشريعية وسياسية واقتصادية، وفي مقدمتها قانون انتخاب عصري وديمقراطي يتفق والمعايير الديمقراطية في العالم وإجراء إصلاحات سياسية توفر الحياة الكريمة للأردنيين والتصدي بمسؤولية عالية لكل أشكال الفساد الاقتصادي والسياسي والأخلاقي.

وأكدت الحركة الإسلامية وفعاليات أخرى مواصلة الحراك الشعبي تعبيرا عن رفضها لتكليف البخيت، وأعلنت أنها ستنظم اليوم مسيرات واعتصامات بعد صلاة الجمعة في مختلف المدن الأردنية.

وقال الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي حمزة منصور الذي حضر اللقاء إن الإسلاميين لن يشاركوا في الحكومة. وأشار إلى أنه أوضح خلال اللقاء، الواقع الذي يعيشه الأردن سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ومدى انعكاساته على المواطن وضرورة التحرك في اتجاه الإصلاح الشامل لتلك النواحي كافة.

وطالبت الجبهة الأردنية للإصلاح حل مجلس النواب وتشكيل حكومة وحدة وطنية تُمثل كافة شرائح المجتمع وإجراء تعديلات على الدستور. وأكدت الجبهة في بيان لها ضرورة إجراء انتخابات برلمانية نزيهة وشفافة وفق القانون الجديد بعيدا عن التدخلات، وإطلاق الحريات العامة بما يكفل حرية الاجتماع والتعبير عن الرأي ومُمارسة الحياة السياسية والحزبية.

وطالب البيان إجراء تعديلات على الدستور يتضمن تشكيل محكمة دستورية للنظر في الطعون بصحة الانتخابات وتوزيع مكاسب التنمية على مناطق المملكة كافة خاصة في البوادي والأرياف ومُحاربة الفساد والكشف عن الفاسدين ومُحاسبتهم والحجز التحفظي على أموالهم المنقولة وغير المنقولة واسترداد الأموال المنهوبة لمن تثبت إدانته.