أميركا تتذكر ريغان ببذخ في مئويته رغم رحيله قبل 7 سنوات

احتفالات تتكلف 5 ملايين دولار يشارك فيها مرشحون محتملون للرئاسة في 2012

رونالد ريغان
TT

لو كان الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان حيا، لكان بلغ عامه المائة الأحد المقبل. وبعد مرور سبع سنوات تقريبا على وفاته، يعتقد المرء أنه لا يزال حيا ويقود الحزب الجمهوري. وإلى جانب الخطابات الضرورية واللجان الأكاديمية، تشمل الاحتفالات، المزمع إقامتها لإحياء الذكرى المئوية لميلاد ريغان، تنظيم مسيرة «روز باريد» الاحتفالية وصنع كعكة ارتفاعها ستة أقدام وطرح طوابع تذكارية وحبوب حلوى هلامية وتنظيم حفلة موسيقية لفرقة «بيتش بويز»، وإقامة حفلة تقديرية من قبل فرقة «جوناس برازرز» وبث مشاهد فيديو تكريمية خلال مباريات دوري كرة القدم الأميركي تقام الأحد. ومن المتوقع أن تستقطب الاحتفالات التذكارية، التي تتضمن تحية عسكرية بإطلاق 21 طلقة مدفعية ووضع إكليل من الزهور على قبر الرئيس الراحل من قبل زوجته نانسي ريغان، بمشاركة المئات من مساعديه ومؤيديه السابقين. وريغان ليس أول رئيس سابق يتمتع بشرف تنظيم احتفال مئوي له، ولكن من الصعب أن نتذكر أيا من الاحتفالات التي كانت مسرفة جدا، عند الحديث عن دوره الثابت في السياسات الأميركية (وستتكلف الاحتفالات التي تقام خلال عطلة نهاية الأسبوع الحالي في مكتب ريغان هنا، والتي تعد ذروة الفعاليات التي تنظم بهذه المناسبة داخل الولايات المتحدة، حوالي 5 ملايين دولار؛ وعلى النقيض من ذلك، تكلفت الاحتفالية المئوية للرئيس الأميركي الراحل ليندون جونسون التي جرت عام 2008 نصف مليون دولار فقط).

وسيشارك في هذه الفعالية عدد من المرشحين الرئاسيين المرتقبين عام 2012 من أجل الثناء على إنجازات ريغان، وبينهم سارة بالين ونيوت غينغريش، الذي كتب لتوه كتابا عن ريغان، ووصفه في مقابلة بأنه «أكثر رئيس نجح بالفعل في تحقيق أهدافه المحددة والمفصلية».

وتوضح الجوائز الصمود غير العادي، على الأقل بين صفوف الجمهوريين، لإرث ريغان، الذي صمد حتى مع تعرض عدد كبير من المؤسسات لهجوم. وتبدو وضعية ريغان الذي لا يزال يحظى بشعبية كبيرة جدا في أروقة الحزب الجمهوري متجذرة إلى درجة أنه عندما طلب من رؤساء محتملين للحزب خلال الشهر الماضي ذكر بطلهم السياسي، أسرع المحاور لإضافة عبارة «بخلاف الرئيس ريغان». وإذا كانت لمؤسسة رونالد ريغان الرئاسية أية كلمة في هذا الصدد، فسيتم تكرار ذلك الوصف لعقود. وقال جون هويبوش، المدير التنفيذي للمؤسسة ومساعد برلماني سابق: «وظيفتنا هي تعزيز إرث كلماته وأعماله، والتي كانت ببساطة مذهلة». وأضاف هويبوش أن ريغان ألهمه للدخول في عالم السياسة. وقال: «سأدخل في نقاش مع أي فرد قال إنه لم يكن رئيسا انتقاليا. لقد كان كذلك بكل تأكيد». وحرص أعضاء الطاقم في مؤسسته على توضيح أن الأموال المخصصة لهذه الأحداث ولترميم متحفه، والتي تقدر بمبلغ 15 مليون دولار، جاءت بشكل كامل من عمليات التمويل الخاصة. وقال ستيوارت ماكلورين، مدير الفعاليات المئوية الذي عمل مع ريغان أيضا خلال عام 1984: «الرئيس ريغان نفسه كان سيرغب في أن لا ينفق الكونغرس أي أموال على هذه الاحتفالات».

وماذا عن الحلوى الرئاسية؟ كان ريغان معروفا بحبه لهذه الحلوى، لذا كان من الممكن التأكيد أن يفكر باهتمام في إنفاق مبلغ 24.95 دولار على الإصدار الخاص من صندوق ريغان المئوي. ومع 50 نكهة من حبوب الحلوى الهلامية، يطرح الصندوق مع نسخة من إعلان الاستقلال وتاريخ موجز عن حياة ريغان وعدد كبير من أقواله الشهيرة. وتشمل أقوال ريغان الشهيرة على هذه العبارة الشامخة: «يمكن أن أطمئنكم بأن الإيمان الراسخ والقناعة الشخصية قد زادت قوة، ولم تضعف في وقت المحنة». وبعد ذلك، هناك فلسفته عن حبوب الحلوى الهلامية؛ حيث قال: «يمكن أن نقول الكثير عن شخصية الرجل عبر معرفة ما إذا كان يختار كل الحلوى من لون واحد أم أنه يقوم فقط بجمع حفنة من الحلوى». وبالطبع ليس من قبيل المفاجأة بالنسبة لريغان، أن يتم ذكر أقواله بشكل مكثف جدا. وقال غينغريش: «إنه شخصية يشار إليها لأنه كان شخصا ملهما يمكن اقتباس أقواله بشكل استثنائي، بنفس القدر الذي تمتع به لينكولن وأكثر من أي شخص آخر في القرن العشرين».

ولا يبدو أن غينغريش هو المرشح الرئاسي الوحيد المحتمل الذي سيجود بمثل هذا الثناء والتقدير لريغان خلال الأيام المقبلة. ومن المنتظر أن تتحدث سارة بالين خلال مأدبة طعام تنظمها «مؤسسة أميركا الفتية»، وهي مجموعة محافظة تستخدم مزرعة عائلة ريغان السابقة هنا كمقر لها. ومن المتوقع أن يحضر ريك بيري، حاكم ولاية تكساس هذه المأدبة هذه الفعاليات الرسمية أيضا، مثلما هو الحال بالنسبة لـ«ديك تشيني» نائب الرئيس السابق. وحب ريغان ليس عالميا، بالطبع، ولا يتعامل معه الليبراليون بمثل هذا القدر العالي من التقدير. وقال بول بيغالا، وهو مساعد سابق للرئيس الأسبق بيل كلينتون وخبير استراتيجي سياسي: «يحتل ريغان مكانة فريدة اليوم لأن الجمهوريين ليس لديهم أي فرد آخر. ولا يمكنهم الاحتفاء بأيزنهاور لأنه كان ليبراليا بمعايير اليوم. ولا يمكنهم تكريم نيكسون لأنه كان مجرما. فمن يتبقى لديهم؟». وأضاف بيغالا: «لقد كان رئيسا استثنائيا، ولكن اليمين أراد بطلا، لذا فقد حولوه إلى بطل». ولكن مساعدي الرئيس أوباما أحسوا بسعادة عندما أعلنوا أن قائمة قراءاته خلال العطلة تضمنت سيرة ذاتية للرئيس الأربعين للولايات المتحدة كتبها لو كانون. وقال كانون إن الآراء الشعبية عن ريغان قد تحسنت فقط بمرور الوقت، على الرغم من أن معدلات قبوله كانت أعلى من العديد من الرؤساء الآخرين عندما ترك الحكم. وأضاف كانون: «هناك دائما شعور معين بالحنين إلى حقبة ريغان، ولكن الحقيقة هي أن ريغان لم يساعد فعلا في إنهاء الحرب الباردة. والأوضاع السائدة في العالم الآن لا تشبه جولة سير في حديقة مركزية، ولكنه أصبح بالتأكيد مكانا أكثر أمنا مما كان عليه الوضع عندما تولى ريغان السلطة. وقد أقنع الأميركيين بالإيمان بقدراتهم».

وهذا نوع من الدرس الذي تأمل المؤسسة تقديمه، مع الوضع في الاعتبار بأن معظم طلاب اليوم لم يكونوا قد ولدوا بعد عندما ترك ريغان السلطة. وخلال العام الحالي، وزعوا منهجا دراسيا يركز على ريغان على أكثر من 1.400 مدرسة عليا في شتى أنحاء الولايات المتحدة. وسوف تتسلم المدارس أيضا عملة خاصة بمناسبة مئوية ريغان، يأمل المنظمون هنا في أن تستخدم لإجراء القرعة خلال مباريات دوري كرة القدم الأميركية التي تقام اليوم الجمعة. وقال ماكلورين إنه بمجرد إقامة المباريات، من المتوقع أن تستخدم نفس هذه المدارس العملة في إهداء الطالب جائزة ريغان للقيادة. وهذه الأنشطة المهتاجة تعتبر مذهلة إلى حد قليل بالنسبة للأشخاص الذين ساعدوا في التخطيط لمئوية جونسون قبل ثلاث سنوات. وقال لاري تيمبل، رئيس «مؤسسة ليندون باينس جونسون»: «لم يكن هدفنا بالفعل هو تنظيم فعالية رائعة، لقد كان الحفل أكثر تواضعا. وكنا نحاول فقط أن نلقي الضوء على أشياء كان يمكن التغاضي عنها. وكنا نحاول أن نفعل ما يجب أن يفعله أي تاريخ، وهو إظهار وجه الصلة بالأوضاع السائدة في الوقت الحالي». وكان الأشخاص الذين نظموا مئوية جونسون لديهم طموحات لإصدار طابع تذكاري، ولكنهم أدركوا سريعا أن مجرد وضع صورة رئيس سابق على الجانب الأيمن من أي مظروف يمكن أن يستغرق سنوات. وعلى الجانب الآخر، تمكن مسؤولو مؤسسة ريغان من متابعة هذه العملية بشكل سريع لأن هيئة البريد الأميركية أنتجت طابع ريغان الأول عام 2004، بعد وقت قصير من وفاته. وسوف يتم إصدار النسخة الأحدث خلال الشهر الحالي لتصبح طابعا «أبديا»، وهو ما يجعله ساريا حتى مع زيادة سعر الخدمة البريدية. وفي هذه المرة، ربما شعر ريغان بالسعادة عندما يعلم أن صورته لن تكون عرضة للتضخم.

* خدمة «نيويورك تايمز»