الولايات المتحدة تعيد تقييم علاقتها مع «الإخوان المسلمين»

يستعدون للحصول على نصيب من السلطة إذا أجريت انتخابات حرة ونزيهة

أنصار الرئيس المصري حسني مبارك يقذفون متظاهرون مناهضون للحكومة في ميدان التحرير أمس (رويترز)
TT

في الوقت الذي تستعد فيه الولايات المتحدة لاحتمالية ظهور حكم جديد داخل مصر، نجدها تقوم بعملية إعادة تقييم سريعة لعلاقة غير واضحة المعالم مع جماعة الإخوان المسلمين، الحركة المعارضة التي أثارت آيديولوجيتها الأصولية ريبة لدى واشنطن. وعلى الرغم من أن الجماعة كان دورها ثانويا في احتجاجات متصاعدة تهدد بالإطاحة بالرئيس المصري حسني مبارك، فإن مسؤولين أميركيين يعترفون بالواقع السياسي الذي تستعد جماعة الإخوان المسلمين فيه إلى الحصول، على الأقل، على نصيب من السلطة إذا أجريت داخل مصر انتخابات حرة ونزيهة خلال الأشهر القليلة المقبلة. ويوم الاثنين، وفيما وصفه محللون بأنها إشارة واضحة لجماعة الإخوان المسلمين، قال البيت الأبيض إن حكومة جديدة داخل مصر يجب أن «تضم كافة اللاعبين غير العلمانيين».

وقد أثار هذا التحرك شكوكا لدى بعض المسؤولين الأميركيين الذين يقولون إن البيت الأبيض يجب أن يدعم تنظيمات معارضة يحتمل بدرجة أكبر أن تدعم حكومة ديمقراطية داخل مصر وليس جماعة كرست نفسها لتطبيق الشريعة. كما أشار ذلك إلى تغير عن أيام سابقة، عندما عبرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ومسؤولون آخرون عن مخاوف من أن الانتفاضة داخل مصر يمكن أن تنقل السلطة إلى حكومة إسلامية تشبه بدرجة كبيرة تلك الموجودة داخل إيران، حيث همشت فصائل يقودها آيات الله تنظيمات أخرى لتستحوذ على السلطة داخل الدولة الإيرانية عام 1979. وعلى الصعيد الرسمي، لطالما نأت الحكومة الأميركية بنفسها عن جماعة الإخوان المسلمين بسبب شكوك بشأن التزامها بمبادئ الديمقراطية ونبذ العنف. ولكن على مدى أعوام، دخل مسؤولون أميركيون في محادثات سرية مع أعضاء داخل الجماعة في مصر اعترافا بالدعم الشعبي الكبير الذي تحظى به الجماعة.

وحدث التواصل غير الرسمي بصورة متقطعة منذ التسعينات من القرن الماضي، ولكن تكرر ذلك بوتيرة أكبر بعد انتخاب أفراد من جماعة الإخوان المسلمين في البرلمان المصري عام 2005. وبعد ذلك عقد دبلوماسيون ومشرعون أميركيون اجتماعات عديدة مع قيادات بالجماعة، كان من بينها لقاءات داخل السفارة الأميركية داخل القاهرة. وبرر مسؤولون أميركيون اللقاءات بالقول بأنهم كانوا يتحدثون فقط مع أعضاء منتخبين بالسلطة التشريعية المصرية. ويقول روبرت مالي، الذي كان مسؤولا بإدارة بيل كلينتون ويدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمجموعة الأزمة الدولية: «لا أعتقد أن التواصل مع جماعة الإخوان المسلمين لم يكن بالفكرة السيئة، حيث إنهم فصيل هام داخل مصر. ويحتمل بدرجة كبيرة أن يلعبوا دورا في أي ترتيبات مستقبلية». وقد ظل محللون ومسؤولون أميركيون يحثون وزارة الخارجية الأميركية على التواصل بدرجة أكبر مع جماعة الإخوان. ويقول إميل نخلة، وهو مسؤول سابق بوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية كان مديرا لبرنامج تحليل الإسلام السياسي بالوكالة: «إذا كنا سنتواصل مع الـ99 في المائة من المسلمين الذين لا يدعمون الإرهاب أو أعمال العنف، فبعد ذلك علينا التواصل مع التنظيمات المحلية، ومن بينها الأحزاب السياسية الإسلامية».

وعلى الرغم من أن جماعة الإخوان المسلمين تعد أفضل تنظيم معارض منظم ولديها جناح نشط في مجال العمل الخيري يقدم خدمات اجتماعية بمختلف أنحاء البلاد، بحسب ما يقوله نخلة، فإن ذلك لا يعني الحصول على أغلبية من الأصوات في انتخابات نزيهة. وأضاف: «سيمثلون أقلية ولكنها قوية»، متوقعا أن يحصلوا على دعم ما بين 25 - 30 في المائة من المواطنين المسلمين. يذكر أن الجماعة تأسست عام 1928 على يد حسن البنا، وهو إمام مصري سعى إلى الإطاحة بالحكم الاستعماري البريطاني، ثم وصلت إلى العشرات من الدول الأخرى. وداخل مصر، ظلت الجماعة محظورة رسميا منذ عقود، وتعرض الكثير من قياداتها للسجن. وحذر مبارك مسؤولين أميركيين على مدار الأعوام من أن الجماعة ترغب في دولة دينية على غرار الجمهورية الإسلامية الإيرانية، على الرغم من أنه خفف القيود على النشاطات السياسية للجماعة من حين لآخر. ويكتنف الغموض ما يقوله أعضاء في الجماعة بشأن الأهداف السياسية التي يتبنونها. وخلال مقابلة أجريت الأسبوع الحالي مع هيئة الإذاعة البريطانية، قال كمال الهلباوي، القيادي بجماعة الإخوان المسلمين في المنفى داخل بريطانيا، إن الجماعة تريد «حرية وشورى ومساواة وحرية كل شيء».

ولكنه تحايل في الرد على تساؤلات بشأن ما إذا كانت أي حكومة تتزعمها جماعة الإخوان ستضمن حقوقا متساوية للأقليات الدينية الأخرى – مثل المسيحيين الأقباط داخل مصر – وحقوقا متساوية للمرأة. وعندما سئل عما إذا كان سيفرض على النساء ارتداء الحجاب، قال إن ذلك «ليس ضروريا». ويتهم منتقدون الجماعة بتمويل وتكوين علاقات تنظيمية مع جماعات إرهابية. ولكن يشير خبراء في شؤون الإرهاب إلى أن تنظيم القاعدة وتنظيمات جهادية أخرى يتهمون بصورة متكررة شخصيات داخل جماعة الإخوان بأنهم مرتدون وخونة. ويقول محللون إن الحركة تناضل علنا من أجل تقليل المخاوف بشأن أجندتها، ويرجع ذلك بصورة جزئية إلى الرغبة في الحفاظ على نفسها. ومن خلال تقديم نفسها كجماعة معتدلة ستتبنى منحى ديمقراطيا يؤمن بتعدد الأحزاب، فإنها تسعى إلى التعامل مسبقا مع المخاوف بشأن أهدافها، بحسب ما قاله عماد شاهين، وهو أكاديمي مصري أميركي بجامعة نوتردام.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»