أعداد هائلة من المسافرين وتوقف الرحلات مع حظر التجول

مطار القاهرة.. راحلون عن مصر بين القلق والدموع

مسافرون عرب وأجانب تجمعوا أمام مطار القاهرة الدولي أمس (أ. ف.ب)
TT

حزموا حقائبهم وأغراضهم وودعوا منازلهم بالقاهرة وسط حالة من الخوف وهستيريا القلق والفوضى والهرج يرزح تحتها مطار القاهرة بسبب مئات الأفواج التي تتدفق عليه للمغادرة والخروج من الكابوس الذي عايشوه في قاهرة المعز جراء المظاهرات الشعبية التي اندلعت منذ 25 يناير (كانون الثاني) الماضي، ولا تزال تداعياتها تنداح بقوة في القاهرة ومعظم البلاد. أعداد من الجاليات الأجنبية فرت محاولة النجاة والوصول بأمان إلى أوطانهم عبر مطار القاهرة منتظرين طائرات الإجلاء بشغف شديد.. مسافرون من كل الجنسيات بنظرات قلقة وأعين جافها النوم لعدة ليال متصلة بين جنبات صالات الانتظار. وكان مطار القاهرة قد قلص عدد الرحلات الجوية التزاما بقرار حظر التجول، حيث تنتهي رحلات المغادرة والوصول عند تمام الساعة الخامسة مساء. وفوجئ المغادرون عن الأراضي المصرية بخلو المطار من رجال الأمن ومن موظفي المطار الذين بطبيعة الحال لم يتمكنوا من الوصول إلى مقر عملهم بسبب الاضطرابات التي تعم البلاد. وأصبح عاديا مشهد المسافرين الذين يحملون حقائبهم على أكتافهم. كما نصبت الخيام خارج صالات الانتظار لاستيعاب الأعداد الهائلة من المسافرين. وفاضت صالات المطار بالرعايا الأجانب من كل أنحاء العالم، وتقول سامنتا بروس، طالبة نمساوية تدرس اللغة العربية بالقاهرة: «لم أعتقد أن الأمر سيكون على هذه الحالة من الفوضى، فلم أر رجل أمن واحدا خلال طريقي من مصر الجديدة إلى المطار، وقد اضطررت للرحيل فورا بسبب الأحداث المؤسفة الأخيرة في مصر». «حمدا لله أن هناك موظفين من السفارة يساعدوننا على إتمام إجراءات السفر» قالها الأميركي مارك ستيفن (23 عاما)، الذي يغادر القاهرة مع عائلته، مشيرا إلى أنهم ينتظرون في المطار لليوم الثاني على التوالي. وأضاف: «أعتقد أن الوضع خرج عن السيطرة في مصر وأن الاستقرار لن يعود كما كان عليه، عشت في مصر عامين غاية في الهدوء والأمان لكنني حزين جدا على ما تعرض له المتحف المصري من تدمير». وقد أعلنت السفارة الأميركية أنها قد تلقت طلبات من 2600 أميركي بالمغادرة، وذلك من بين 50 ألف أميركي في كافة أنحاء محافظات مصر. بينما تزايدت حدة الغضب بين الرعايا البريطانيين الذين اعتبروا أن حكومتهم غير مهتمة بإجلائهم مثلما فعلت حكومات أخرى، وذلك رغم وجود متخصصين من القنصلية البريطانية لمتابعة شؤون الرعايا على مدار الساعة يوميا. رعايا الدول الخليجية أيضا كانوا يحتشدون في صالات المطار، فيما شهدت مكاتب حجز تذاكر السفر في المطار زحاما شديدا من المصريين الذين يرغبون في مغادرة البلاد ممن يحملون جنسيات مزدوجة. وقال مراد وجدي وقد اختنق صوته من الحزن والألم على أحوال مصر «أموت حزنا على حالنا، لا أحد يعلم المستقبل الذي سيواجهنا، أخاف على أولادي هنا وأعتقد أنني لن أقيم في أميركا للأبد بل سأعود حينما تتغير الأوضاع، فقد تعطلت أعمالي في الاستيراد والتصدير هنا، وعلي أن ألملم ما بقي من أعمالي في الخارج». وعلى النقيض، وصل محمد المرسي، من أوروبا لكي يحتضن عائلته ويقف مع أخوته لحماية بيت العائلة والمشاركة في هذه الأوقات التاريخية التي تمر بها مصر. يقول «أتيت لكي أكون هنا في هذه النقطة الفارقة في تاريخ مصر، أردت أن أكون بجوار أهلي وجيراني لقد كنت أشاهد تلك المظاهرات عبر القنوات الأجنبية وقلبي مليء بمشاعر مختلطة ولم أكد أصدق ما أشاهده ولم أستطع أن أوقف دموعي، وكل ما أيقنته أنه يجب علي السفر والتوجه إلى مصر فورا». وكان الأتراك من أول الرعايا المغادرين لمطار القاهرة، تلاهم الأميركان ثم الكنديون، كذلك كانت العراق في مقدمة الدول العربية التي هرعت لإرسال طائرات، من بينها الطائرة الخاصة برئيس الوزراء، لرعاياها الذين لجأوا إلى مصر احتماء من عدم الاستقرار الأمني في بلاد الرافدين لكنهم أصيبوا بحالة من الهلع جراء الأجواء المفزعة التي عاشتها أحياء القاهرة. وقال رواد سعدي من العراق «هربنا من العنف والقتال الدموي في العراق وقلنا إن مصر بلد الأمن والأمان لكن سبحان مغير الأحوال لم يكن أحد منا يتوقع أن يحدث هذا بمصر، فقررت أنا وأسرتي المغادرة، ولا نعلم بعد الآن هل ستعود كما كانت أم لا؟!». من ناحية أخرى، فإن أحوال موظفي المطار غاية في السوء حيث يعانون من الإرهاق والضغط النفسي والعصبي جراء قلقهم على ذويهم في المنازل وضغوط العمل وطلبات المسافرين الغاضبين. وقال لنا أحد الموظفين في مطار القاهرة إنه يعمل منذ 24 ساعة لمواجهة الضغط الذي تسبب فيه تكثيف رحلات الطيران كما أنه يجد صعوبة في الوصول إلى منزله والعودة منه يوميا بسبب ساعات حظر التجول.