جفاف يقلص المحاصيل ويدق ناقوس الخطر في الصين

ارتفاع في أسعار المواد الاستهلاكية

الجفاف يصيب أحد حقول القمح في إقليم شاندونغ (أ.ف.ب)
TT

تسببت موجة شديدة من الجفاف في شمال الصين في تلف محصول القمح لموسم الشتاء، وأدت إلى جفاف الأرض قبل موسم الربيع، مما زاد التضخم واستنفر قادة البلاد. وقد قام كل من الرئيس الصيني، هو جينتاو، ورئيس الوزراء، وين جياباو، بعمل جولتين منفصلتين في المناطق التي أصابها الجفاف الأسبوع الحالي، ودعوا إلى بذل كل الجهود لمعالجة آثار نقص المياه اللازمة للزراعة، حسبما أفادت وسائل إعلام الدولة. وقام وين برحلة مشابهة منذ عشرة أيام ودعا إلى إصلاحات طويلة المدى في مجال إدارة المياه.

وقد مثل ارتفاع أسعار الطعام مشكلة خلال فصل الخريف الماضي حتى قبل بداية الجفاف وحث الحكومة على فرض مجموعة كبيرة من الضوابط على الأسعار في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وقد جف محصول القمح في فصل الشتاء منذ ذلك الحين في شمال الصين، بينما أدى انتشار الجليد على نحو غير معتاد إلى تلف محاصيل الخضراوات في جنوب الصين. وبدأ إعلام الدولة منذ أسبوع في التحذير من عدم فاعلية الضوابط التي تم فرضها على الأسعار.

وتقع بعض من أكثر المناطق التي أصابها الجفاف بالقرب من بكين، التي لم تشهد تساقط أمطار أو ثلوج غزيرة منذ 23 أكتوبر (تشرين الأول)، رغم تساقط بعض الثلوج في 29 ديسمبر (كانون الأول). وطبقا لما نقله إعلام الدولة عن خبراء الأرصاد التابعين للحكومة، إذا استمر هذا الجفاف إلى أكثر من 11 يوما، ستشهد أطول موجة جفاف مثل التي شهدتها الصين في شتاء 1970 - 1971 منذ بدأ التوثيق عام 1951.

وقد ضرب الجفاف بشكل خاص إقليم هيبي، القريب من بكين الذي زاره الرئيس هو من الثلاثاء إلى الخميس الماضيين إضافة إلى المنطقة الممتدة من إقليم شاندونغ الجنوبي إلى الشرق حيث يقع إقليم وين الذي زاره يوم الأربعاء والخميس.

وجفت التربة في الحقول حتى أصبح من السهل أن تذروها الرياح مغطية الأشجار والمنازل بالأتربة. وارتفعت أسعار السلع الغذائية في أنحاء العالم نتيجة الاضطرابات الجوية في عدد كبير من البلدان مثل الموجة الحارة غير العادية في روسيا الصيف الماضي. ويعد ارتفاع أسعار السلع الغذائية من أهم أسباب الاحتجاجات التي تشهدها مصر وبلدان أخرى في العالم العربي. لكن حتى مع استمرار موجة الجفاف في الصين، يبدو من غير المحتمل أن تؤدي إلى نقص حاد في الطعام.

وقضت الصين سنوات تراكم فيها احتياطي حكومي ضخم من الحبوب، ولديها أيضا 2.85 تريليون دولار من احتياطي النقد الأجنبي مما يمنحها نظريا قدرة غير محدودة على استيراد غذاء ما دام لم يحد كبار منتجي الحبوب من الصادرات.

عندما ارتفعت أسعار السلع عامي 2007 و2008 حدت 29 دولة على الأقل صادرات السلع الغذائية بشكل كبير في محاولة لمنع ارتفاع الأسعار المحلية سريعا مثل الأسعار العالمية. وإذا لم تصبح الصين مستوردا كبيرا للقمح، حيث تستورد كميات كبيرة من فول الصويا، لكنها تحاول أن يكون لديها اكتفاء ذاتي من الأرز والحبوب الأخرى لأسباب تتعلق بالأمن القومي، فقد تؤدي إلى ارتفاع الأسعار العالمية وتجعل من الصعب على الدول الفقيرة تحمل استيراد احتياجاتها من السلع الغذائية.

وأشار غاري بلومنثال، الرئيس التنفيذي لشركة «ورلد بيرسبيكتيفز»، وهي شركة استشارية في مجال الزراعة مقرها واشنطن، إلى أن القمح سيزرع في الكثير من الدول، وقال إن المشتريات الصينية لن تؤدي بالضرورة إلى قفزة مستمرة للأسعار العالمية. وأضاف: «يمكن لسوق القمح معالجة أي خلل أكثر من غيره من الحبوب».

ارتفعت واردات الصين من القمح إلى 893.700 طن متري عام 2009 ومن 31.900 إلى 1.2 مليون طن متري خلال العام الماضي بحسب إحصاءات شركة «غلوبال تريد إنفورميشين سيرفس» للبيانات في كولومبيا بجنوب كارولينا. لكن هذه الإحصاءات صغيرة مقارنة بالمخرجات العالمية التي وصلت إلى 682 مليون طن متري طبقا لآخر إحصاءات لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة عام 2009. وقد وفرت الصين سدس الإنتاج العالمي من القمح ذلك العام وهو ما يمكن أن يتسبب في تعويض فوري للنقص الكبير في المحاصيل الصينية.

يمتد ارتفاع أسعار السلع الغذائية والطاقة إلى أجزاء أخرى من اقتصاد الصين مما يساهم في زيادة التضخم. وطبقا لمؤشر سعر المستهلك، ارتفعت الأسعار بنسبة 4.6 في المائة العام الماضي، لكن علماء اقتصاد صينيين وغربيين يقولون إن المؤشر يقلل قيمة التمدد الحقيقي للتضخم بسبب مشكلات تتعلق بالمنهج. وقد صرح المكتب الوطني للإحصاءات أنه يحاول تحسين هذا المؤشر. وقد خففت الحكومة من حدة تأثير ارتفاع أسعار السلع الغذائية من خلال تشجيع الأقاليم والمدن لشكل كبير من خلال رفع الحد الأدنى للأجور التي ترتفع بنسبة 18 في المائة سنويا في إقليم غوانغدونغ بجنوب الصين. بدأ التضخم المتسارع في الصين ينعكس في الأسعار التي تدفعها الشركات الأميركية لواردات الصين. وبعد سنوات من عدم إظهار تغيير كبير، ارتفع مؤشر مكتب إحصاءات العمل الأميركي لمتوسط أسعار الواردات فجأة بنسبة 0.3 في المائة في الفترة من سبتمبر (أيلول) إلى أكتوبر ثم بالقدر نفسه في نوفمبر ثم مرة أخرى في ديسمبر. وكما يطالب الكثير من المصدرين الصينيين بزيادة نسبتها المئوية من رقمين لتجديد العقود العام الحالي، أجل المشترون الأميركيون توقيع العقود، مما سبب عائقا في تجارة ما وراء المحيط الهادي. وتقدم خطوط الشحن تخفيضا للأسعار وتلغي رحلات نقل الشحنات الربيع الحالي، في حين ينتظر المصدرون والمشترون التوصل إلى صفقات. وتمثل الواردات من الصين فقط 2 في المائة من المخرج الاقتصادي الأميركي، لذا يتوقع أكثر علماء الاقتصاد في الصين تأثيرا محدودا على مؤشرات السعر العام في الولايات المتحدة.

* خدمة «نيويورك تايمز»