حكماء مصر: وجدنا تجاوبا من سليمان وشفيق مع مطالب الشباب.. و«الإخوان» تعهدوا بعدم الترشح للرئاسة

شباب المتظاهرين يستبقون حوار الحكومة بإعلان «أسبوع الصمود»

معارضو مبارك علقوا مطالبهم على بناية بميدان التحرير (تصوير: محمد عبد الرءوف)
TT

تحول ميدان التحرير في قلب مدينة القاهرة، إلى منطقة مغلقة صباح يوم أمس التي وصفها معارضون للنظام المصري بجمعة «الخلاص» أو«الرحيل»، وهتف المتظاهرون برحيل الرئيس المصري حسني مبارك أثناء أول زيارة يقوم بها وزير الدفاع المشير محمد حسين طنطاوي لميدان التحرير، مسرح الاحتجاجات التي دخلت يومها الحادي عشر، وردد المتظاهرون هتافات تؤكد إصرارهم على عدم ترك الميدان إلى أن تلبى مطالبهم كاملة، وأعلنوا عن مواصلتهم تظاهرهم في ما سموه «أسبوع الصمود». بينما تحدث طنطاوي مع جنوده عند المدخل الشمالي للميدان قرب المتحف المصري. وكان الجيش المصري قد طوق الميدان بالدبابات والمدرعات ونصب حوله حواجز بالأسلاك الشائكة.

وكان عدد كبير من المتظاهرين أمضى ليلته ساهرا في ميدان التحرير، بينما نصب آخرون خياما، أو ناموا على الأرض رغم دعوات الجيش وعمر سليمان نائب الرئيس لفض الاعتصام والعودة إلى المنازل مع وعود بثها التلفزيون الحكومي بأن الجيش لن يعترض أي متظاهر ينوي الرحيل إلى منزله.

إلى ذلك، قال المعارض المصري، حمدين صباحي، رئيس حزب الكرامة (تحت التأسيس) إن حل الأزمة الحالية يمكن أن يكون في المادة 39 من الدستور المصري، التي تعطي الحق للرئيس أن يفوض نائبه في إدارة شؤون البلاد، وهو المطلب الرئيسي للمتظاهرين من معارضي الرئيس المصري.

في غضون ذلك، بدا المشهد متوترا، في الطريق إلى المظاهرات، عند مدخلها من ناحية كوبري قصر النيل، حيث يتم تفتيش الراغبين في الانضمام للمظاهرة الحاشدة التي تطالب الرئيس المصري بالرحيل، وقبل صلاة الجمعة بساعتين امتلأ الميدان بمئات الآلاف من المتظاهرين الذين أدى المسلمون منهم صلاة الجمعة في وسط الميدان، بينما وقف المسيحيون حولهم في شكل دائرة لحمايتهم من أي اعتداءات محتملة من قبل المؤيدين للرئيس مبارك.

وعقب الصلاة تظاهر المحتشدون في أنحاء الميدان بحضور عدد من الشخصيات العامة من السياسيين والفنانين، وعلق المحتجون لافتة كبيرة بطول أحد البنايات في الميدان كتبوا عليها مطالبهم السبعة وهي: «إسقاط الرئيس - حل مجلسي الشعب والشورى المزورين - إنهاء حالة الطوارئ فورا - تشكيل حكومة وحدة وطنية انتقالية - برلمان منتخب يقوم بعمل التعديلات الدستورية لإجراء انتخابات رئاسية - محاكمات فورية للمسؤولين عن قتل شهداء المظاهرات - محاكمات عاجلة للفاسدين وسارقي ثروات الوطن.. إمضاء شباب مصر المعتصمين».

وقسم المتظاهرون أنفسهم إلى عدة فرق؛ الأولى تضم شبابا وفتيات يقومون بتفتيش الداخلين إلى الميدان عدة مرات في مسافة 200 متر، والاطلاع على بطاقات هوياتهم لضمان عدم اندساس أي عناصر مخربة بينهم، والثانية تقوم بعلاج المصابين في الاشتباكات، والثالثة شكلوا لجنة للخروج من الميدان لجلب الطعام والشراب وتوزيعه على كل من بالميدان، والرابعة تضم شبابا ورجالا ذوي أجسام قوية شكلوا دروعا بشرية من ناحية ميدان عبد المنعم رياض، نقطة التماس الرئيسية بين معارضي مبارك ومؤيديه، واستخدموا دروعا حديدية لحمايتهم من الحجارة التي يلقيها عليهم مؤيدو مبارك.

وأمام لافتة كتب عليها «أخويا أحد ضحايا حريق مسرح بني سويف وجئت لأخذ حقه»، قالت داليا الوسيمي: «إنها لا تريد أكثر من حقها وإن دم شقيقها الذي كان يعمل ممثلا في المسرح ومات قبل خمس سنوات، وانتظرت لسنوات طويلة حتى يأتي لها القضاء بحقها فلم يتم فخرجت تبحث عنه». ولافتة ثانية تقف أمامها إنجي سعيد موضحة أنها ما زالت ترى أن مبارك ما زال لا يسمع، أن الشعب يؤيده ويرحب به لو نزل إليهم وتنازل عن الرئاسة.

وقال يحيى وهو منسق إعلانات في إحدى الشركات الكبرى، في الثامنة والعشرين من عمره، «موضوع (الإخوان) ده كلام فارغ»، وأكد أنه لم ينتم في حياته لأي تيار سياسي ولا حزب ولا يحب «الإخوان».. أما د. مصطفى جمال استشاري وأستاذ بجامعة القاهرة يقول إنه حضر لميدان التحرير لأول مرة نظرا لأن أولاده شاركوا على مدار الأيام الماضية فحضر ليحميهم ويكون معهم.

لم يرفع نشأت علي لافته، ولكنه أكد أنه لا يهمه شخص الرئيس أو من يأتي للرئاسة ولكنه يريد الاستقرار وجاء لميدان التحرير ليقول للجميع إنه لم يعد لديه ثقة في أحد ولا يريد شيئا إلا أن يكون لدى أولاده مستقبل أفضل، نافيا أن يكون هناك فتنة، قائلا «النظام يحاول خلق فتنة».

إلى ذلك، علق المتظاهرون دمى مشنوقة، تمثل من وجهة نظرهم مبارك، الذين يريدون إسقاطه. وشاهدت «الشرق الأوسط» عددا من المراسلين والصحافيين الأجانب تم منعهم من دخول الميدان دون إبداء أسباب.

على صعيد آخر، يلتقي اليوم عمر سليمان، نائب رئيس الجمهورية، مع لجنة الحكماء التي تضم عددا من الشخصيات العامة التي تبذل جهدا لحل الأزمة في مصر، وقد أكد أعضاء اللجنة على لسان د. وحيد عبد المجيد نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية، أن نائب الرئيس أكد في مقابلة له مع الدكتور أحمد كمال أبو المجد، والسفير نبيل العربي تفهمه للحل الذي يقترحونه.

وأكد عبد المجيد أنهم وجدوا تفهما من نائب الرئيس ولديهم ارتياح بتقبل السلطة لموقفهم ويطمئنون له، مضيفا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الإخوان» كذلك لديهم وعد بعدم ترشيح ممثل لهم في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وأضاف عبد المجيد أن أعضاء اللجنة وصلوا إلى أكثر من 40 عضوا، منهم نجيب ساويرس وسلامة أحمد سلامة وإبراهيم المعلم وعبد العزيز الشافعي وعمرو حمزاوي وجميل مطر وعمرو الشوبكي وميرفت التلاوي وعلي مشرفة، ومن الأسماء الجديدة، عمرو موسى وجودت الملط ود.أسامة الغزالي حرب ومنير فخري عبد النور ومحمود سعد.

إلى ذلك، صدر بيان آخر حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، وموقع عليه مجموعة من المستشارين والعاملين في العمل العام، طالبوا فيه الرئيس مبارك بالتنحي عن منصبه فورا وتفويض نائبه عمر سليمان بإدارة شؤون البلاد وفى جميع الاختصاصات الدستورية القابلة للتفويض، كما طالبوا بتأمين جميع المشاركين في تجمعات التعبير عن الرأي، مع إحالة المخربين والمعتدين على المتظاهرين.

الى ذلك طالب عدد من الشخصيات القبطية المصرية البارزة المشاركة في الحوار الذي دعا إليه نائب الرئيس المصري عمر سليمان مع قوى المعارضة لتقديم مقترحاتهم حول التعديلات الدستورية المتعلقة بالمواطنة والمشكلات الطائفية، وأرسل نجيب جبرائيل رئيس مجلس أمناء منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان، أول من أمس، رسالة إلى سليمان طالبه فيها بضرورة مشاركة عدد من الأقباط في الحوار الذي يجريه مع القوى السياسية، فيما طالب عدد من القساوسة بالكنيستين الإنجيلية والكاثوليكية النظام المصري بالاستجابة لمطالب المعتصمين في ميدان التحرير، داعين إلى ضرورة أن يتم وضع دستور جديد للبلاد قائم على المواطنة.