المتظاهرون بمحافظات مصر انتصر والميدان التحرير في «جمعة الرحيل»

بلغوا نحو المليون بالإسكندرية

TT

استجاب مئات الآلاف من المصريين بمختلف المحافظات أمس للدعوة التي أطلقها الشباب المعتصم بميدان التحرير بالعاصمة المصرية للمطالبة بتنحي الرئيس حسني مبارك تحت شعار «جمعة الرحيل»، حيث احتشدوا بالميادين العامة عقب انتهاء صلاة الجمعة ورفعوا شعارات مناهضة للنظام المصري.

ففي الإسكندرية، احتشد مئات الآلاف من المواطنين في مظاهرة انطلقت من مسجد القائد إبراهيم بمنطقة محطة الرمل بالإسكندرية عقب صلاة الجمعة، وتحركت الحشود نحو ميدان سيدي جابر - أمام منطقة محطة القطارات الرئيسية بالمدينة - لينضم إليها مسيرات حاشدة أخرى قادمة من شرق المدينة ضمت نحو مائة ألف متظاهر قادها المستشار محمود الخضيري نائب رئيس محكمة النقض السابق، رئيس نادي قضاة الإسكندرية.

وحث الشيخ أحمد المحلاوي الذي عرف بمناهضته لسياسات الرئيس المصري، المصلين في خطبة صلاة الجمعة على الاستمرار في المطالبة بأن يترك مبارك الحكم، مذكرا إياهم بما قال إنه «مكاسب تحققت منذ جمعة الغضب» قبل أسبوع.

وأعلن المتظاهرون الذين بلغ عددهم بحسب بعض التقديرات نحو مليون متظاهر، حيث امتدت الحشود بطول 6 كيلومترات، اعتصاما مفتوحا استجابة لنداءات ميدان التحرير التي أعلنت عن ما سمي بـ«أسبوع الصمود»، ورصدت «الشرق الأوسط» للمرة الأولى استعدادات للمبيت بميدان الرمل، حيث افترش المعتصمون الأرض وشوهدوا يحملون أغطية وبطاطين.

قام كوادر جماعة الإخوان المسلمين بتعليق شاشة ضخمة وسط ميدان سيدي جابر الذي يتمركز فيه حشود المتظاهرين بالإسكندرية وتم بث إرسال قناة الجزيرة القطرية عيها وسط ترحيب كبير من مئات الآلاف من المتظاهرين الذين اعتصموا بالميدان.

ورفع المتظاهرون قائمة بمطالبهم شملت رحيل الرئيس المصري حسني مبارك وإسقاط النظام الحاكم، وإطلاق حرية تكوين الأحزاب، وإطلاق حرية الترشح لرئاسة الجمهورية دون قيود، وإعادة الإشراف القضائي على العملية الانتخابية، وإقرار حد أدنى للأجور.

واستقبلت الحشود قرار النائب العام المصري المستشار محمود عبد المجيد بمنع وزير التجارة والصناعة في الحكومة السابقة من السفر إلى خارج البلاد وتجميد كافة حساباته بالبنوك المصرية بفرحة غامرة وهتافات قادها قيادات وكوادر جماعة الإخوان المسلمين ذات الحضور الكبير بالمدينة.

وشارك في مظاهرة الإسكندرية عدد من القضاة الذين رفضوا قرارا لوزير العدل المصري يحظر على القضاة المشاركة في المظاهرات المناوئة للرئيس المصري، وأعربوا عن اعتقادهم أن «القضاة جزء من نسيج الشعب المصري وأنهم جاءوا للمشاركة بوصفهم مواطنين مصريين وليس بصفتهم المهنية».

كما شارك في المظاهرة الدكتور محمد أبو رابح، رئيس حزب الوفد بالإسكندرية الذي أعرب عن رفضه لقبول دعوة نائب رئيس الجمهورية المصري للحوار إلا بعد تنحي الرئيس المصري، مؤكدا أن حزبه ملتزما بالإرادة الشعبية.

وفي الإسماعيلية (140 كيلومترا غرب القاهرة) تظاهر نحو 10 آلاف متظاهر مطالبين برحيل الرئيس مبارك، بينما خرجت مظاهرة أخرى مؤيدة للرئيس مبارك شارك فيها نحو مائتي شخص قامت قوات الجيش بالتفرقة بين المتظاهرين.

وأدى آلاف من أهالي الإسماعيلية صلاة الغائب على أرواح ضحايا أحداث الغضب التي وقعت بالمحافظة منذ 25 يناير (كانون الثاني) الماضي عقب صلاة الجمعة بعدة مساجد بالمدينة. ودعا خطباء ودعاة المساجد لوأد نار الفتنة المشتعلة في خطبة الجمعة وطالبت خطب الجمعة من المصلين في أكبر مساجد مدن الإسماعيلية وفايد والتل الكبير والقنطرة أهالي الإسماعيلية بالالتزام في منازلهم عقب أداء الصلاة وعدم المشاركة في المظاهرات تجنبا لفتنة قد تحدث بين مؤيدي ومعارضي النظام الحاكم.

وذكرت الخطبة بـ«مسجد المطافي» الذي اندلعت منه المظاهرة أن غياب العدالة وانعدام تحقيقها هو السبب الأول في الاحتقان، وحث الخطباء المسؤولين على تحقيق العدالة والمساواة حتى يعود الأمان والاستقرار للبلاد. ودعت الخطب المصلين إلى إخماد نيران الفتنة والتحلي بالصبر وعدم الاندفاع واضعين نصب أعينهم مصلحة الوطن قبل أي اعتبارات، ودلل الخطباء على كلامهم بآيات من القرآن الكريم والأحاديث الشريفة وأقوال السلف التي تحذر من خطر الفتنة.

أصيب 5 أشخاص على الأقل من المتظاهرين بجروح في هجوم شنه مجموعة من أنصار مبارك حاملين الأسلحة البيضاء والعصي الغليظة أثناء المظاهرة الحاشدة بالمدينة والتي شارك فيها نحو 6 آلاف متظاهر على الأقل وطافت شوارع المدينة.

وشارك نحو 5 آلاف متظاهر على الأقل بمدينة السويس، التي شهدت أعنف اشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين قبل أسبوع، في ما عرف بـ«جمعة الغضب»، حيث سار المتظاهرون بشارع الجيش ثم توقفوا بمنطقة ميدان النمسا بعد أن احتل متظاهرون مؤيدون للرئيس مبارك ميدان الأربعين، حيث لم يتجاوز عددهم 150 شخصا فقط.

وقد شوهدت أسلحة نارية مع بعض الأشخاص إلا أن متظاهرين معارضين نجحوا في إقناعهم بمغادرة المكان. وقد حافظت قوات الجيش على عدم وجود أي اشتباكات بين الجانبين.

ورفع المتظاهرون لافتات بينها لافتة كتبت عليها عبارة «حاكموا قاتل الشهداء» إلى جانب العبارة وضعت صورة لمدير أمن محافظة السويس اللواء محمد عبد الهادي.

وسقط 24 قتيلا معارضا لمبارك في مدينة السويس في مواجهات مع الشرطة خلال الاحتجاجات التي انطلقت في مصر يوم 27 يناير (كانون الثاني)، بينما أصبح يعرف بجمعة الغضب.

في محافظة المنوفية، مسقط رأس الرئيس مبارك، تواصلت المظاهرات المطالبة برحيله بمدينة شبين الكوم، حيث تظاهر ما يقرب من 5 آلاف مواطن عند مسجد العباسي مساندين المتظاهرين بميدان التحرير ومطالبين بإسقاط النظام.

وجاب المظاهرون شوارع المنطقة وصولا إلى ديوان عام المحافظة، بينما كان الهدوء هو الغالب على باقي المراكز والمدن الأخرى بالمحافظة، بينما سادت مخاوف كبيرة لدى الشارع والمواطنين بعد أن تعرض 3 شباب من أعضاء إحدى اللجان الشعبية الموجودة على طريق القاهرة - الإسكندرية الزراعي لإطلاق ناري في ساعة مبكرة من صباح أمس (الجمعة) من سيارتين مجهولتين أمام مدينة قويسنا، التابعة لناطق المحافظة، أثناء قيامهم بتفتيش السيارات المارة، مما أدى إلى إصابتهم بإصابات خطيرة نقلوا على أثرها إلى المستشفى ولا يزالون يرقدون في غرفة العناية المركزة، بينما هربت السيارتان ولم يتم التوصل لهوية قائديها الذين أطلقوا النار بشكل عشوائي.

وفي مدينة دمنهور عاصمة محافظة البحيرة بدلتا النيل، أصيب عشرة محتجين لدى تعرض مسيرتهم الاحتجاجية على بقاء مبارك في الحكم للرشق بالحجارة من قبل مئات من مؤيدي الرئيس المصري.

وقال شاهد عيان إن مؤيدي مبارك كانوا يقفون في ميدان الساعة بالمدينة، لكنهم فروا حين رأوا حشودا من معارضيه قدرهم بعشرات الآلاف شغلوا مكانهم في الميدان.

وفي مدينة أسوان عاصمة محافظة أسوان بأقصى جنوب مصر، تظاهر نحو ألفين احتجاجا على بقاء مبارك في الحكم، مرددين الهتافات التي تطالب بتنحي الرئيس المصري، بينما تظاهر في مواجهتهم بضع مئات من المؤيدين لمبارك. وشكل عدد من أهالي المدينة حواجز بشرية بين الجانبين منعا لحدوث اشتباكات.