مصدر دستوري مصري لـ «الشرق الأوسط»: حل الأزمة في تشكيل مجلس رئاسي يدير الدولة أو منح صلاحيات كاملة لنائب الرئيس

قال إن الدستور الحالي يتيح للرئيس الخروج الآن دون أي فراغ.. واستمراره يعرض الدولة للخطر

سيدة مصرية تمسك بيدي طفليها في طريقها إلى ميدان التحرير أمس (اب)
TT

قال مصدر قضائي مصري رفيع المستوى في المحكمة الدستورية العليا، إن الدستور المصري الحالي يمكن رئيس الجمهورية من الخروج الآمن نهائيا الآن وفورا دون إحداث أي فراغ دستوري أو حدوث انقلاب أو فوضى في إدارة أمور الدولة، بل يلزمه بذلك، لأن استمرار الرئيس مبارك على رأس السلطة حتى نهاية ولايته في سبتمبر (أيلول) المقبل، يعرض الدولة والشعب للفتنة والخطر المحدق.

وأشار المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إلى أن تطبيق ذلك يمكن عن طريق أحد مخرجين يتيحهما الدستور المصري، بحيث يضمنان خروج الرئيس الآن، ولا يعطلان في الوقت نفسه إجراء الإصلاحات اللازمة، بما فيها تعديل الدستور وحل مجلسي الشعب والشورى، وهما:

(أ) أن يقوم رئيس الجمهورية بتشكيل «مجلس رئاسي مؤقت» ويمنحه صلاحية إدارة شؤون الدولة لفترة معينة، ولتكن ستة أشهر أو سنة، ويتم هذا بموجب المادة 74 من الدستور، التي تنص على أن «لرئيس الجمهورية إذا قام خطر حال وجسيم يهدد الوحدة الوطنية أو سلامة الوطن أو يعوق مؤسسات الدولة عن أداء دورها الدستوري أن يتخذ الإجراءات السريعة لمواجهة هذا الخطر بعد أخذ رأي رئيس مجلس الوزراء ورئيسي مجلسي الشعب والشورى، ويوجه بيانا إلى الشعب، ويجري الاستفتاء على ما اتخذه من إجراءات خلال ستين يوما من اتخاذها، ولا يجوز حـل مجلسي الشعب والشورى أثناء ممارسة هذه السلطات».

وفي هذه الحالة - وفقا للمصدر القضائي - يمكن للرئيس أن يقدم استقالته فورا، كما يحق للمجلس الرئاسي المؤقت حل البرلمان وتعديل الدستور وإجراء ما يراه مناسبا من إدارة مؤسسات الدولة. وأشار المصدر إلى أن وضع البلاد حاليا تنطبق عليه هذه المادة الدستورية بالكامل، فوجود البلاد في حالة فوضى وتعطيل لمؤسسات الدولة بشكل كامل وسلطاتها هو حالة الضرورة التي تعنيها المادة.

(ب) يمكن لرئيس الجمهورية تحديد اختصاصات معينة لنائب أو أكثر لإدارة الدولة في مرحلة انتقالية، ومنها قيام النائب بحل البرلمان وإجراء التعديلات الدستورية المطلوبة وإدارة شؤون البلاد، وذلك بموجب المادة (139) التي نصت على أنه «لرئيس الجمهورية أن يعين نائبا له أو أكثر، ويحدد اختصاصاتهم، ويعفيهم من مناصبهم، وتسري القواعد المنظمة لمساءلة رئيس الجمهورية على نواب رئيس الجمهورية». وأوضح المصدر القضائي أن «تحديد الاختصاصات ليس شكلا من أشكال التفويض في الصلاحيات الممنوحة دستوريا»، وبذلك فإن هذه حالة تعد حالة مختلفة عن حالة التفويض التي تتحدث عنها المادة 82 من الدستور.

ووفقا لهذا الحل الدستوري، يمكن لرئيس الجمهورية أن يستقيل فورا، أو أن يبقى موجودا بشكل «صوري» وبصلاحيات شكلية فقط. وأوضح المصدر القضائي أن «الشعب هو مصدر السلطات، وأن هذه المظاهرات الحاشدة في جميع أنحاء مصر لمدة 10 أيام، أفقدت الدولة ومؤسساتها وقادتها الشرعية الممنوحة لهم، خاصة أن المتظاهرين ليسوا كما يدعي البعض جماعة (الإخوان) أو ناشطي الـ(فيس بوك)، بل هم من جميع طوائف الشعب. وبالتالي وجود الرئيس مبارك على رأس الدولة أصبح الآن باطلا، واستمراره يحدث فتنة في البلاد. ولابد بموجب الدستور أن يمتثل للإرادة الشعبية».

ودلل المصدر على ذلك بالإشارة إلى المادة (3) من الدستور الحالي التي تنص على أن «السيادة للشعب وحده، وهو مصدر السلطات، ويمارس الشعب هذه السيادة ويحميها، ويصون الوحدة الوطنية على الوجه المبين في الدستور».

وأكد المصدر أن خروج الرئيس مبارك عن الحكم بهذه الكيفية لا يعني إهانته، بل يمكن تكريمه وخروجه بشكل لائق، ولن يفقد مكانته داخل الوطن، لكن تبقى مصلحة الدولة ورغبات الشعب فوق كل اعتبار.

وكانت هناك تحذيرات بأنه في حالة خلو منصب رئيس الجمهورية، لن يستطيع نائب الرئيس أن يجري أي تعديلات على الدستور أو حل البرلمان، استنادا للمادة 84، التي تنص على أنه «في حالة خلو منصب رئيس الجمهورية أو عجزه الدائم عن العمل يتولى الرئاسة مؤقتا رئيس مجلس الشعب، وإذا كان المجلس منحلا حل محله رئيس المحكمة الدستورية العليا، وذلك بشرط ألا يرشح أيهما للرئاسة، مع التقيد بالحظر المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 82. ويعلن مجلس الشعب خلو منصب رئيس الجمهورية. ويتم اختيار رئيس الجمهورية خلال مدة لا تجاوز ستين يوما من تاريخ خلو منصب الرئاسة».

كما تنص المادة 82 على أنه «إذا قام مانع مؤقت يحول دون مباشرة رئيس الجمهورية لاختصاصاته أناب عنه نائب رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس الوزراء عند عدم وجود نائب لرئيس الجمهورية أو تعذرت نيابته عنه. ولا يجوز لمن ينوب عن رئيس الجمهورية طلب تعديل الدستور أو حل مجلس الشعب أو مجلس الشورى أو إقالة الوزارة».