مركز «قيادة» شباب الاحتجاج داخل مقر مهجور لشركة سياحة

عشرات الشبان يحرسونه واثنان من الشبان التقيا رئيس الحكومة

TT

في قلب ميدان التحرير أقام شباب الانتفاضة المصرية مركز قيادتهم داخل مقر مهجور لشركة سياحية يلتقون فيه، يستقبلون الصحافيين ويعطون التوجيهات للشبان الميدانيين! ويحلمون بمستقبل جديد.

أحمد بدوي، 25 عاما، الآتي من القليوبية والمقيم في الميدان منذ أسبوع، هو أحد القادة الميدانيين الذين يحرسون الميدان. يتحرك بنشاط، يلقي التحيات يمنة ويسرة، يرحب بالصحافيين الأجانب، يروي لهم قصص المعارك ويدلهم على مكان تجميع المواد الغذائية أو مركز استقبال المصابين والعناية بهم.

وحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية، عرض أحمد على الصحافيين الانتقال إلى مركز قيادة ما سماه «الانتفاضة» للتباحث مع المسؤولين فيه.

أمام هذا المقر وقف عشرات الشبان حراسا له، وقد شبكوا أيديهم بعضهم بعضا لمنع دخول من لا يريدون وسط هذه الزحمة الشديدة. وبعد نقاش قصير مع أحمد سمح لمجموعة الصحافيين بالدخول إلى المقر حيث كان في انتظارها القيادي اليساري أبو العز الحريري.

هناك وداخل محل كان قبل عشرة أيام شركة سياحية ناشطة يبدو الازدحام خانقا، والحركة لا تتوقف وسط صراخ بات ضروريا للتغطية على أصوات فرقة موسيقية في الميدان تطلق العنان لأغان وطنية تعود إلى حرب السويس عام 1956.

أبو العز، الخمسيني، يبدو هادئا وواثقا، أراد بحديثه اليساري الممنهج التخفيف قليلا من طابع الفوضى والعفوية، الطاغي على المكان.

سارع إلى تقديم نفسه على أنه عضو لجنة الحوار الوطنية التي أعلن أنها تشكلت من قادة هذا التحرك للتفاوض، إذا لزم الأمر مع أركان النظام في مصر.

وتضم هذه اللجنة بشكل خاص محمد البرادعي، ومحمد البلتاجي من جماعة الإخوان المسلمين وحمدين صباحي من حزب الكرامة قيد التأسيس (ناصري) وأسامة الغزالي حرب من الجبهة الوطنية الديمقراطية إضافة إلى «خمسة أشخاص من ممثلي الحركة الشبابية» بحسب ما قال أبو العز من دون أن يكشف أسماءهم.

ويقول أبو العز، حسب وكالة الصحافة الفرنسية «اللجنة لن تدخل في حوار مع النظام قبل رحيل مبارك، إلا أننا مستعدون لإجراء حوار حول كيفية رحيله».

وقال إن عضوين من اللجنة لم يكشف اسميهما زارا رئيس الحكومة أحمد شفيق لمناقشة كيفية رحيل الرئيس المصري! وأن الرد من شفيق لم يأت بعد! مع أنه وافق على العمل سريعا لإطلاق سراح المحتجزين لأسباب سياسية.

يستخدم أبو العز التعبيرات اليسارية. فما يحصل هو «ثورة» ونجاحها مرتبط «أولا بمدى تصاعد قوتها وضغطها وهذا يتحقق كل يوم! وثانيا بمدى ضعف النظام القائم» وهو واقع قائم برأيه منذ تعهد الرئيس مبارك بعدم الترشح.

المطالب قديمة جديدة وهي «إصدار قرار بقانون لإجراء انتخابات تشريعية بإشراف قضائي وإنهاء حالة الطوارئ! والإفراج عن المعتقلين وحل مجلسي الشعب والشورى، وإجراء الانتخابات التشريعية قبل الانتخابات الرئاسية! وقيام البرلمان الجديد بتعديل القوانين الخاطئة الموجودة».

ويقول أبو العز الحريري «إذا كان الرئيس مبارك يريد فعلا الاستقرار فليسهل الأمر ويقوم هو بنفسه كرئيس بحل مجلسي الشعب والشورى، وإصدار قرار بقانون لإجراء انتخابات تشريعية بمراقبة قضائية تنتج سلطة تشريعية قادرة على تغيير ما هو ضروري من قوانين».

ويوضح أنه يطلب ذلك من الرئيس المصري لأن صلاحيات نائب الرئيس لا تتيح له إصدار قانون للانتخابات بقرار.

وأكد أبو العز أن المحتجين مستعدون للموافقة على رفع الاعتصام «في حال نقل الرئيس مبارك بالفعل صلاحياته كاملة إلى نائبه عمر سليمان، واكتفى بمركز فخري فقط خلال الأشهر القليلة المتبقية له من ولايته».

وعما إذا كانت هذه اللجنة التي شكلوها تعتبر مجلسا لقيادة الثورة، ابتسم وقال «لا يمكن أن نكون مجلسا لقيادة الثورة، ونحن نقوم بدور بسيط لفترة انتقالية» ريثما يعاد بناء المؤسسات.

وليد السخاوي كان يقف أمام مدخل المقر بسترة جلد أنيقة، وربطة عنق زاهية وهندام يختلف كثيرا عما هو سائد في ميدان التحرير. وهو دكتور في علم الموسيقى وطبيب في الوقت نفسه.

أما مطالبه فهي بكل بساطة «استقالة الرئيس ونائبه عمر سليمان وكل أعضاء الحكومة، ومجلسي الشعب والشورى، على أن يقوم رئيس الأركان وقائد الحرس الجمهوري بالقبض عليهم لإجراء محاكمات علنية لهم».

والأمر محسوم بالنسبة إليه: «إذا لم يتحقق هذا الأمر فلن نكون قد حققنا شيئا». ولكن كثيرا من الشباب حوله علقوا ضاحكين «إنه واقعي للغاية».