الجزائر: ردود فعل متباينة إزاء قرار رفع حالة الطوارئ

الإعلام الحكومي يبدأ لأول مرة منذ سنوات بتغطية نشاطات المعارضة

TT

بدأت وسائل الإعلام الحكومية الثقيلة في الجزائر، بتطبيق تعليمات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الخاصة بتغطية نشاطات أحزاب المعارضة التي تحتج منذ سنوات طويلة، على إقصائها من نشرات الأخبار المصوَرة والمسموعة. في غضون ذلك، تباينت ردود فعل الأحزاب والتنظيمات والجمعيات، حيال إعلان الرئيس رفع حالة الطوارئ «في أقرب الآجال».

وأفاد صحافي من وكالة الأنباء الجزائرية، رفض نشر اسمه، لـ»الشرق الأوسط» أن مسؤولي الوكالة الرسمية أبلغوا صحافييها أنهم «من الآن فصاعدا مكلفون بتغطية نشاطات كل الأحزاب المعتمدة، بما في ذلك «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» و»جبهة القوى الاشتراكية»، قطبا المعارضة الجزائرية وأكثرها انتقادا للرئيس وحكومته.

ولأول مرة منذ سنوات نقلت الوكالة في شريطها خطاب مسؤولي جبهة القوى الاشتراكية والتجمع من اجل الثقافة والديمقراطية. وكان ذلك في إطار ردود فعل الطبقة السياسية حيال تدابير هامة أعلنها بوتفليقة مساء الخميس الماضي، أبرزها تكليف الحكومة يإعداد نص قانوني ستلغى بموجبه حالة الطوارئ التي فرضتها السلطات منذ بداية 1992. كما أعلن الرئيس أنه أمر التلفزيون والإذاعة الحكوميين بنقل كل نشطات أحزاب المعارضة.

ودرج التلفزيون ومعه وقنوات الإذاعة الثلاث، على تغطية نشاطات أحزاب «التحالف الرئاسي»، المساندة لرئيس الجمهورية فقط وهي «جبهة التحرير الوطني» (رئيسه الشرفي بوتفليقة نفسه) و»التجمع الوطني الديمقراطي» (يقوده الوزير الأول أحمد أويحيى) و»حركة مجتمع السلم» الإسلامية. والثلاثة يسيطرون على مقاعد البرلمان بغرفتيه وعلى أغلبية الحقائب الوزارية. وتقول المعارضة إن «التحالف» أغلق اللعبة السياسية في البلاد ونصفه بـ»الحزب الواحد برؤوس ثلاثة».

وصرح الناطق باسم «جبهة التحرير» قاسة عيسى، في بيان، أن الاجراءات الرئاسية «تعكس بوضوح إنحياز الدولة الجزائرية إلى جانب الحق والحرية». واعتبر النية في إلغاء حالة الطوارئ «قراءة سليمة وصحيحة للواقع الجزائري». أما التجمع الوطني الديمقراطي فاعتبر ان هذا القرار يؤكد نجاعة «النموذج الديمقراطي التعددي المطبق في بلادنا». كما رحبت حركة المجتمع من اجل السلم أيضا بهذا التدبير! معتبرة انه «خطوة مهمة الى الامام».

في المقابل، قال السكرتير الأول لـ»القوى الاشتراكية» كريم طابو في اتصال مع «الشرق الأوسط»، إن الاجراءات المتعلقة برفع حالة الطوارئ وفتح وسائل الإعلام الثقيلة على المعارضة، «غير كافية وتترجم خوف السلطات من هبوب رياح التغيير من تونس ومصر على الجزائر».

وبدوره، رأى التجمع من اجل الثقافة والديمقراطية المعارض، في القرار «مناورة» تهدف الى «التضليل». كذلك، اعتبرت الامينة العامة لحزب العمال (يساري) لويزة حنون أن التدابير التي اعلنها مجلس الوزراء وخصوصا حول رفع حالة الطوارئ وفتح وسائل الاعلام امام احزاب المعارضة «ايجابية جدا». وقالت في تصريح صحافي «طالما ناضلنا من اجل متابعة التصدي للارهاب التي لا تتعارض مع الحق في حرية التعبير والتظاهر».

أما المحامي الحقوقي مصطفى بوشاشي فقال في اتصال به، إن إجراءات الرئيس «إيجابية، ولكن الجزائريين يريدون قرارت شجاعة تنقلهم من ديمقراطية الواجهة إلى الديمقراطية الحقيقية».

في سياق ذي صلة، أفرجت السلطات الجزائرية الليلة قبل الماضية عن قيادي «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المحظورة علي بن حاج، بعد اعتقاله لساعات على خلفية انتقاده إجراءات اتخذها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، أبرزها رفع حالة الطوارئ. وعاد بن حاج إلى بيته ليل السبت بعد خضوعه لمساءلة من طرف الأمن المركزي بالعاصمة، بسبب تصريحات أطلقها في مسجد بالضاحية الجنوبية للعاصمة، انتقدت إجراءات أعلن عنها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مساء الخميس الماضي، أهمها إعلان نيته رفع حالة الطوارئ السارية في البلاد منذ 19 سنة. ونقل عن بن حاج قوله لمصلين بعد انتهاء صلاة الجمعة، أن ما وعد به الرئيس «إنما هو محاولة للالتفاف على مطالب الشعب الجزائري في الحرية».

وتحدث بن حاج مطولاً عن ما أسماه «ثورة الشعب المصري»، وشبهها بأحداث وقعت بالجزائر مطلع الشهر الماضي خلفت 4 قتلى وعشرات الجرحى في صفوف متظاهرين وقوات مكافحة الشغب. ورفض بن حاج، كعادته، الرد على أسئلة رجال الشرطة. يشار إلى أن قيادي «الإنقاذ» متابع بتهمتي «المساس بأمن الدولة» و»التحريض على مظاهرة مسلحة»، على خلفية تواجده وسط المتظاهرين في أحداث الشهر الماضي.