الحزب الحاكم في مصر لـ «الشرق الأوسط»: إما الشرعية الدستورية أو الجيش

الاحتجاجات أطاحت بجمال.. ومبارك «الأب» باق في قيادة الحزب الوطني > مسؤول اميركي: التغيرات الجديدة خطوة ايجابية

محتجون يستريحون ويطالعون الصحف بجانب دبابة مدرعة مصرية وسط ميدان التحرير (اب)
TT

أطاحت الاحتجاجات المتصاعدة في مصر بقيادات في الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم الذي يرأسه الرئيس المصري حسني مبارك أمس، وقال الحزب لـ«الشرق الأوسط»، حول الحوار الجاري بين السلطة والقوى السياسية المعارضة التي ترفض الخيار الدستوري ببقاء الرئيس مبارك لنهاية ولايته: «إما خيار حكم الشرعية الدستورية، أو خيار الجيش»، مؤكدا أن القيادة الجديدة للحزب ستفتح تحقيقا لمحاسبة أي من أعضائه ممن يثبت تورطه في ممارسة العنف ضد المتظاهرين. ومن بين قيادات الحزب ممن تمت الإطاحة بهم أمس، الرجل القوي بالحزب، صفوت الشريف، وأمين السياسات جمال مبارك نجل الرئيس المصري، والدكتور زكريا عزمي، أمين الشؤون المالية والإدارية المشرف على شؤون التنظيم (رئيس ديوان رئيس الجمهورية) ومفيد شهاب أمين الشؤون القانونية (وزير الشؤون القانونية وشؤون مجلس الشعب)، وعلي الدين هلال أمين الإعلام في الحزب.

وتقرر تعيين الدكتور حسام بدراوي، المعروف بتوجهاته الإصلاحية، أمينا عاما وأمينا للسياسات بالحزب، خلفا للرجل القوي بالحزب، صفوت الشريف، وخلفا لأمين السياسات جمال مبارك نجل الرئيس المصري، فيما تولى الدكتور محمد عبد اللاه، وهو من الإصلاحيين بالحزب أيضا، موقع الأمين العام المساعد أمين الإعلام.

وقال الدكتور عبد اللاه لـ«الشرق الأوسط» عقب توليه موقعه الجديد، إن بقاء الرئيس مبارك في موقعه حتى نهاية ولايته في الخريف المقبل، أمر يفرضه عليه الدستور، وهو يمثل الشرعية بوصفه الرئيس المنتخب المنوط به إحالة التعديلات الدستورية التي تطالب بها المعارضة إلى البرلمان، وانه في حالة عدم إحالة هذه التعديلات فإن الخيار سيكون في الجيش، موضحا بقوله: «إذا قبلنا ألا نحترم الدستور في مصر، فلن يبقى شرعية إلا شرعية القوات المسلحة، التي نكن لها كل الاحترام». وقال عن التشدد في الحوار مع السلطة من بعض الأطراف إن «كل المطالب تم التوافق عليها.. بعض المواقف غير مفهومة نتيجة أن البعض يجهل آليات تنفيذ الدستور وتعديله. لتغيير الدستور فأنت تحتاج لرئيس الجمهورية لكي يحيل التعديل إلى مجلس الشعب». ونفى عبد اللاه ما تردد في بعض وسائل الإعلام أمس من أن الرئيس مبارك قدم استقالته من الحزب الوطني الحاكم، وقال «هذا الخبر غير صحيح»، مشيرا إلى أن الحزب بتشكيلته الجديدة التي لم تجتمع بعد، سوف يتخذ عدة خطوات «ستشمل تقييما لكل القيادات. وإذا ثبت تورط أي قيادي أو عضو في الحزب عن طريق التحريض أو التمويل أو التخطيط في الأحداث التي وقعت ضد المتظاهرين سوف يتم فصله في التو»، إلى جانب المحاسبة القضائية.

وتابع قائلا إن الحزب سوف يتجه بشكل أكبر من السابق نحو تحقيق العدالة الاجتماعية التي هي ليست بديلا عن الاقتصاد الحر الذي ستكون له ضوابط، وأن الحزب سوف ينفتح على الأحزاب «نحن نؤمن تماما بالحوار السياسي»، بما في ذلك مع جماعة الإخوان المسلمين التي سيتوقف العمل معها باعتبارها تنظيما محظورا لكن على الإخوان أن يقبلوا بالحوار وأن يتقدموا ببرنامج حزب لتشكيل حزب لهم ذي مرجعية إسلامية، فلا مانع لدينا».

وأضاف عبد اللاه أنه من بين الإصلاحات التي سيتبناها الحزب «مشروع لإصلاح قانون مباشرة الحقوق السياسية والانتخابية.. توجد روح جديدة فلا داعي أن نعطل المصالح». وأضاف أن أمام الإخوان «فرصة ذهبية في أن يندمجوا في العملية السياسية وإذا أرادوا أن يكونوا حزبا يحترم الدستور ببرنامجه ذي الخلفية الإسلامية فأهلا بهم كفصيل في الحياة السياسية، لكن لو استمرت المحاولات في هدم الدولة المصرية فسيكونون هم الذين اختاروا هذا الطريق».

ويترأس مبارك الحزب الوطني منذ عام 1981 أي عقب رحيل مؤسسه الرئيس الراحل أنور السادات بفترة وجيزة. وقال الحزب الحاكم في مؤتمره السنوي الذي عقده قبل نحو شهرين برئاسة مبارك إن عدد أعضائه وصل إلى نحو 3 ملايين عضو. وظل الحزب الوطني يهيمن على الأغلبية في البرلمان والمجالس المحلية طيلة نحو 3 عقود. واكتسح مرشحوه الفوز في انتخابات مجلسي الشعب والشورى في عام 2010، دون أن تتمكن المعارضة من الفوز بأية مقاعد تذكر. وجاءت التغييرات المفاجئة في هيئة مكتب الحزب الحاكم بعد ساعات من انضمام آلاف المحتجين من عدة محافظات لمظاهرات حاشدة بالقاهرة والإسكندرية. قال مسؤول في ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما ان استقالة جمال مبارك نجل الرئيس المصري حسني مبارك من الحزب الحاكم في مصر امس «خطوة ايجابية»، وان الولايات المتحدة تتطلع لخطوات اضافية. وحثت الولايات المتحدة مصر وهي حليفة لها منذ فترة طويلة على البدء فورا في انتقال منظم للديمقراطية بعد ايام من الاحتجاجات الحاشدة التي تطالب بانهاء حكم مبارك المستمر منذ 30 عاما.

وأضاف المسؤول الاميركي الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن اسمه في تعقيبه على استقالة جمال مبارك من قيادة الحزب: نرى هذه خطوة ايجابية نحو التغيير السياسي ستكون ضرورية ونتطلع لخطوات اضافية.

وقال الرئيس الاميركي باراك اوباما يوم الجمعة ان عهد قمع المعارضة السياسية في مصر انتهى وعبر عن أمله في ان يتخذ مبارك القرار الصائب.