الفلسطينيون يتضامنون مع الشعب المصري ولا يستجيبون للتظاهر ضد فتح وحماس

محلل سياسي لـ «الشرق الأوسط»: الاحتلال والانقسام يمنعان التظاهرات رام الله: كفاح زبون

TT

ذهبت كل الدعوات للتظاهر ضد الحكومتين في الضفة الغربية وقطاع غزة في اليومين الماضيين أدراج الرياح، وقرر الشعب الفلسطيني متابعة الأحداث في مصر، والتظاهر مع شعبها.

وتتخذ أجهزة الأمن في الضفة وغزة احتياطات عالية لمنع أي مظاهرات، بعد دعوات أطلقها ناشطون من فتح وحماس على الموقع الاجتماعي «فيس بوك» لإخراج الناس إلى الشوارع للإطاحة بسلطتي رام الله وغزة.

وأعلنت الحكومتان منع التظاهر، لأي سبب، وقال اللواء عدنان ضميري، المفوض السياسي العام والناطق الرسمي باسم الأمن في الضفة: «إن المؤسسة الأمنية حظرت التجمعات غير المرخصة التي من شأنها أن تخلق حالة من الفوضى والتعارض مع النظام العام». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «إننا نستغرب الاهتمام اللافت حول ظواهر صغيرة في فلسطين وتضخيم تقارير ليس لها ما يدعمها على أرض الواقع لزج فلسطين والسلطة الوطنية في نزاعات إقليمية، في الوقت الذي تعاني فيه فلسطين الاحتلال الإسرائيلي والاستيطان».

وتابع: «إن أولويات الشعب الفلسطيني هي تعزيز المقاومة الشعبية ضد الاحتلال والجدار والاستيطان لنيل الاستقلال، وإن المؤسسة الأمنية الفلسطينية تؤكد أن حق التعبير مكفول في إطار القانون».

وحذرت وزارة الداخلية المقالة في غزة، من جانبها، من مخططات لحركة فتح «لتخريب الأمن». وأكدت أن أي تظاهرات يجب أن تنال الترخيص اللازم.

وخلال اليومين الماضيين فرقت السلطة بالقوة كل محاولة للتظاهر بغض النظر عن الأسباب، حتى تلك التي تساند الشعب المصري، وهكذا فعلت الحكومة المقالة في غزة. وانتقدت منظمة «هيومان رايتس ووتش»، الأميركية لحقوق الإنسان، استخدام القوة في رام الله لتفريق تظاهرة تضامن مع الثورة الشعبية في مصر. ووصل الأمر في المنظمة إلى القول، على لسان مديرة المنظمة في الشرق الأوسط وجنوب أفريقيا سارة لي واطسون: «يجب على السلطة أن تعلن فورا أن تدريب قوى الأمن لوضع أسس الدولة الفلسطينية لا يشمل ضرب المتظاهرين المسالمين».

واعتبرت المنظمة أن على «الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تعليق المساعدات لقوى الأمن الفلسطينية حتى تتخذ السلطات الفلسطينية الإجراءات المناسبة لوقف مثل هذه التجاوزات وإفساح المجال أمام الفلسطينيين لممارسة حقهم في التجمع والتعبير».

وانتقدت المنظمة أيضا منع حماس سكان قطاع غزة من التظاهر دعما للاحتجاجات المستمرة في مصر. وقالت واطسون: «يجب أن توقف سلطات حماس التدخل العشوائي بالتظاهرات السلمية حول مصر أو أي شيء آخر».

ولكن على الرغم من محاولات الأجهزة الأمنية، نجح الفلسطينيون في التظاهر في رام الله وبيت لحم ونابلس، في الضفة، تضامنا مع الشعب المصري، وبشكل لافت سمح لهم، أمس، بالمطالبة بإسقاط حكم الرئيس المصري حسني مبارك. وتظاهر مئات من ممثلي مؤسسات المجتمع المدني، وطلاب ومواطنون وقيادات يسارية ومستقلة، لا ينتمون لفتح أو حماس، في رام الله وهم يرفعون الأعلام الفلسطينية والمصرية وشعارات مثل «فلتسقط أنظمة القمع»، و«من رام الله إلى التحرير.. الشعب يريد التغيير».

وفي بيت لحم، تظاهر العشرات في ساحة المهد وسط المدينة وهم يرفعون أعلام فلسطين ومصر ويرددون هتافات التضامن مع الشعب المصري والمطالبة برحيل مبارك، وفي المظاهرتين لم تتدخل الأجهزة الأمنية، مثل مرات سابقة، وانفض الجمع من دون مشكلات.

وقال المحلل السياسي هاني المصري لـ«الشرق الأوسط»: إن ما يمنع التظاهر في فلسطين على غرار ما حدث ويحدث في تونس ومصر، هو الواقع المختلف. وأوضح: «نحن لسنا دولة، نحن نعيش تحت الاحتلال والانقسام، وهذان الظرفان يمنعان الحراك الشعبي، لكن هذا قد لا يطول كثيرا». وتابع: «هناك من يدعو للثورة ضد فتح، وآخرون ضد حماس، لكن هناك من يدعو للثورة ضدهما معا بسبب الانقسام».

أما فيما يخص الموقف «الصامت» التي تتخذه السلطة في الضفة وحماس في غزة من المظاهرات المصرية، فقال المصري: «إنه موقف غير مفهوم، ويدل على ارتباك وعدم ثقة بالنفس، الحديث عن لعنة الكويت وعدم تكرار خطأ مناصرة العراق على الكويت لا ينسحب على ما يحدث في مصر، هناك كانت دولة تحتل دولة أخرى، أما هنا فالشعب نفسه ينتفض ضد نظام يقر هو بمشروعية التظاهرات، فكيف نلتزم نحن القريبين من مصر الصمت؟».