باريس أمرت بتجميد تصدير الأسلحة ومعدات حفظ النظام إلى مصر

منذ بدء الانتفاضة الشعبية

TT

سارعت فرنسا في اليوم نفسه الذي انطلقت فيه الحركة الاحتجاجية المصرية المطالبة برحيل الرئيس حسني مبارك إلى وقف تسليم معدات حفظ الأمن بما فيها القنابل المسيلة للدموع إلى السلطات المصرية. وبعد يومين، اتخذت هيئة الموافقة على عقود بيع وتصدير الأسلحة التي تشرف عليها رئاسة الحكومة بتجميد تسليم الأسلحة والعتاد الحربي إلى مصر.

وأمس، أكدت مصادر في رئاسة الحكومة صحة المعلومات التي كشفتها صحيفة «لوموند» في نشرتها الإلكترونية، مما يعكس رغبة في التزام «الشفافية» وهي غير معهودة في هذا النوع من المسائل. أما قرار وقف شحنات حفظ الأمن فقد اتخذته السلطات الجمركية مباشرة وبالطبع مع سلطة الوصاية. وحقيقة الأمر أن السلطات الفرنسية لا تزال تعاني من الآثار السلبية التي ترتبت على طريقة تعاطيها مع الأزمة التونسية وهي تسعى إلى عدم تكرار «الأخطاء» نفسها التي ارتكبت في حينه إن سياسيا أو دبلوماسيا، لجهة تأخر باريس في «الابتعاد» عن الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، أو أمنيا حيث استمر التعاون الأمني مع تونس رغم أسابيع القمع الأعمى الذي تعرض له المتظاهرون. ولا تريد باريس خصوصا معاودة «الهفوة» الأمنية التي ارتكبتها وزيرة الخارجية ميشال إليو ماري في الجمعية الوطنية عندما اقترحت «مساعدة تونس وتزويدها بالخبرات الفرنسية» في المحافظة على الأمن، مما فهم أنه دعم للنظام التونسي، أو استمرار تزويدها بمعدات حفظ الأمن بما فيها القنابل المسيلة للدموع والهراوات والدروع وخلافها حتى اليوم الأخير لبن علي في السلطة. وواضح أن الحكومة الفرنسية تريد عبر التدبيرين المشار إليهما «وقف الأسلحة والعتاد ووقف تصدير معدات حفظ الأمن إلى مصر» تحقيق هدفين متلاصقين: حماية نفسها في الداخل من الانتقادات التي كان لا بد من أن تنصب عليها في حال امتنعت أو تأخرت عن اتخاذ تدبير كهذا وتوجيه إشارة سياسية - دبلوماسية إلى الخارج وللجانب المصري في المقام الأول وإعطاء مضمون «ملموس» لتصريحات فرنسا حول ضرورة البدء بمرحلة التغيير ودرء ما يقال عنها من أنها وأوروبا بشكل عام «تقلد» الولايات المتحدة الأميركية وتلحق بها باستمرار. وتشدد المصادر على «المعنى» القوي لقرار تجميد ترحيل معدات حفظ الأمن في اليوم نفسه الذي بدأت فيه الحركة الاحتجاجية. وما يزيد من هذه القناعة أن حجم الصادرات العسكرية الفرنسية إلى مصر ضئيل للغاية قياسا لما تتلقاه القوات المصرية من أسلحة أميركية. وتفيد الأرقام المتوافرة أن صادرات الأسلحة من فرنسا إلى مصر للفترة الواقعة بين العامين 2005 و2009 بلغت 210 ملايين يورو. وتحتل مصر المرتبة الرابعة من بين الدول المستوردة للسلاح الفرنسي. وللعام 2009، جاءت الإمارات العربية المتحدة في المرتبة الأولى «1.2 مليار يورو» تليها المملكة السعودية «مليار يورو» ثم سلطنة عمان «850 مليون يورو» فيما وصلت الواردات المصرية الدفاعية من فرنسا إلى 72 مليون يورو. غير أنه يقوم بين البلدين تعاون دفاعي في ميدان التدريب والتمارين المشتركة وأشهرها تمرين «النجم الساطع» «برايت ستار» الجماعي الذي تشارك فيه أساسا الولايات المتحدة الأميركية وألمانيا وفرنسا ومصر ودول أخرى. وبينهما تمارين ثنائية لا ترقى إلى التمرين الأول التقليدي.