أرملة تونسي قتله قناصة بن علي: خطفوه مني ودمروا حياتي

القصرين تتذكر بأسى مقتل 25 من أبنائها خلال تظاهرهم

TT

تزوج بلقاسم قبل شهرين فقط، وقتل في السادسة والثلاثين من العمر بثلاث رصاصات في القصرين، وسط تونس، في الثامن من يناير (كانون الثاني) الماضي، عندما أطلق الرئيس التونسي المخلوع، زين العابدين بن علي، قناصته، في محاولة أخيرة لقمع المظاهرات.

وتقول سميرة أرملة بلقاسم (25 سنة)، وهي تحمل صورا عن فترة سعادتها القصيرة: «لم يتسن لي الوقت لأن أكون سعيدة فعلا. لقد دمروا حياتي». وأضافت: «لقد خطفوه مني. لماذا قتلوه عندما كان يتظاهر سلميا مع أصدقائه؟». وتكرر باستمرار وهي تجهش بالبكاء: «القناصة.. القناصة».

وتقول والدته مريم (65 سنة) وهي تبكي: «ماذا فعلنا لنستحق مثل هذه المأساة؟»، متهمة أتباع زين العابدين بن علي (الرئيس التونسي المخلوع) بالوقوف وراء هذه الجريمة، حسبما أفادت به وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير لها حول الموضوع.

وأفادت مصادر طبية متطابقة بأن 25 متظاهرا، أغلبيتهم من الشباب، قتلوا في القصرين خلال الثورة على النظام التونسي، ومعظمهم برصاص قناصة. وكان الثامن والتاسع من يناير (كانون الثاني) الماضي الأكثر دموية في هذه المدينة، التي يقدر عدد سكانها بـ100 ألف نسمة. ويروي سكان لا يزالون تحت وقع الصدمة لـ«فرانس برس» هذه الممارسات الفظيعة والدامية. وقال شاب يدعى بلال عيدودي، وهو في الـ25 من العمر: «كنا تجمعنا سلميا قرب مسجد الزهور في حي فقير من المدينة للاحتجاج على البطالة والديكتاتورية والمطالبة بالحرية. لم نكن نتوقع أن نتعرض لإطلاق نار». وأضاف أن الشاب محمد أمين مباركي، البالغ من العمر 17 سنة، أصيب برصاصة في الرأس أطلقتها الشرطة، وتابع بلال: «حاولنا سحب جثته لكننا تعرضنا لإطلاق نار. على الشخص الذي أصدر الأمر بإطلاق النار على أبرياء أن يُحاكَم أمام المحكمة في لاهاي كمجرم حرب».

ويغص عندما يستذكر يوم العاشر من يناير الذي شيع خلاله محمد أمين، وقال: «أطلقت الشرطة النار على الأهل والأقارب لمنعهم من حضور الجنازة. وأصيبت شقيقتي عفاف، ولقينا صعوبة لإقناعهم بالسماح لنا بنقلها إلى المستشفى». وقالت عفاف عيدودي (20 سنة) من سريرها في المستشفى: «لا أدري كيف وجدت نفسي على الأرض، لكني فخورة بكوني شاركت في الثورة». وتعرف جيدا أنها لن تتمكن من إتمام عامها الجامعي، وقالت: «كنت أريد أن أنهي دراستي الجامعية بسرعة والعمل من أجل مساعدة أسرتي، لكن القدر شاء غير ذلك». كما لم يرحم القدر أسرة زهرة مجري، وهي أم لخمسة أولاد يعيشون في غرفتين صغيرتين؛ فقد قتل ابنها محمد (23 سنة) برصاص قناص في التاسع من يناير.

وقالت وهي تبكي: «ابتعد محمد عن مجموعة المتظاهرين الذين تم تفرقتهم بالغاز المسيل للدموع، وحاول اللجوء إلى مسجد، وعندها أصيب برصاصة في الرأس». وأضافت: «كان ولدي البكر. وعلى الرغم من فشله في المدرسة، تسجل في مؤسسة خاصة، وكان يعمل بدوام جزئي ويريد الحصول على شهادة البكالوريا». وقالت بغضب: «بن علي، فليأتوا به إلى هنا وليحاكم الشعب مجرم الحرب هذا». ونجا حمزة منصوري (18 سنة) من الموت بأعجوبة، وهو يقول من سريره مشيرا إلى صدره: «لقد دخلت الرصاصة من هنا وخرجت من الجانب الآخر. الحمد لله نجوت من الموت». ويقول بغضب: «لقد تظاهرنا من أجل الحرية والكرامة. الناس هنا عاطلون عن العمل ولا يستطيعون تأمين لقمة العيش. للحصول على وظيفة بسيطة يجب دفع رشاوى بقيمة ألفي يورو وعندما تحصل على راتبك عليك تقاسمه مع الشخص الذي وفر لك الوظيفة».