نزاع بين تايلاند وكمبوديا: المعارك توقفت.. والتوتر لا يزال سيد الموقف

اتفاق لوقف إطلاق النار إثر مواجهات بالسلاح الثقيل بسبب خلاف حول معبد مدرج ضمن لائحة اليونيسكو

TT

اتفقت تايلاند وكمبوديا أمس على وقف إطلاق النار، بعد مواجهات أوقعت أربعة قتلى منذ أول من أمس، لكن الوضع ما زال متوترا بين البلدين اللذين تسممت علاقاتهما بسبب خلاف على ترسيم الحدود.

وبعد معارك بالسلاح الثقيل استمرت زهاء الساعتين أول من أمس، تجدد تبادل إطلاق النار فجر أمس خلال ثلاثين دقيقة، ودائما على مقربة من معبد يتنازع عليه البلدان. وقتل جندي لدى كل من الجانبين، وقروي تايلاندي، إضافة إلى مدني كمبودي، مما جعل هذه المواجهات الأكثر دموية منذ أبريل (نيسان) 2009. كما أصيب عدد من الجنود لدى كل من الجانبين، فيما اضطر آلاف القرويين للهرب من مناطق المعارك.

وفي الواقع لم يتم ترسيم قطاعات عدة من الحدود، مما يغذي الخلافات التي تسببت في مواجهات مسلحة عدة أسفرت عن سقوط عدد من القتلى في 2008 و2009. وقد تمحور الخلاف حول معبد برياه فيهيار، وهو موقع أثري يعود إلى القرن الحادي عشر، ومدرج على لائحة التراث البشري لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونيسكو) في 2008. ويعود هذا الموقع الأثري إلى السيادة الكمبودية، كما جاء في قرار لمحكمة العدل الدولية في لاهاي في 1962. لكن التايلانديين يسيطرون على أبرز طرق الوصول إليه، بينما لم يتم ترسيم عدد من القطاعات، خصوصا منطقة تبلغ مساحتها 4.6 كيلومتر مربع أسفل المعبد. وتشارك الدولتان في عملية لترسيم حدودهما المشتركة، لكن العملية متوقفة حاليا.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن المتحدث باسم الجيش التايلاندي سونسيرن كاوكومنرد قوله أمس إن مسؤولين من الجيشين التقيا أمس واتفقا على وقف إطلاق النار. وأعيد فتح ثلاث نقاط تفتيش على الحدود بالقرب من معبد برياه فيهيار عقب الاتفاق. وكانت هذه النقاط قد أغلقت مع اندلاع القتال أول من أمس.

وأكد جنرال كمبودي التوصل إلى الاتفاق، لافتا في الوقت نفسه إلى أن الوضع «ما زال متوترا». وأضاف الجنرال سري ديوك لدى خروجه من المحادثات «إذا عادوا فإن المعارك ستتجدد». وأكدت كمبوديا أن المواجهات تسببت في إلحاق «أضرار كبيرة» بالمعبد. وأقرت بانكوك وبنوم بنه بأن الجيشين استخدما المدفعية الثقيلة، كما حملت كل منهما الأخرى مسؤولية المواجهات، واتهمت كل منهما الأخرى بـ«الاعتداء».

وفي حين دعت الولايات المتحدة البلدين إلى التحلي بـ«أقصى درجات ضبط النفس»، كتبت وزارة الخارجية الكمبودية أمس إلى مجلس الأمن الدولي لـ«لفت انتباهه إلى الوضع المتفجر على الحدود» من دون المطالبة بتدخله.

وقد اشتدت حدة التوتر بين البلدين بعد اعتقال سبعة تايلانديين دخلوا منطقة حدودية أخرى متنازعا عليها في أواخر ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وحكم على اثنين منهما وأحدهما مسؤول سابق في حركة «القمصان الصفر» القومية والملكية يوم الثلاثاء الماضي في بنوم بنه بالسجن مع النفاذ بتهمة التجسس.

وقد اتهم نائب رئيس الوزراء التايلاندي سوثيب ثوغسوبان، القمصان الصفر بالتسبب في تدهور الوضع. وأضاف مايكل مونتيسانو، من معهد الدراسات حول جنوب شرق آسيا في سنغافورة، إن «مجموعة صغيرة جدا من القمصان الصفر مصممة على إبقاء التوترات مع كمبوديا مشتعلة». وتابع سومبو مانارا، المؤرخ في «الجامعة الملكية في بنوم بنه»، أن الحكومة التايلاندية قد «تستخدم المواجهات الأخيرة» على أمل «تهدئة» الصفر.

أما «القمصان الصفر» الذين يعتصمون حول مقر الحكومة التايلاندية منذ أكثر من أسبوع للتنديد بإدارة هذه الأزمة، فقد وعدوا بتنظيم تجمع ضخم يوم أمس في بانكوك. وقد بلغ عددهم نحو 2500 عند منتصف بعد الظهر بالتوقيت المحلي بحسب الشرطة.