أميركا وروسيا تبدآن رسميا العمل بمعاهدة «ستارت» الجديدة

البلدان يستعدان لمحادثات أخرى بشأن الأسلحة قصيرة المدى

كلينتون ولافروف يوقعان وثائق معاهدة «ستارت» في ميونيخ أمس (أ.ف.ب)
TT

دخلت المعاهدة الجديدة الأميركية - الروسية للحد من الأسلحة النووية (ستارت)، التي وقعت في 8 أبريل (نيسان) الماضي، حيز التطبيق أمس بعد تبادل «آليات المصادقة» بين وزيري خارجية البلدين. وبذلك يتعين على البلدين الآن، بموجب المعاهدة، الانتقال إلى محادثات أخرى حول الحد من الأسلحة قصيرة المدى وكذلك حول مخزونات الرؤوس النووية المخبأة.

وقالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، خلال حفل حضره نظيرها الروسي سيرغي لافروف، على هامش المؤتمر السنوي حول الأمن في ميونيخ (جنوب ألمانيا): «اليوم تبادلنا آليات المصادقة على المعاهدة التي تخفض المخاطر النووية التي تحدق بالشعبين الروسي والأميركي وبالعالم».

وتشكل المعاهدة الحجر الأساسي في «إعادة انطلاق» العلاقات بين واشنطن وموسكو بعد توترات ظهرت في نهاية ولاية الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، سلف الرئيس باراك أوباما، كان الرئيسان الأميركي باراك أوباما والروسي ديمتري ميدفيديف قد وقَّعاها في براغ في أبريل 2010 بعد مفاوضات طويلة.

وهذه المعاهدة التي يسري مفعولها لـ10 سنوات والقابلة للتجديد لـ5 سنوات تنص على أن كلا من الدولتين يمكن أن تنشر 1550 رأسا نوويا كحد أقصى، أي خفض ما نسبته 30% مقارنة بالعام 2002. وتتيح المعاهدة استئناف عمليات التحقق المتبادلة للترسانات النووية للقوتين العظميين، التي توقفت في نهاية 2009 مع انتهاء العمل بمعاهدة نزع الأسلحة الثنائية السابقة التي يعود تاريخها للعام 1991.

إلا أن المعاهدة الجديدة واجهت انتقادات؛ لأنها ليست طموحا؛ ذلك أنها لا تأخذ في الاعتبار آلاف الرؤوس النووية التي تخزنها روسيا والولايات المتحدة. وعلى الرغم من أن 6 دول أخرى (من دون احتساب كوريا الشمالية التي لا تزال قدراتها النووية في بداياتها) تملك السلاح الذري، فإن واشنطن وموسكو لا تزالان تملكان أكثر من 90% من الترسانات النووية في العالم. كذلك، فإن السقف الذي تحدده الاتفاقية لجهة الصواريخ والقاذفات ذات إشعاع العمل الطويل المنتشرة فعليا (700 لكل من البلدين، إضافة إلى 100 على سبيل الاحتياط) يتطابق إلى حد ما مع الواقع على الأرض؛ لأن الروس دون هذه العتبة والأميركيين أعلى منها بقليل. وأعلن لافروف، أمام المؤتمر في ميونيخ، أن هذا الاتفاق سيحسن «الاستقرار الدولي».

ومهما كانت الحدود أو التحفظات، فإن الحدث يشير رمزيا إلى عصر جديد دعا إليه نائب الرئيس الأميركي جو بايدن قبل عامين أمام المؤتمر نفسه، أي «الضغط على زر» إعادة انطلاق العلاقات الروسية - الأميركية.

كانت هذه العلاقات قد شهدت توترا بسبب الحرب بين روسيا وجورجيا في أغسطس (آب) 2008. وكان التدخل الأميركي في العراق في 2003 وانتقادات فلاديمير بوتين الحادة للميول الأميركية في إملاء طريقة السلوك على العالم أجمع، ومن على منبر هذا المؤتمر بالذات في ميونيخ في 2007 قد أدت إلى تدهور العلاقات بين الخصمين السابقين إبان الحرب الباردة.

وستسمح هذه المعاهدة لواشنطن بالانتقال مع موسكو إلى محادثات أخرى حول الحد من الأسلحة قصيرة المدى وكذلك حول مخزونات الرؤوس النووية المخبأة التي ينبغي التخلي عنها يوما، كما أكدت الوزيرة هيلاري كلينتون أمس. ولم تتم المصادقة على المعاهدة بسهولة؛ فهي مصحوبة بوثائق تضمنت تحفظات موسكو. ونقطة الخلاف الأساسية تتعلق بقرار إدارة أوباما مواصلة بناء الدرع المضادة للصواريخ في أوروبا. وأعلنت روسيا أنها لن تقبل هذا المشروع سوى بشرط التمكن من المشاركة فيه بالكامل.