القضاء المصري ينظر 1527 طعنا في صحة انتخابات البرلمان.. والحزب الحاكم يخشى خسائر جديدة

قلق بين أعضاء مجلس الشعب مع إجراءات تصحيح عضوية نوابه تمهيدا للتعديلات الدستورية

TT

بدأت أعلى سلطة قضائية في مصر أمس إعداد الرأي القانوني بشأن 1527 طعنا في صحة عضوية نواب مجلس الشعب (البرلمان) تقدم بها مرشحون في الانتخابات عن 195 دائرة انتخابية، من بين 254 دائرة جرى فيها الاقتراع قبل نحو شهرين وفاز فيها الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم الذي يرأسه الرئيس حسني مبارك بنحو 97% من عدد المقاعد البالغة 508 مقاعد.

وسادت حالة من القلق بين أعضاء البرلمان خوفا من خسارة مقاعدهم، مع مخاوف من أن الحزب الحاكم سوف يتكبد خسائر جديدة في مجلس الشعب، وقال مصدر مطلع في البرلمان لـ«الشرق الأوسط» إن عشرات النواب هرعوا لمقر لجنة الشؤون التشريعية والدستورية التي تستقبل الطعون في صحة عضوية النواب، لمعرفة موقفهم من الإجراءات الجديدة، مشيرا إلى أن ذلك جرى بعد أن قرر المجلس أمس تعليق جلساته إلى حين الانتهاء من الفصل في تلك الطعون، وإجراء انتخابات في الدوائر التي يثبت القضاء وجود مخالفات قانونية فيها، تمهيدا لإجراء تعديلات دستورية أعلنها الرئيس حسني مبارك قبل أسبوع تتعلق بتيسير انتخابات الرئاسة، وعدة إصلاحات أخرى.وتأتي هذه الخطوة بالتزامن مع بيان رسمي صدر أمس عقب لقاء اللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية مع ممثلي الأحزاب والقوى السياسية، للتوافق على اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتحويل الوعود الإصلاحية إلى إجراءات عملية يراقبها خليط من القوى المعارضة والشباب والشخصيات المستقلة. وأعلنت محكمة النقض المصرية (أعلى سلطة قضائية في البلاد) أنها بدأت اعتبارا من أمس في توزيع الطعون كافة المقدمة على صحة العضوية لأعضاء مجلس الشعب على دوائر المحكمة لكي يتم البدء في تحقيقها والفصل فيها والانتهاء منها في أسرع وقت ممكن.

وقال المستشار سري صيام رئيس المحكمة رئيس مجلس القضاء الأعلى إن المحكمة سوف تقوم بإعداد الرأي القانوني في الطعون، وإنه ينتظر أن يتم اعتبارا من الأسبوع المقبل إرسال ما تنتهي فيه المحكمة من التحقيق وإعداد التقارير إلى مجلس الشعب لكي يتولى المجلس بدوره اتخاذ الإجراءات المنصوص عليها في الدستور في شأن الفصل في صحة العضوية، مشيرا إلى أن المحكمة سوف توالي العمل بصفة مستمرة حتى يتم الانتهاء من الطعون كافة في أسرع وقت ممكن.

وأعلنت مصادر مسؤولة في مجلس الشعب التزام المجلس «الكامل» بالآراء التي ستنتهي إليها محكمة النقض في خصوص مدى صحة عضوية النواب الجدد الذين أعلن فوزهم في الانتخابات التي جرت في الشهرين الأخيرين من العام الماضي.

وكانت نتيجة تلك الانتخابات قد أدت لجدل كبير بعد أن شهدت فوزا كاسحا لأعضاء الحزب الحاكم اقترب من 97% من عدد المقاعد، مع سقوط مدو لرموز المعارضة وسط أنباء عن تزوير الانتخابات في معظم الدوائر الانتخابية.

من جانبه، وافق مجلس الشعب أمس - بعد جلسة قصيرة بدأها بوقوف أعضائه دقيقة صمت حدادا على أرواح ضحايا المظاهرات - على تعليق جلساته لموعد يحدد في ما بعد حتى تصل إليه تقارير محكمة النقض في الطعون الانتخابية المقدمة ضد عدد من الأعضاء.

وقال الدكتور أحمد فتحي سرور رئيس المجلس خلال جلسة أمس إن تعليق الجلسات سوف يستمر ما لم تطرأ أمور عاجلة تتطلب الانعقاد، مضيفا أن هناك تشريعات مهمة أحيلت إلى اللجان المختصة، وأضاف أنه «فور الانتهاء منها سوف أحدد موعدا لانعقاد الجلسات، وعلى رأسها مشروع قانون بتعديل بعض أبواب الموازنة العامة للدولة 2010 - 2011، ومشروع قانون للإعفاء من الضريبة المستحقة على المبيعات، ومشروع قانون إعفاء المنشآت والمؤمن عليهم من المبالغ الإضافية، وكذلك مشروع قانون بإقرار علاوة خاصة للعاملين بالدولة وأصحاب المعاشات». وأضاف سرور أن مصر مرت بأزمة عنيفة منذ 25 يناير (كانون الثاني) الماضي هددت المصالح القومية، بدأت بعدد من المظاهرات السلمية عبرت بحرية عن مشكلات طالما ناقشها البرلمان وهى البطالة وارتفاع الأسعار والفساد وانتخابات المجلس، معربا عن أسفه لتحول تلك المظاهرات السلمية إلى أعمال عنف وقتل وحرق وتخريب واعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، مما أثر على مختلف جوانب الحياة ووقوع خلل أمني قال إنه يجب أن يكون محل تحقيق من المجلس فضلا عن وقوع ضحايا وجرحى.

وأدان مجلس الشعب كل مظاهر العنف والتخريب التي هددت أمن مصر، وطالب الحكومة بالإسراع في إنجاز التحقيقات التي تجريها مع المتسببين في ما شهدته البلاد من انفلات أمنى، وأكد المجلس في بيان للجنة العامة تلاه الدكتور أحمد فتحي سرور رئيس المجلس خلال جلسته أمس، استعداده لأداء واجبه نحو التعديلات الدستورية التي طلبها الرئيس حسني مبارك وما يعقبها من إقرار تشريعات مكملة للدستور تعبيرا عن آمال الشعب وطموحاته. وأعلنت اللجنة العامة في مجلس الشعب عن ثقتها وتقديرها للرئيس مبارك لما قدمه لمصر حربا وسلاما وأكدت على الشرعية السياسية والدستورية التي يتمتع بها الرئيس بوصفه منتخبا من الشعب طبقا للدستور.

وأكدت اللجنة العامة تمسكها بالشرعية الدستورية إطارا لعمل مؤسسات الحكم، قائلة إنها ترى أن «الأزمة السياسية الحالية تتطلب تماسكا في الجبهة الداخلية للبلاد يحفظ لها استقرارها ويقيها شر الأخطار التي تحدق بالأمة في الداخل والخارج، وتناشد الجميع من أبناء مصر أن يحافظوا لمصر الخالدة الأبية أمنها واستقرارها».

يأتي هذا بعد نحو أسبوع من إعلان الرئيس المصري حسني مبارك عن خطوات إصلاحية من ضمنها احترام وتنفيذ فوري لأحكام القضاء بشأن مدى صحة عضوية نواب مجلس الشعب الأخير في ضوء الطعون المعروضة على محكمة النقض، حيث جاءت تلك الخطوة من جانب الرئيس مبارك استجابة لمطالب مختلف القوى السياسية المصرية لتصحيح عضوية مجلس الشعب من خلال تنفيذ الأحكام القضائية التي كان من النادر تنفيذها من قبل بذريعة أن مجلس الشعب هو (سيد قراره) في تحديد مدى صحة عضوية نوابه.

وفي ما يتعلق بالاقتراح بمشروع القانون الذي تقدم به نائب الحزب الحاكم منصور عامر، لخفض سن الترشح لانتخابات البرلمان إلى 21 عاما بدلا من 30 عاما، قال مصدر في البرلمان إن مثل هذا المشروع بعيد عن التنفيذ، لأن سن الترشح في انتخابات المجالس المحلية 25 عاما، ولا يصح خفض السن بالنسبة لمجلس الشعب، مشيرا إلى أنه من الممكن النزول بالسن إلى 28 سنة أو 26 سنة، لكن ليس 21 سنة. وأضاف أن تقديم مثل هذا المشروع في الوقت الحالي يبدو أنه محاولة لطمأنة آلاف المحتجين الذين يقودهم الشباب ويطالبون بإصلاحات جذرية في البلاد، قائلا إن إحالة الدكتور سرور للاقتراح بمشروع القانون المقدم من منصور إلى لجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس الشعب لدراسته، لا يعني أنه سوف تتم الموافقة عليه.