دور الاعتقالات في إثارة غضب المصريين

المسؤول التنفيذي لـ«غوغل» الجندي المجهول لاحتجاجات 25 يناير

TT

تمكن عمر سليمان، نائب الرئيس المصري، من كسب مباركة كل من مبارك وإدارة أوباما بصفته قائد الانتقال السياسي نحو الديمقراطية في مصر. لكن يقول محامو حقوق الإنسان إن سليمان، الذي يتولى كذلك مسؤولية جهاز الاستخبارات المصري، لم يبد أي مؤشرات في اتجاه الحد من الاعتقال غير القانوني للمعارضين السياسيين الذي اتسمت به فترة حكم الرئيس مبارك التي بدأت منذ ثلاثين عاما وهو ما يعد من الأسباب الرئيسية لشعور المحتجين في الشوارع بالظلم. وتقول هبة مورياف، باحثة بمنظمة «هيومان رايتس ووتش» في القاهرة: «لقد شعرنا بقلق بالغ إزاء عمليات الاعتقال والتحرش بالعاملين في مجال حقوق الإنسان والنشطاء الشباب المشاركين في المظاهرات. هذه هي الممارسات نفسها التي كانت السبب، لا رحيل الرئيس، وراء القيام بمظاهرات الخامس والعشرين من يناير (كانون الثاني)».

إن استمرار هذا السلوك من أحد الأسباب التي تدفع قادة المعارضة والمحتجين في الشوارع إلى القول بأنهم لن يتراجعوا حتى تنحي مبارك عن منصبه، حيث يمثل عدم تحقيق ذلك مخاطرة لأنه سيتم القبض عليهم وتعذيبهم وقتلهم.

من أبرز الأمثلة على ذلك الاختفاء الطويل لوائل غنيم، المسؤول التنفيذي لـ«غوغل» وأحد قياديي نشطاء شبكة الإنترنت الذين أشعلوا الثورة. ويعتقد كثيرون أنه الشخص المجهول الذي أنشأ أول صفحة على موقع «فيس بوك» الاجتماعي تدعو إلى احتجاجات 25 يناير (كانون الثاني)، حيث كتب ذلك اليوم في رسالة على تويتر «لقد ضربتنا الشرطة» ثم كتب بعد ذلك: «أنام في شوارع القاهرة في محاولة للشعور بآلام الملايين من المصريين». وكتب بعد يومين: «أشعر بقلق بالغ، حيث يبدو أن الحكومة تدبر لارتكاب جريمة حرب ضد الناس غدا. كلنا مستعدون للموت». ثم اختفى بعد ذلك بفترة قصيرة وبعد بحث طويل في المستشفيات، توصلت أسرته والعاملون في مجال حقوق الإنسان إلى أن قوات الأمن المصرية اعتقلته.

بات هذا النمط من السلوك أكثر وضوحا الخميس الماضي عندما لاحقت السلطات عددا كبيرا من الصحافيين والعاملين في مجال حقوق الإنسان في جميع أنحاء القاهرة. رغم أنه تم إطلاق سراح أكثر الأجانب على ما يبدو، فإنه لا يزال الكثير من المصريين مفقودين أو محتجزين. فعلى سبيل المثال في نحو الساعة 8.45 دقيقة جلست مجموعة تتكون من 10 منظمين سياسيين شباب، جزء منها أشعل الثورة بتوجيه دعوة للتظاهر على شبكة الإنترنت، على مقهى بعد اجتماع في منزل الدكتور محمد البرادعي، الدبلوماسي الحائز على جائزة نوبل والمتحدث باسم الحركة المنادية بالديمقراطية. كان أحمد عيد، أحد المنظمين الشباب، يتحدث على هاتفه الجوال عندما رأى ضابط جيش وضابط شرطة يتوجهان نحو المنضدة التي يجلس عليها أصدقاؤه. وكتب في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى عاملين في مجال حقوق الإنسان: «اعتقدت في البداية أنه يفحص بطاقات هويتهم. عندما وجدت أن الأمر يستغرق مدة أطول من المعتاد وأن معهم ثلاثة أشخاص يرتدون ملابس مدنية، شعرت أنهم سيلقون القبض عليهم. لذا قررت أن أقف بعيدا وأتابع الأمر معهم على الهاتف». وبعد أن أكدت إحدى زوجاتهم اعتقال هذه المجموعة، ذهب محام في حقوق الإنسان إلى قسم شرطة الهرم للاستفسار عن الذي يتولى الدفاع عنهم، فتم إلقاء القبض عليه هو الآخر. وقال أحد نشطاء حقوق الإنسان ليلة السبت إنه تم إطلاق سراحهم من دون تفاصيل. كذلك اعتقلت الحكومة عددا كبيرا من الصحافيين الأجانب من دون تهمة وأبقت على كثيرين منهم ليلا. يقول بعض قياديي جماعة الإخوان المسلمين إن قوات الأمن هاجمت مكتب موقعها الإلكتروني. ويقال إنه تم الهجوم على مكتب قناة «الجزيرة» في القاهرة نهاية الأسبوع. وفي هجوم آخر كبير، هاجم مجموعة من الرجال يحملون عصيا بمصاحبتهم مجموعة جنود على مركز هشام مبارك القانوني وقاموا بتكسير نوافذه وتفتيش مكتبين ومصادرة خزينتين، على حد قول أحد الذين شهدوا الهجوم. وظلوا يصيحون بالعاملين في حقوق الإنسان ومحامي الحقوق المدنية الخمسة والثلاثين ودفعوهم على الأرض وأوثقوا أيديهم وراء ظهورهم. قال أحدهم مشيرا إلى العاملين في مجال حقوق الإنسان الملقين على الأرض وهو يتذكر دان ويليامز، الباحث في منظمة «هيومان رايتس ووتش» الذي كان من بين المعتقلين: «هذه هي مصر حقا. هذه هي مصر حقا». وأضاف: «بدا على الرجل أنه يود أن يقول إن هذه هي مصر حقا حيث يستطيعون فعل أي شيء للمصريين فهم يدخلون ويقيدونك بينما أنت تجلس وتفعل ما يملونه عليك». على عكس النشطاء السياسيين على الإنترنت الذين أشعلوا الثورة، تم إطلاق سراح الـ35 عاملا في مجال حقوق الإنسان والنشطاء القانونيين صباح الأحد بعد أن انتهى احتمال القيام بهجوم آخر. قال ويليام إن شاحنة بيضاء تابعة للأمن ألقت به أمام فندق ممتلئ في ضاحية من ضواحي القاهرة مما عرضه إلى خطر التحرش أو ما هو أسوأ وهو المرور بنقاط التفتيش المنتشرة في أنحاء المدينة بينما يبحث عن سرير لقضاء الليلة.

* خدمة «نيويورك تايمز»