أعمال عنف جديدة تعيد تونس إلى أجواء بداية الانتفاضة

سقوط ضحايا في هجمات بدوافع عدة بينها محاولات تحرير سجناء والاعتراض على الولاة الجدد

تجدد أعمال العنف في سيدي بوزيد (إ.ب.أ)
TT

بينما تنتظر الأحزاب السياسية التونسية والمجموعات الناشطة في مجالات حقوق الإنسان صدور قانون العفو التشريعي العام في الأيام القليلة القادمة، ألقى تجدد أعمال العنف في عدة مناطق من البلاد خلال اليومين الماضيين، بظلاله على الشارع التونسي وأرجعت الكثير منهم إلى أجواء بداية الانتفاضة. فقد شن شبان هجمات خلال اليومين الماضيين على مراكز للشرطة أو إدارات في مدن الكاف (شمال غرب) وقبلي (جنوب) وقفصة (وسط غرب)، حسب ما أفادت به مصادر نقابية ورسمية.

وبعد مواجهات أدت أول من أمس إلى مقتل متظاهرين اثنين بحسب وزارة الداخلية وأربعة وفقا لمصادر نقابية، اندلعت مواجهات جديدة أمس في مدينة الكاف. وقالت مصادر نقابية إن مبنى مقر الشرطة الذي أحرق جزئيا أول من أمس، اندلعت فيه النيران مجددا بعد ظهر أمس، كما أفادت مصادر نقابية قالت إن الجيش انتشر في المدينة بعد هجمات شنتها «مجموعات من الشباب». ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن النقابي رؤوف هداوي قوله من الكاف: «الذعر يسود المدينة. المبنى (الذي يضم مقر) قوات الأمن في المنطقة يشتعل». وأضاف: «تم إحراق العديد من سيارات الشرطة والنيران تهدد المنازل» المجاورة، لافتا إلى وصول العديد من سيارات الإسعاف إلى المكان. وتابع هداوي أن «الجيش انتشر في كل أنحاء المدينة ويسعى إلى تسهيل أعمال الإغاثة». وقال شاهد عيان إن «الوضع متفجر مع إطلاق رصاص حي وحرائق في مناطق عدة».

ولاحقا، أكد هداوي ونقابي آخر هو عبد اللطيف بوقيرة أن مجموعات من الشبان حاولت مهاجمة سجن الكاف لتحرير سجناء، لكن الجيش تمكن من صدها. واتهم هؤلاء الذين يقومون بأعمال تخريب بأنهم «مدفوعون من التجمع الدستوري الديمقراطي (الحزب الحاكم سابقا) لزرع الفوضى».

وكانت وزارة الداخلية أعلنت عن توقيف رئيس منطقة الأمن الوطني بالكاف وجلبه إلى مقر وزارة الداخلية للتحقيق معه حول مستجدات الأحداث التي وقعت أول من أمس.

بدورها، أكدت وكالة الأنباء التونسية الرسمية إحراق مبنى الشرطة وانتشار الجيش. وذكرت وكالة الأنباء التونسية أيضا أن شابا تونسيا قتل الليلة قبل الماضية في مدينة قبلي جنوب تونس، بعد أن أصابته قنبلة مسيلة للدموع في الرأس خلال صدامات مع قوات الأمن. وقالت الوكالة إن «مجموعة شبان» حاولت مهاجمة وإحراق مركز للحرس الوطني عند المدخل الشمالي للمدينة. وأضافت الوكالة أن «تدخل قوى الأمن أسفر عن مقتل شاب أصيب في الرأس بقنبلة مسيلة للدموع» وإصابة آخرين بجروح نقلوا إلى المستشفى. وتابع المصدر نفسه أن مجموعة شبان هاجمت مركزا آخر للحرس الوطني في المدينة قبل أن تتوجه إلى مقر والي المنطقة. وذكرت الوكالة أن الجيش انتشر في المدينة التي شهدت «اعتصامات واحتجاجات» أول من أمس أمام مقر والي المدينة احتجاجا على تعيين الوالي الجديد. وتابعت الوكالة أن والي قفصة الجديد أرغم أمس على مغادرة مكتبه في سيارة للجيش تحت ضغط المتظاهرين الذين كانوا يطالبون باستقالته. وبعد ثلاثة أسابيع على سقوط نظام زين العابدين بن علي، لا يزال الوضع متوترا في تونس. واتهمت الحكومة مرارا أنصار الرئيس المخلوع بتدبير «مؤامرة»، وأكدت أن الهجمات التي تشن في بعض المدن هي فعل شباب مأجورين من حزب التجمع الدستوري الديمقراطي. وبعد إقالة مسؤولين في الشرطة واستبدال ولاة في 24 محافظة في البلاد، راهنت الحكومة الانتقالية على تحسن الوضع الأمني وأعلنت تخفيف حظر التجول المفروض منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي.

وفي الأيام الأخيرة، احتج سكان مدن وأحزاب سياسية على تعيين ولاة وطالبوا بحملة تطهير جذرية. وأدان حزب التجديد المعارض (شيوعيون سابقون) تعيين ولاة «ينتمي معظمهم إلى التجمع الدستوري الديمقراطي من دون استشارات». وفي تونس العاصمة، أعرب خوسيه إيناسيو سالافرنكا، رئيس وفد الاتحاد الأوروبي الذي يزور البلاد منذ أربعة أيام، عن أسفه لسقوط القتلى. وأعرب خلال مؤتمر صحافي عن «القلق الشديد»، داعيا إلى «فتح تحقيق لتحديد المذنبين» وإحالتهم إلى القضاء.