«الإخوان المسلمون».. من الحظر إلى الجلوس مع رأس النظام

الحوار الأول من نوعه منذ السبعينات

TT

قبل أسبوعين كانت جماعة الإخوان المسلمين توصف بـ«المحظورة» من جانب أركان النظام المصري، أما بالأمس فكانت قوة سياسية تجلس وجها لوجه مع رأس النظام في مقر مجلس الوزراء (الحكومة)، وهو المقر الذي شهد لقاء أمس بين قوى المعارضة ومن بينها «الإخوان»، واللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية، للخروج من الأزمة السياسية وفض اعتصام آلاف المحتجين في ميدان التحرير بقلب القاهرة.

وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها التحاور بين الطرفين منذ حظر الجماعة قانونيا في عام 1954. وتأسست جماعة «الإخوان المسلمين» عام 1928 على يد الشيخ حسن البنا، والذي كان في ذلك الوقت يعمل مدرسا بمدينة الإسماعيلية التي تتمركز فيها قوات الاحتلال البريطاني والقوات الأجنبية التي تُدير قناة السويس، أيام الاحتلال الإنجليزي لمصر.

وكانت الجماعة نشأت من خلال جمعية دينية تهدف إلى التمسك بالدين وأخلاقياته. ومع انتقال مؤسسها إلى القاهرة عام 1932 التف حوله الكثيرون؛ وسرعان ما انتشر فكر هذه الجماعة، مما جعل البعض يصف البنا بأنه مجدد الإسلام في القرن العشرين.

ومع شيوع فكر الجماعة نشأت جماعات أخرى تحمل فكر «الإخوان» في الكثير من الدول، التي وصلت عددها الآن إلى 72 دولة تضم كل الدول العربية ودولا إسلامية وغير إسلامية.

ترفع الجماعة شعار «الله غايتنا، والرسول قدوتنا، والقرآن دستورنا، والجهاد سبيلنا، والموت في سبيل الله أسمى أمانينا». وطبقا لمواثيق الجماعة فإن «الإخوان المسلمين» يهدفون إلى إصلاح سياسي واجتماعي واقتصادي من منظور إسلامي شامل في مصر وكذلك في الدول العربية التي يوجد فيها «الإخوان».

ولم يبدأ نشاط الجماعة السياسي إلا في عام 1938، حين حددت أهدافها السياسية في «أن يتحرر الوطن الإسلامي من كل سلطان أجنبي»، وأن «تقوم في هذا الوطن الحر دولة إسلامية حرة تعمل بأحكام الإسلام وتطبق نظامه الاجتماعي وتعلن دعوته الحكيمة للناس».

في بداية ثورة 23 يوليو (تموز) عام 1952، ساند «الإخوان المسلمون» الثورة التي قام بها تنظيم الضباط الأحرار في مصر، وكانوا ممن علموا بموعد قيام الثورة، وممن اعتمد عليهم ضباط الجيش لتأمين الدولة ومواجهة الإنجليز. كما كان التنظيم يضم عددا كبيرا من الضباط المنتمين لـ«الإخوان».

وبعد فترة هدوء من قيام الثورة، اصطدم الرئيس جمال عبد الناصر بـ«الإخوان» اصطداما شديدا، وهو ما أدى إلى اعتقال عدد كبير منهم بعد محاولة أحد المنتمين إلى الجماعة اغتيال عبد الناصر في ميدان المنشية بالإسكندرية في 26 أكتوبر (تشرين الأول) 1954، وهو الحادث الذي جعل تنظيم جماعة الإخوان المسلمين «محظورا» منذ ذاك العام، لتشهد السنوات التالية كثيرا من المواجهات بين الطرفين أدت إلى دخول الكثير من الجماعة إلى السجون والمعتقلات، وفي عام 1966 تم إعدام مفكر الجماعة سيد قطب ومعه خمسة من قيادات الإخوان.

في عهد الرئيس أنور السادات، الذي تبنى سياسة مصالحة مع القوى السياسية المصرية، بُعثت الطمأنينة في نفوس «الإخوان»، وتعززت بعد حرب أكتوبر 1973 حيث أعطى السادات لهم مساحة من الحرية، بل كان هناك لقاء بين السادات ومرشد الجماعة عمر التلمساني، لكن هذا التقارب لم يستمر طويلا خاصة مع إبرام مصر معاهدة السلام مع إسرائيل في عام 1979، حيث شهد السادات في تلك الفترة حركات معارضة شديدة لسياساته، حتى تم اعتقال عدد كبير من الإخوان والقوى السياسية الأخرى في ما عرف باسم اعتقالات سبتمبر (أيلول) عام 1981.

ومع اعتلاء حسني مبارك كرسي الحكم في مصر بعد اغتيال السادات في أكتوبر 1981، اتبع في بدايات حكمه سياسة المصالحة والمهادنة مع جميع القوى السياسية ومنهم «الإخوان»، لكن الحظر القانوني كان قرارا مستمرا، مما عرض أعضاءها للاعتقال والمحاكمة بتهمة الانتماء إليها.

وخلال سنوات حكم مبارك ترشح «الإخوان» لنيل عضوية البرلمان بمجلسيه الشعب والشورى ومجالس النقابات المهنية في مصر رافعين شعار «الإسلام هو الحل»، وفي الانتخابات البرلمانية قبل الأخيرة في مصر عام 2005، حصلت الجماعة على 88 مقعدا بالبرلمان، بينما لم تحصل على أي مقعد في الانتخابات الأخيرة في مجلسي الشعب والشورى في 2010.

ويعد مكتب الإرشاد العام هو الهيئة الإدارية والقيادة التنفيذية العليا للجماعة، وهو المشرف على سير الدعوة والموجه لسياستها وإدارتها والمختص بكل شؤونها وبتنظيم أقسامها وتشكيلاتها.

أما المرشد العام فينتخب عن طريق مجلس الشورى العام. ومنذ تأسيس الجماعة تعاقب عليها ثمانية مرشدين، هم على الترتيب حسن البنا، وحسن الهضيبي، وعمر التلمساني، ومحمد حامد أبو النصر، ومصطفى مشهور، ومأمون الهضيبي، ومحمد مهدي عاكف، وأخيرا محمد بديع.