المدونون العراقيون يحثون على التظاهر عبر موقع «فيس بوك»

البعض يخشى من البطش الأمني.. وآخرون يريدونها انتفاضة كبيرة

TT

تحولت تعليقات العراقيين وكتاباتهم، داخل البلد وخارجه، على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» من مؤيدة وداعمة للشباب المصري المنتفض في ميدان التحرير وسط القاهرة، إلى دعوة لمواطنيهم للتظاهر سلميا من أجل تحسين الخدمات والاستقرار الأمني وتحسين الأوضاع الاقتصادية والسياسية.. تأتي هذه الخطوة تأثرا بما يحدث في مصر من احتجاجات ضد الرئيس حسني مبارك.

واشتدت حدة وحماسة المدونين العراقيين بعد يوم واحد من مقتل 3 متظاهرين في قضاء الحمزة التابع لمحافظة الديوانية، جنوب العراق، الأسبوع الماضي، بعد أن أطلقت الشرطة النار عليهم بهدف تفريقهم. وكان المتظاهرون يحتجون على غياب الحصة التموينية والخدمات، وفي مقدمتها الكهرباء، وأعقبتها مظاهرات احتجاجية في البصرة والرمادي وأجزاء من بغداد، مما دفع أحد المدونين ليعلق على شبكة «فيس بوك» قائلا: «خرجوا بتظاهرة سلمية في الديوانية والبصرة حاملين الفوانيس وبعض مواد الحصة التموينية كتعبير عن احتجاجهم على سوء الأوضاع فأطلقوا عليهم الأعيرة النارية وسقط شهداء وجرحى.. أي ديمقراطية هذه التي توجه الرصاص لصدور المتظاهرين سلميا؟».

«الشرق الأوسط» نقلت بعض ما دونه العراقيون في شبكات التواصل الاجتماعي من دعوات للتظاهر سلميا وما دار بينهم من تعليقات، متحفظين على أسماء كاتبيها؛ إذ قال أحدهم إن «من بيده السلاح سيحيل أي محاولة للانتفاض إلى كارثة وحرب شوارع، إذن لا بد من الاعتصام السلمي وفك الاشتباك بين طرفي المعادلة. الفاسدون من هنا.. والقتلة من هناك.. هذه هي القضية برمتها.. طرفا الحلقة المفرغة في العراق»، بينما يعترف آخر بقوله: «لقد تأخرنا كثيرا والاحتجاجات الخجول لا تليق وحجم الكارثة المتسع لا يستطيع أحد أن يوقفه إلا بمزيد من التظاهرات والاحتجاجات ضد الفساد والموت العبثي، لكن ربما تجور المظاهرات على شماعة البعث و(القاعدة) وأعداء المذهب».

إلا أن الأمر لا يخلو من متفائلين، وعلى حد تعليق أحدهم «أنا لم أيأس من وجود أناس عراقيين ورجال سوف يحفظون لهذا البلد وشعبه كرامة العراقيين الأصلاء أصحاب ثورة العشرين معا، ونحن معك ومع كل عراقي غيور يريد لهذا الوطن الخير، نحن معك أخي العزيز ضد كل السياسيين الفاسدين واللصوص ولنرفع أصواتنا ضد كل الذي يحدث للعراق والعراقيين ضد كل ما هو غير إنساني، إن شعبنا يستحق كل الخير وسوف يفعلها العراقيون».

دعوات المواطنين العراقيين للانتفاضة والاحتجاج انتقلت إلى صفوف المثقفين العراقيين الذين راحوا يدونون آراءهم في هذا الموضوع؛ إذ كتب الشاعر العراقي حميد قاسم: «البعض يقول: إن الوضع العراقي لا يتحمل شيئا يشبه ما حدث في مصر وتونس، بسبب الظرف الأمني الذي قد يودي بالبلاد إلى الهاوية مرة أخرى، هذا صحيح.. لكن الوضع يستدعي أن نعتصم سلميا في الشوارع كل يوم ضد قوى أمنية لا تحمينا من القتلة وتعتدي على حرياتنا وحقوقنا، وضد مسؤولين وسياسيين لصوص فاسدين، وضد البطالة والتزوير واللا كهرباء واللا خدمات.. علينا أن نرفع أصواتنا حتى ترتعد فرائصهم.. لا تخافوا، اللصوص عادة جبناء».

وكتب الشاعر هاشم العقابي، المقيم في القاهرة، في صفحته على «فيس بوك»: «حتى الطفل العراقي صار يعرف أن على العراقيين أن يثوروا على الفساد الذي عمَّ العراق.. فقر وجوع وبطالة ورداءة في الوضع الأمني وتدنٍّ في طبيعة الخدمات إلى حد انعدامها أحيانا. أمام كل هذا وذاك، هناك دستور يفترض أنه يحكم تصرفات القائمين على إدارة الشأن السياسي من أدنى خلية بإدارة الدولة صعودا إلى رئاسة الوزراء. هذا الدستور يقر بأن نظام الحكم عندنا ديمقراطي ويبيح لنا بوضوح حق التظاهر السلمي. ثم هانحن نرى شعب مصر يثور بشجاعة ضد دستور ظالم وحزب منفرد بالسلطة وحاكم انفرادي. فما الذي لا يحفز العراقي على الثورة؟ وأي شعب أولى من شعبنا بحق التظاهر وكسر قيود الصمت والخوف؟ باختصار شديد أقول: «إن شعبا لا تؤلمه جراحه اليومية ينطبق عليه قول المتنبي: (ما لجرح بميت إيلام). وحاشا أن يموت شعب العراق متوسدا جراحه». هذه النسمات، شئنا أم بينا، تحولت إلى عاصفة نزلت إلى عمق الجذور فهزتها وصارت تحثنا على الثورة. من الطبيعي أن أول شعب كان يجب أن تهتز جذوره هو شعب العراق الذي لولا أنها «منايانا ودولة آخرينا»، كما قال الإمام الحسين، لسجل التاريخ أننا أول شعب عربي انتفض بوجه أعتى نظام فاشي ودموي بالعالم بعد احتلال الكويت وقضى عليه. لا أظن أن عراقيا واحدا يتابع أحداث مصر لا يتذكر، بألم، أيام انتفاضة عام 1991.

واعتبر مواطن عراقي أن ما جاء على لسان رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي، حول المظاهرات، وخلال مؤتمره الصحافي في مبنى محافظة بغداد أول من أمس «بمثابة ضربة استباقية ضد من يريد التظاهر»؛ إذ قال المالكي إنه «من غير المستبعد أن تخرج تظاهرات في الشارع العراقي على غرار ما يحدث من تظاهرات في بعض الدول العربية»، معتبرا أن «تلك التظاهرات، في حال حصلت، ستكون بعضها حقيقية بسبب نقص الخدمات، بينما سيكون البعض الآخر بتوجيه ودعم من بعض الجهات».