بيريس يدعو نتنياهو إلى الإفادة من درس مصر وإحياء المفاوضات مع الفلسطينيين

مسؤولون في الجيش والخارجية: إسرائيل وواشنطن تفقدان تأثيرهما في الشرق الأوسط

مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي ورئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض ينظران إلى خريطة أثناء زيارتهما لمنازل فلسطينيين في المنطقة (ج) قرب رام الله أمس (أ.ف.ب)
TT

حذر 3 من القادة الإسرائيليين البارزين من فقدان تأثير الولايات المتحدة وإسرائيل على تطور الأحداث في الشرق الأوسط وخرجوا بالاستنتاج أن السبيل لإنقاذ الوضع هو في تحريك مفاوضات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين وبقية الدول العربية.

وفي الوقت نفسه، حذر الرئيس الأسبق لجهاز المخابرات الخارجية «الموساد»، شبتاي شبيط، من تدهور في العلاقات الإسرائيلية الأميركية في حال استمرار الجمود في عملية السلام.

وفي الجلسات الافتتاحية لمؤتمر هرتسليا للأبحاث الاستراتيجية، توجه الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس، بالدعوة إلى رئيس وزرائه، بنيامين نتنياهو، بأن يسعى إلى التقدم في مسيرة السلام مع الفلسطينيين، وقال إن الاستنتاج من الأزمة المتفاقمة في مصر هو أنه يجب تحرير الشرق الأوسط من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في أسرع وقت، لأن هذا الصراع يستغل بشكل سيئ من أطراف عديدة.

وقال بيريس إن مسيرة السلام تتحرك ببطء شديد بسبب الشكوك لدى الطرفين، ولكن هناك إمكانية لتبديد هذه الشكوك، وقد حصل مثل هذا الأمر في الماضي. وفي الطرف الفلسطيني لا يثقون بأن حكومة يمينية في إسرائيل مستعدة فعلا للتسوية على أساس مبدأ دولتين للشعبين، وأخطأوا في هذا. وفي إسرائيل يعتقدون بأن الفلسطينيين مستعدون لإجهاض عملية السلام، إذا لم توافق إسرائيل على إعادة 5 ملايين لاجئ فلسطيني إلى تخوم إسرائيل. وقد أخطأنا في هذا، والحقيقة أن على الطرفين أن يدركا أنه لا يمكن التوصل إلى تسوية يحققان فيها كل مطالبهما، فعلى الطرفين أن يقدما التنازلات في سبيل تسوية مقبولة من ناحية المنطق. والتنازلات المتوقعة، مهما تكن مؤلمة للطرفين في تسوية الصراع، تظل أفضل من البديل عن تحقيق هذه التسوية.

وتكلم في المؤتمر السنوي، رئيس قسم التخطيط في الجيش الإسرائيلي، الجنرال أمير إيشل، فقال إن هناك جديدا في منطقتنا، فقد أصبح أصعب على إسرائيل أن تتحكم في الأحداث ونتائجها. ومع أنه من غير الواضح إذا كان ممكنا التقدم مع الفلسطينيين في التسوية، إلا أن هناك شريكا فلسطينيا لإسرائيل في صنع السلام، يعلن رفضه للإرهاب. وهذه فرصة لا بد وأن تستغلها إسرائيل لتغيير الوضع الحالي والتوجه نحو دفع عملية السلام، ودعا إلى خوض تجربة مفاوضات سلام مع سورية، مؤكدا أن مثل هذا السلام سيحدث انعطافا في الأوضاع في المنطقة.

ووافق معه مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية، رافي باراك، الذي قال إن الوضع الحالي يسيء إلى إسرائيل استراتيجيا. وحذر من التعامل مع مصر على أنها أصبحت بلدا معاديا. واعترف بأن هناك خلافات بين إسرائيل والولايات المتحدة حول تقييم الوضع في مصر، مؤكدا أن الموقف الأميركي من مصر يضعف تأثير الولايات المتحدة في المنطقة والعالم وأن الموقف الإسرائيلي يسعى لتقوية هذا التأثير من خلال توجه واقعي أكثر ليس فيه فرض آراء وقيم غربية على الدول العربية.

وكان مسؤول كبير في حكومة إيهود أولمرت، قد صرح بأن فرصة ضاعت على شعوب المنطقة في فترة أولمرت لتحقيق السلام مع الفلسطينيين ومع سورية. وقال هذا المسؤول، الذي رفض نشر اسمه، إن المفاوضات مع الفلسطينيين وصلت حد الاقتراب من اتفاق سلام دائم، فيما مع سورية كاد الطرفان يباشران مفاوضات مباشرة، بعد أن تقدما في المفاوضات التمهيدية غير المباشرة بالوساطة التركية. واعترف بأن الحرب العدوانية على قطاع غزة، في تلك الفترة، هي التي أجهضت هذه الجهود. فالفلسطينيون رفضوا القدوم إلى المفاوضات في وقت كان فيه شعبهم في غزة يعاني تحت القصف، وتركيا رفضت الاستمرار في الوساطة مع سورية تحت القصف.

وأما في الموضوع الإيراني، فقد تكلم الجنرال إيشل محذرا: «القضية ليس متى تستطيع إيران إنتاج السلاح النووي، في سنة 2013 أو سنة 2014. إنما هي قضية الموعد الذي يصبح فيه مستحيلا إعادة إيران إلى ما قبل إنتاج السلاح النووي. وهذه ستكون في وقت قريب أكثر، إذا لم تنفع الإجراءات العقابية». وقال إن الخيار العسكري ضد إيران لا يعني أن تشتعل حرب. فهو يطرح كتهديد جدي، مع التوضيح أنه سيكون آخر سلاح يلجأ إليه العالم. وحذر من أن يتحول عالمنا إلى «غابة نووية وحشية» في حالة إنتاج السلاح النووي في إيران، لأنه سيصل إلى أيدي منظمات إرهاب ولن يقتصر على استخدامه في دول.

من جهة ثانية، حذر عدد من الخبراء والسياسيين السابقين في إسرائيل من تدهور كبير في العلاقات الإسرائيلية الأميركية في حال الاستمرار في الجمود في عملية السلام. فقال البروفسور يوسي شاين، المحاضر الإسرائيلي في جامعة جورج واشنطن الأميركية، إن لدى الولايات المتحدة أدوات كثيرة للإساءة إلى العلاقات مع إسرائيل بشكل غير مباشر. وأضاف: «صحيح أن إسرائيل لن تنهار من جراء هذه الوسائل، ولكنها من دون شك ستتأثر بشكل خطير. وستعيش في عزلة خانقة في العالم».

وقال المدير العام الأسبق لوزارة الخارجية الإسرائيلية، أورس سفير، إن ما حدث في مصر يجب أن يشعل ضوءا أحمر لدى إسرائيل. فالولايات المتحدة تهتم أولا بمصالحها وفقط بعد ذلك تنظر إلى مصالح الآخرين. «فما دمنا نحن نشاطرهم الرؤيا والقيم المشتركة، والمصالح الاستراتيجية، سنكون مرغوبين. ومصلحتهم اليوم تكمن في التوصل إلى تسوية سلمية في الشرق الأوسط».