الجنوبيون فرحون لقبول الخرطوم نتيجة الاستفتاء.. ويتخوفون من دولة بوليسية

طالبوا في استطلاع بالاستفادة من تجارب الحكم الاستبدادي في الشمال

TT

عبر سودانيون جنوبيون عن فرحتهم بإعلان الرئيس السوداني عمر البشير وحكومته الاعتراف وقبول نتيجة الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب، الذي جرى الشهر الماضي، وأعلنت نتيجته الرسمية أمس لصالح الانفصال بنسبة 98.83 في المائة، وأكدوا على ضرورة الاتجاه لتأسيس دولة جنوب السودان، بطرق ديمقراطية حديثة. أعربوا في استطلاع أجرته معهم «الشرق الأوسط» عبر الهاتف من لندن، عن تخوفهم من أن تتحول دولتهم الجديدة إلى دولة بوليسية ديكتاتورية تعيد تجربة الشمال في تداول السلطة عبر الانقلابات العسكرية، وطالبوا بنشر الحريات وتمتين مبادئ التداول السلمي للسلطة وتحقيق التنمية المستدامة والاستقرار والسلام.

وقال ديفيد ماكور من الخرطوم لـ«الشرق الأوسط» إنه كان ينتظر هذا اليوم الذي يتم فيه إعلان قبول نتيجة الاستفتاء، لكنه عبر عن تخوفه من أن تتحول دولة جنوب السودان الجديدة إلى دولة بوليسية ديكتاتورية. وأضاف «نتمنى أن تصبح دولة مدنية ديمقراطية تتيح الحريات العامة والأساسية وتصون حقوق الإنسان وتفتح الطريق أمام منظمات المجتمع المدني لتسهم في بناء الدولة». وقال «لا نريد تكرار تجربة الشمال الفاشلة في التداول السلمي للسلطة عبر الانقلابات التي أذاقت السودانيين الحروب الطويلة». وأضاف «إنها مناسبة لأن نحيي شهداءنا في الحروب التي شهدها الجنوب طوال خمسين عاما، وفي مقدمتهم الراحل جون قرنق الذي قاد الجنوب إلى أن وصلنا إلى تحقيق دولتنا».

من جانبه قال كرستينو ديفيد من مدينة أويل الجنوبية إن على الدولة الجديدة في جنوب السودان أن تستفيد من أخطاء الدولة السودانية السابقة، وأضاف «نتمنى من حكومة الجنوب أن توفر الصحة والتعليم والخدمات الأساسية وأننا الآن وصلنا إلى المرحلة الأصعب في تحقيق الدولة الجديدة»، وقال إن الجنوبيين عملوا طوال الخمسين عاما الماضية للوصول إلى يوم استقلال الجنوب الذي تحقق عبر الاستفتاء على حق تقرير المصير بالتصويت على الانفصال بنسبة تقارب 100 في المائة.

وقالت كريستين جوزيف من جوبا لـ«الشرق الأوسط» إن إعلان نتيجة الاستفتاء وقبول المؤتمر الوطني والشماليين بها يعتبر يوما تاريخيا. وأضافت «لابد أن نترحم على شهداء الجنوب وفي مقدمتهم الراحل العظيم مؤسس الحركة الشعبية جون قرنق، الذي من المؤكد أنه يشاركنا الفرحة من مقبرته»، ودعت الدولة الجديدة للاهتمام بالمرأة والشباب في المرحلة المقبلة بسبب التضحيات التي قدموها، لكنها قالت إنها ستفقد أصدقاء وصديقات كثيرات في الشمال الذين زاملتهم في المراحل الدراسية المختلفة.

وعبر مواي كوال الذي يعمل في إذاعة «صوت الشعب» التي تبث من جوبا عن تقديره لحكومة الجنوب التي قال إنها استطاعت أن تقود الجنوب لهذه المرحلة، على الرغم من الصعوبات الكبيرة التي واجهت تنفيذ اتفاقية السلام الشامل خلال السنوات الخمس للفترة الانتقالية. وأضاف أن الجنوبيين يتطلعون إلى المستقبل الجديد لجنوب السودان عند تأسيس دولته في التاسع من يوليو (تموز) المقبل، وأن الدولة الجديدة تواجه تحديات كبيرة، وقال «في مقدمتها تحقيق التنمية حتى نؤكد للشمال أن التنمية لم تكن موجودة وأن الجنوبيين استطاعوا بناء دولتهم»، لكنه شدد على أن الدولة الجديدة يجب أن توفر الحريات العامة، وقال «كنا نشكو في الشمال من انعدام الحريات، فلا بد أن نعيشها في الجنوب، وهذا هو ما سيجعل الجنوبيون صادقين في نضالهم لأكثر من خمسين عاما»، معتبرا ضرورة توفير فرص العمل للكفاءات وليس عن طريق المحسوبية والقبلية، وأضاف «لا يمكن أن تستمر المحسوبية التي شهدها الجنوب خلال الفترة الانتقالية.. لابد من عدالة توزيع الفرص في كل الولايات والقبائل بالكفاءات».

من جهته قال أجو لول أكوي لـ«الشرق الأوسط»، وهو من أبناء أويل في شمال بحر الغزال، إن قبول المؤتمر الوطني لنتيجة الاستفتاء خطوة نحو خلق علاقات جيدة في المستقبل بين الشمال والجنوب، ويعتبر تحولا جديدا في ذهنية المؤتمر الوطني، معتبرا القضايا العالقة في تنفيذ اتفاقية السلام الشامل والمتعلقة بترسيم الحدود، وحل أزمة منطقة أبيي والديون تحتاج إلى إرادة سياسية، وقال «قبول النتيجة خطوة لخلق التفاهم حول القضايا العالقة وحسمها قبل يوليو ولبناء علاقات قوية بين الشمال والجنوب يكون أساسها السلام والاستقرار»، وعبر عن تطلعات شعب الجنوب بتحقيق التنمية والاستقرار والخدمات في الصحة والتعليم وتوفير الحريات، وقال إن توظيف الموارد خاصة النفط سيفتح الطريق لبناء دولة قوية وجديدة للمواطن.

وقال أكوي إن هامش الحريات في الجنوب أفضل من الشمال، خاصة في الحريات الصحافية، لكنه اعتبر غياب قانون للصحافة والمطبوعات قد يجعل تدخل الحكومة متاحا، مما ينتقص من الحريات الموجودة، وقال «نتطلع لأن تتوافر الحريات بشكل أفضل ليعبر المواطنون عن حقوقهم وأن يتم وضع دستور جديد في الجنوب يلبي طموحاتنا الكبيرة».