أحداث تونس تلقي بظلالها على مصير وزيرة خارجية فرنسا

مستقبل أليو ماري بيد ساركوزي بعد مطالبة اليسار باستقالتها

TT

يبدو موقع وزيرة الخارجية ميشيل أليو ماري، يوما بعد يوم، أكثر هشاشة، إلى درجة أن سوق المراهنات على بقائها في المنصب الذي وصلت إليه قبل نحو الشهرين، قد فتحت على مصراعيها.

وجاء آخر مؤشر على ضعف موقع الوزيرة، التي هي أول امرأة تصل إلى وزارة الخارجية في فرنسا من الرئيس نيكولا ساركوزي شخصيا الذي كان أمس في زيارة رسمية إلى بولندا في إطار اجتماعات «مثلث وايمار» الذي يضم فرنسا وألمانيا وبولندا. وعندما سئل ساركوزي عما إذا كانت أليو ماري ستبقى في الأيام والأسابيع القادمة في منصبها، امتنع عن الإجابة بحجة أنه لا يتناول المسائل الفرنسية الداخلية طالما هو موجود خارج البلاد. وأحال ساركوزي سائليه إلى ما يمكن أن يصدر عنه خلال «هذا الأسبوع»، في إشارة إلى مشاركته في برنامج تلفزيوني الخميس المقبل.

وتعاني وزيرة الخارجية التي احتلت منذ عام 2002 كل الوزارات «السيادية» من الدفاع إلى الداخلية فالعدل وأخيرا الخارجية، من تفاعلات «فضيحة» استخدامها طائرة خاصة خلال عطلة نهاية العام التي أمضتها مع رفيق دربها الوزير باتريك أوليه وعائلتها في تونس في الوقت الذي كانت تعيش فيه تونس ثورة وأحداثا دامية أفضت إلى خلع الرئيس زين العابدين بن علي ورحيله.

وبعد أن كان الجدل الذي أثارته صحيفة «لو كنار أونشينيه» الساخرة عندما كشفت أن الوزيرة استخدمت طائرة يملكها رجل الأعمال عزيز ميلاد المقرب من عائلة زوجة الرئيس بن علي، بين تونس العاصمة ومنتجع طبرقة، قد تراجع بعض الشيء، زاد الطين بلة أن مجلة «نوفيل أوبسرفاتور» أماطت اللثام عن أن أليو ماري استخدمتها وعائلتها مرة ثانية إلى مدينة طوزر، الواقعة في الصحراء التونسية ذهابا وإيابا في 29 من الشهر الماضي، أي في الوقت الذي كانت فيه الثورة التونسية على أشدها.

ومما يلفت النظر في «حالة» أليو ماري أنها تجد نفسها إلى حد بعيد «وحيدة» في مواجهة انتقادات اليسار الفرنسي ومطالبته باستقالتها. وناشد أمين عام الحزب الاشتراكي السابق والنائب الحالي فرنسوا هولند الرئيس ساركوزي بـ«وضع حد» لمهمة أليو ماري لأنها «تضعف صورة فرنسا»، وهو ما تؤكده المرشحة الاشتراكية السابقة سيغولين رويال ويثني عليه رئيس مجموعة النواب الاشتراكيين في البرلمان جان مارك أيرو وأصوات اشتراكية متعددة.

وتجاهد أليو ماري في الدفاع عن نفسها. غير أن الحجج التي تسوقها لا تبدو مقنعة، إذ تؤكد من جهة أن عزيز ميلاد «لم يكن مقربا من عائلة بن علي» وأن استخدامها لطائرته الخاصة «لم يؤثر على سياسة فرنسا الخارجية». وذهبت إلى حد الوعد بـ«الامتناع» عن ركوب طائرة خاصة طالما بقيت وزيرة.

غير أن كل ذلك لا يبدو كافيا. والأمر الثابت اليوم أن مصيرها في يد الرئيس ساركوزي الذي دعمها خلال الأيام الماضية لكنه تفادى تكرار ذلك في فرصوفيا أمس.

وكانت أليو ماري قد أثارت الشهر الماضي عاصفة من الاحتجاجات عندما عرضت في البرلمان «خدمات» فرنسا على السلطات التونسية من أجل تمكينها من فرض الأمن، مما فهم على أنه دعم للنظام السابق في وجه الحركة الشعبية المطالبة برحيله.