مصر: مواد الدستور الثلاث تتصدر عمل «اللجنة الدستورية»

تعرضت لعدة تعديلات.. والسادات فتح باب البقاء في السلطة دون حد أقصى

TT

استند قرار الرئيس المصري حسني مبارك بطلب تعديل مواد في الدستور تخص انتخابات الرئاسة المقرر لها الخريف المقبل على نص المادة 189 من الدستور نفسه. وهذه المادة كانت محل لغط لأنها لا تعطي لأي جهة الحق في تعديل أي من مواد الدستور إلا لجهتين هما، مجلس الشعب، ورئيس الدولة. ويقول نص المادة 189:

«لكل من رئيس الجمهورية ومجلس الشعب طلب تعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور، ويجب أن يذكر في طلب التعديل المواد المطلوب تعديلها والأسباب الداعية إلى هذا التعديل. فإذا كان الطلب صادرا من مجلس الشعب وجب أن يكون موقعا من ثلث أعضاء المجلس على الأقل. وفي جميع الأحوال يناقش المجلس مبدأ التعديل ويصدر قراره في شأنه بأغلبية أعضائه، فإذا رفض الطلب لا يجوز إعادة طلب تعديل المواد ذاتها قبل مضي سنة على هذا الرفض. وإذا وافق مجلس الشعب على مبدأ التعديل، يناقش بعد شهرين من تاريخ هذه الموافقة، المواد المطلوب تعديلها، فإذا وافق على التعديل ثلثا عدد أعضاء المجلس عرض على الشعب لاستفتائه في شأنه. فإذا ووفق على التعديل اعتبر نافذا من تاريخ إعلان نتيجة الاستفتاء».

أما المواد المطلوب تعديلها المذكورة في القرار فهي المواد أرقام 76 و77 و88. وتختص المادة 76 على إجراءات انتخاب الرئيس، وتعتبر أطول مادة في الدستور، وجرى تعديلها في عامي 2005 و2007 وهذا نصها:

«ينتخب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع السري العام المباشر، ويلزم لقبول الترشيح لرئاسة الجمهورية أن يؤيد المتقدم للترشيح مائتان وخمسون عضوا على الأقل من الأعضاء المنتخبين بمجلسي الشعب والشورى والمجالس الشعبية المحلية للمحافظات، على ألا يقل عدد المؤيدين عن خمسة وستين من أعضاء مجلس الشعب، وخمسة وعشرين من أعضاء مجلس الشورى، وعشرة أعضاء من كل مجلس شعبي محلي للمحافظة من أربع عشرة محافظة على الأقل، ويزاد عدد المؤيدين للترشيح من أعضاء كل من مجلسي الشعب والشورى ومن أعضاء المجالس الشعبية المحلية للمحافظات بما يعادل نسبة ما يطرأ من زيادة على عدد أعضاء أي من هذه المجالس، وفي جميع الأحوال لا يجوز أن يكون التأييد لأكثر من مرشح. وينظم القانون الإجراءات الخاصة بذلك كله.

ولكل حزب من الأحزاب السياسية التي مضى على تأسيسها خمسة أعوام متصلة على الأقل قبل إعلان فتح باب الترشيح‏، ‏ واستمرت طوال هذه المدة في ممارسة نشاطها مع حصول أعضائها في آخر انتخابات على نسبة‏ 3 في المائة‏ على الأقل من مجموع مقاعد المنتخبين في مجلسي الشعب والشورى‏، أو ما يساوي ذلك في أحد المجلسين‏، ‏ أن ترشح لرئاسة الجمهورية أحد أعضاء هيئته العليا وفقا لنظامه الأساسي متى مضت على عضويته في هذه الهيئة سنة متصلة على الأقل‏.‏ واستثناء من حكم الفقرة السابقة‏، ‏ يجوز لكل حزب من الأحزاب السياسية المشار إليها‏، ‏ التي حصل أعضاؤها بالانتخاب على مقعد على الأقل في أي من المجلسين في آخر انتخابات‏، ‏ أن يرشح في أي انتخابات رئاسية تجرى خلال عشر سنوات اعتبارا من أول مايو (أيار) ‏2007، ‏ أحد أعضاء هيئته العليا وفقا لنظامه الأساسي متى مضت على عضويته في هذه الهيئة سنة متصلة على الأقل‏.‏ وتقدم طلبات الترشيح إلى لجنة تسمى لجنة الانتخابات الرئاسية تتمتع بالاستقلال وتشكل من رئيس المحكمة الدستورية العليا رئيسا وعضوية كل من رئيس محكمة استئناف القاهرة وأقدم نواب رئيس المحكمة الدستورية العليا وأقدم نواب رئيس محكمة النقض وأقدم نواب رئيس مجلس الدولة وخمسة من الشخصيات العامة المشهود لها بالحياد يختار ثلاثة منهم مجلس الشعب ويختار الاثنين الآخرين مجلس الشورى، وذلك بناء على اقتراح مكتب كل من المجلسين وذلك لمدة خمس سنوات، ويحدد القانون من يحل محل رئيس اللجنة أو أي من أعضائها في حالة وجود مانع لديه:

‏وتختص هذه اللجنة دون غيرها بما يلي:

1 - إعلان فتح باب الترشيح والإشراف على إجراءاته وإعلان القائمة النهائية للمرشحين.

2 - الإشراف العام على إجراءات الاقتراع والفرز.

3 - إعلان نتيجة الانتخاب.

4 - الفصل في كافة التظلمات والطعون وفي جميع المسائل المتعلقة باختصاصها بما في ذلك تنازع الاختصاص.

5 - ‏ وضع لائحة لتنظيم أسلوب عملها وكيفية ممارسة اختصاصاتها.

وتصدر قراراتها بأغلبية سبعة من أعضائها على الأقل وتكون قراراتها نهائية ونافذة بذاتها غير قابلة للطعن عليها بأي طريق وأمام أي جهة، كما لا يجوز التعرض لقراراتها بالتأويل أو بوقف التنفيذ، ويحدد القانون المنظم للانتخابات الرئاسية الاختصاصات الأخرى للجنة.

كما يحدد القانون القواعد المنظمة لترشيح من يخلو مكانه من أحد المرشحين لأي سبب غير التنازل عن الترشيح في الفترة بين بدء الترشيح وقبل انتهاء الاقتراع.

ويجرى الاقتراع في يوم واحد وتشكل لجنة الانتخابات الرئاسية اللجان التي تتولى مراحل العملية الانتخابية والفرز على أن تقوم بالإشراف عليها لجان عامة تشكلها اللجنة من أعضاء الهيئات القضائية، وذلك كله وفقا للقواعد والإجراءات التي تحددها اللجنة‏.

ويعلن انتخاب رئيس الجمهورية بحصول المرشحين على الأغلبية المطلقة لعدد الأصوات الصحيحة، فإذا لم يحصل أي من المرشحين على هذه الأغلبية أعيد الانتخاب بعد سبعة أيام على الأقل بين المرشحين اللذين حصلا على أكبر عدد من الأصوات، فإذا تساوى مع ثانيهما غيره في عدد الأصوات الصحيحة اشترك في انتخابات الإعادة.. وفي هذه الحالة يعلن فوز من يحصل على أكبر عدد من الأصوات الصحيحة.

ويتم الاقتراع لانتخاب رئيس الجمهورية حتى ولو تقدم للترشيح مرشح واحد أو لم يبق سواه بسبب تنازل باقي المرشحين أو لعدم ترشيح أحد غير من خلا مكانه‏..‏ وفي هذه الحالة يعلن فوز المرشح الحاصل على الأغلبية المطلقة لعدد من أدلوا بأصواتهم الصحيحة، وينظم القانون ما يتبع في حالة عدم حصول المرشح على هذه الأغلبية، ويعرض رئيس الجمهورية مشروع القانون المنظم للانتخابات الرئاسية على المحكمة الدستورية العليا بعد إقراره من مجلس الشعب وقبل إصداره لتقرير مدى مطابقته للدستور.

وتصدر المحكمة قرارها في هذا الشأن خلال خمسة عشر يوما من تاريخ عرض الأمر عليها، فإذا قررت المحكمة عدم دستورية نص أو أكثر من نصوص المشروع رده رئيس الجمهورية إلى مجلس الشعب لإعمال مقتضى هذا القرار، وفي جميع الأحوال يكون قرار المحكمة ملزما للكافة ولجميع سلطات الدولة وينشر في الجريدة الرسمية خلال ثلاثة أيام من تاريخ صدوره».

وجرى تطبيق العمل بالمادة 76 بعد تعديلها في عام 2005 باقتراح من الرئيس مبارك للمرة الأولى في العام نفسه، وتم عن طريقها فتح باب المنافسة على الترشح لمقعد الرئاسة بين أكثر من مرشح بالاقتراع العام المباشر. وكان النظام الدستوري قبل عام 2005 لا يسمح بهذا، وإنما يعطي لمجلس الشعب فقط أن يسمي شخصا لرئاسة الجهورية، كان دائما هو نائب الرئيس، وطرح اسمه للاستفتاء عليه من قبل المواطنين فإن لم يحصل على هذه الأغلبية اختار المجلس غيره لطرح اسمه في استفتاء جديد.

ويقول المعارضون إن المادة 76 بوضعها الحالي تجعل التقدم للترشح لانتخابات الرئاسة أمرا في غاية الصعوبة للمستقلين. ويعتزم فقهاء الدستور اختيار أحد الحلول التي يمكن التوصل إليها لتيسير إجراءات الترشح، منها على سبيل المثال الاكتفاء بأن يجمع الراغب المستقل في الترشح عدة آلاف من التوقيعات من المواطنين المؤيدين له من عدة محافظات.

أما المادة 77 المطروحة للتعديل فتخص مدد بقاء الرئيس في الحكم، وهذا نصها:

«مدة الرئاسة ست سنوات ميلادية تبدأ من تاريخ إعلان نتيجة الاستفتاء، ويجوز إعادة انتخاب رئيس الجمهورية لمدد أخرى».

وكانت المادة 77 الدستور المصري حتى عام 1980 تحدد مدد بقاء الرئيس في الحكم لفترتين فقط، مدة كل منهما ست سنوات. ويقول السياسيون إن الرئيس المصري الراحل أنور السادات قام قبل أن يغتاله متشددون إسلاميون عام 1981، بإطلاق عدد المدد بحيث أصبح يجوز للرئيس الاستمرار في الحكم أي عدد من الفترات الرئاسية دون تحديد. وأشار فقهاء الدستور إلى أن أيسر مادة يمكن تعديلها دون خلافات كبيرة هي هذه المدة بحيث تعود إلى ما كانت عليه من تحديد لمدد الرئاسة بمدتين فقط كل مدة ست سنوات، وإن كان البعض يدعو لأن تكون كل مدة خمس سنوات فقط.

أما المادة 88 من الدستور فهي تخص انتخابات البرلمان، وكانت قبل تعديلها في عام 2007 تنص على أن الاقتراع في الانتخابات يكون تحت إشراف أعضاء من هيئة قضائية، ولأن عدد القضاة لا يكفي للإشراف على الانتخابات البرلمانية في عموم البلاد في يوم واحد، فقد جرت الانتخابات في عام 2005 على ثلاث مرات. أما النص الحالي الذي تدعو المعارضة لتعديله فحد من إشراف القضاة إلى حد كبير، وجعل إجراء انتخابات البرلمان في يوم واحد. وهذا نص المادة 88:

«يحدد القانون الشروط الواجب توافرها في أعضاء مجلس الشعب‏،‏ ويبين أحكام الانتخاب والاستفتاء‏، ‏ ويجرى الاقتراع في يوم واحد‏.‏ وتتولى لجنة عليا تتمتع بالاستقلال والحيدة الإشراف على الانتخابات على النحو الذي ينظمه القانون ويبين القانون اختصاصات اللجنة وطريقة تشكيلها على أن يكون من بين أعضائها أعضاء من هيئات قضائية حاليون وسابقون‏.‏ وتشكل اللجنة اللجان العامة التي تشرف على الانتخابات على مستوى الدوائر الانتخابية واللجان التي تباشر إجراءات الاقتراع‏، والفرز على أن تشكل اللجان العامة من أعضاء من هيئات قضائية‏،‏ وأن يتم الفرز تحت إشراف اللجان العامة وذلك كله وفقا للقواعد والإجراءات التي يحددها القانون»‏.

وتقول مصادر في القانون الدستوري إن المشكلة التي ستواجه المشرعين تكمن في طبيعة إعادة الصياغة لتلك المواد، لأن أي مغالاة في المطالب أو التشبث بالرأي من جانب المعارضة أو السلطات الحاكمة، يمكن أن يعرقل فرض تعديل مواد انتخابات الرئاسة بالدستور. ومن بوادر هذه الخلافات ما سربه معارضون أمس بالقول إن انتخابات الرئاسة أيضا ينبغي أن تخضع للإشراف القضائي، وأن تجري على ثلاثة أيام وليس في يوم واحد.

وأيا ما كانت التعديلات التي ستقترحها اللجنة الدستورية والتي سترفعها للرئيس مبارك لإحالتها للبرلمان، فإن هذه التعديلات سيلزمها إجراء إعادة صياغة لعدة مواد في القوانين المكملة والمنظمة لإجراءات انتخابات الرئاسة والبرلمان.