جون برادلي: صحافيون غربيون سخروا من توقعي حدوث ثورة في مصر

الكاتب البريطاني قال لـ «الشرق الأوسط» إنه تنبأ بها قبل 3 سنوات

TT

قال الكاتب البريطاني جون برادلي لـ«الشرق الأوسط»: إن صحافيين غربيين سخروا من توقعه، قبل ثلاث سنوات، حدوث ثورة بمصر. وكان برادلي قد تنبأ في كتابه الشهير عام 2008 باندلاع ثورة شعبية ضد نظام حكم الرئيس المصري حسنى مبارك، وأوضح أنه على الرغم من توقعه اندلاع ثورة على الأوضاع السياسية والاقتصادية التي سادت مصر على مدى الثلاثين عاما الماضية فإن ما حدث يفوق تنبؤاته وتوقعاته.

وقال برادلي، عبر البريد الإلكتروني أمس، إنه سيعود قريبا إلى القاهرة التي اضطر إلى مغادرتها خوفا على تعرض أصدقائه ومعارفه لمتاعب مع أجهزة الأمن المصرية بسبب كتابه الشهير الذي حمل عنوان «داخل مصر: أرض الفراعنة على شفا الثورة»، وتنبأ فيه باندلاع ثورة جديدة في مصر تخسر فيها أميركا هيمنتها على أكبر دولة عربية وعلى الشرق الأوسط.

وتحول الكاتب البريطاني أمس إلى نجم تطارده مختلف وسائل الإعلام والفضائيات ومحطات التلفزة العالمية، بسبب كتابه الذي منع من التداول والتوزيع في مصر، منذ صدوره قبل ثلاث سنوات. وإلى نص الحوار.

* كيف ترى الموقف الآن في مصر؟

- كانت هناك ثورة شعبية، لكن تلاها انقلاب عسكري، هذا ما حدث في عام 1952، عندما اختطفت الثورة الشعبية في شهر يناير (كانون الثاني) من قبل (الرئيس المصري الراحل) جمال عبد الناصر والضباط الأحرار في شهر يوليو (تموز) من نفس العام. وقد كان لمصر نظام عسكري منذ ذلك الحين. الناس يقولون الآن إن الجيش قد تولى السلطة، ولكنه بالفعل تولاها على مدى ستة عقود في نظام ترأسه الرئيس صوريا، ولذلك، في جملة واحدة، فلا شيء قد تغير. على أي حال فقد رحل الرئيس وأسرته. الجيش ليس بالوحشية التي كانت قوات أمن الدولة تتعامل بها مع المواطنين. لذلك سوف يكون المصريون قادرين على التنفس بحرية، على الأقل في المدى القصير.

* هل تخشى من وجود مبارك آخر في السلطة؟

- لا.. أنا لا أعتقد أن هذا يمكن أن يحدث، على الأقل ليس في المستقبل القريب. الخوف الحقيقي هو أن الجيش لن يتخلى عن السلطة طواعية، عندما يطلب منه ذلك. النظام العسكري استغرق ستة عقود لإعطاء الشعب الديمقراطية، ولم يفعل ذلك بعد، لذلك لماذا يجب على أي شخص أن يصدقهم الآن؟

* في كتابك، تحدثت عن وقوع الثورة في مصر.. كيف تشعر الآن إذن؟

- أشعر بالسعادة لمصر، خاصة بالنسبة لأصدقائي المصريين. بعضهم عانى شخصيا في ظل النظام المصري السابق. وكان نظام مبارك وحشيا للغاية وقاسيا ويتسم بعدم الشعور.

* كيف تقرأ السياسة الأميركية لمصر؟

- المشهد في مصر تم خارج مباركة أميركا وإسرائيل. وأنا متأكد من ذلك. كانوا يرغبون في بقاء (الرئيس) مبارك في السلطة واحتفاظه بها، لأنهم يحبون الديكتاتوريين العرب أكثر من أي شيء آخر. ومع ذلك فإن المؤسسة العسكرية هي علمانية وموالية لأميركا، وليست ضد إسرائيل. والأميركيون والإسرائيليون أنفسهم سعداء للغاية.

* بسبب كتابك.. هل كانت لديك مشكلات مع النظام السابق؟

- نعم، لقد منعوا الكتاب. وبعد ذلك قال لي جيراني إن رجال الشرطة السرية كانوا يطرحون أسئلة حولي، مثل من هم أصدقائي، وماذا كنت أفعل في مصر؟ ونتيجة لذلك قررت الرحيل في المقام الأول لحماية أصدقائي، وحتى الآن أشعر بأن هناك شعورا شخصيا بالتحرير أيضا. أنا سأعود. لقد افتقدت مصر وأصدقائي المصريين كثيرا.

* قلة من الناس فقط مثلك كانت تتحدث عن إمكانية حدوث الثورة لماذا؟

- السبب في أنني رأيت ما لم يره غيري من الغربيين هو أنني عشت مع المصريين العاديين لمدة عشر سنوات، وتحدثت باللهجة المصرية. أنا لم أجتمع مع الغربيين، لكني شاهدت بأم عيني الانهيار الكلي للمجتمع المصري، والفساد المستشري، وزيادة الوحشية، والشعور باليأس. وكانت لدي الثقة في الشعب المصري، لأنني كنت أعرف أن أهم شيء بالنسبة لهم هو استعادة كرامتهم. الصحافيون الآخرون من الغرب اهتموا بأساليب الحياة المتميزة في القاهرة. وكانوا يضحكون في وجهي عندما قلت إنه ستحدث ثورة. هم كانوا بعيدين كل البعد عن الواقع.

* هل أنت خائف من المستقبل في مصر؟

- الوضع لا يمكن أن يكون سيئا كما كان. والمشكلة مع جميع الثورات هي السؤال: وماذا بعد؟ لقد دمر اقتصاد البلاد. ولكن لدي الثقة في الشعب المصري وقدرته مجددا على النهوض وتجاوز الوضع الحالي.

* كيف تتصور موقف الرئيس مبارك الآن؟

- آمل أن يعاني من مشاعر الذل باليأس، التي عانى الكثير من المصريين منها تحت حكمه على مدى العقود الثلاثة الماضية. أتمنى أن يعرف التسول لرحمة الله. وآمل أن يحاكم وأن يواجه العدالة على جرائمه ضد الإنسانية.

* هل تعتقد أنه لن يقع انقلاب عسكري على الثورة في مصر؟

- حسنا. هناك توتر بين كبار الضباط المتشددين والأكثر ارتباطا بالنظام السابق والضباط الأصغر، الأكثر راديكالية. لذلك فالتخوف قائم. لكن على المدى القصير، لا أعتقد أن أي توترات ستظهر على السطح. العسكر يعتمدون كثيرا على أميركا التي تمول تدريبهم وتسليحهم. لذلك لماذا يجب أن تعض اليد التي تطعمك؟

* وكيف سيكون مستقبل الشباب الذي قام بالثورة والتغيير؟

- هذا يرجع ويعود إليهم، للاستمرار في ممارسة الضغط على العسكر لكي يلتزموا بتعهداتهم بشأن الحرية والديمقراطية. لقد دفعوا ثمنا باهظا لنيل حريتهم والتخلص من النظام السابق. لذلك يتعين عليهم أن يكونوا أكثر وعيا من قيمهم الثورية، حتى لا تسرق الثورة مجددا من أمام أعينهم.