عامر بوكفيتش لـ «الشرق الأوسط»: نهدف لتسجيل 20 ألف طالب أجنبي سنويا في جامعات سراييفو

الاستثمار في التعليم: مشروع أكاديمي يتبناه بنك البوسنة الدولي

TT

يعد مشروع الاستثمار في التعليم، الذي يتبناه بنك البوسنة الدولي، الذي يملك البنك الإسلامي للتنمية في جدة 70% من رأسماله، وبالتعاون مع 5 جامعات بوسنية في سراييفو، من المشاريع الواعدة التي تهدف لجعل العاصمة البوسنية مركزا إقليميا لجذب الطلاب من مختلف أنحاء العالم، لا سيما في منطقة غرب البلقان، وأوروبا.

ويأتي هذا المشروع في إطار الإعداد لمنتدى الأعمال في سراييفو لعام 2011، والمقرر عقده في بداية أبريل (نيسان) القادم. وكشف مدير بنك البوسنة الدولي عامر بوكفيتش، عن مشاريع ضخمة مطروحة للاستثمار، من بينها مشروع الاستثمار في التعليم. وقال بوكفيتش لـ«الشرق الأوسط»: «جاء هذا المشروع كباكورة لمنتدى الأعمال في دورته السنوية، وذلك لتمكين سراييفو من أداء دور محوري كمركز إقليمي للتعليم العالي، وهذا يعني تسجيل 20 ألف طالب أجنبي في جامعات سراييفو سنويا، وهو ما يوفر أكثر من نصف مليار مارك بوسني (250 ألف يورو تقريبا) وحتى أكثر من ذلك».

وعن اختيار مدينة سراييفو كمركز إقليمي للتعليم العالي، ذكر بوكفيتش أن «سراييفو مدينة معروفة بتقاليدها الجامعية العريقة، ففي كل سنة يسجل بها أكثر من 1500 طالب أجنبي، وهي تستطيع بمساعدة الإدارة المحلية والاستثمارات المالية الضئيلة أن تصبح مركزا إقليميا تعليميا، حيث يمكن لـ20 طالبا أجنبيا أن يزاولوا دراستهم في جامعاتها سنويا».

وعن أهداف المشروع الذي سيكون ضمن أجندة منتدى الأعمال في سراييفو، أفاد بأن «المشروع هدفه الاهتمام بالتنمية الاقتصادية، وتطوير نظام التعليم، وتغيير صورة البوسنة في الدوائر العالمية، والمحافل الدولية، في آن واحد وبنفس الفاعلية». وعن الموعد المحدد لبدء المشروع أكد أن «تسجيل الطلبة الأجانب سيكون حسب الخطة في الفصل الدراسي 2011/2012، وهذا سيسهم في تطوير عاصمة البوسنة في أجزائها المختلفة، ليس ذلك فحسب، بل سيسهم أيضا في تحسين سمعة البلاد بأسرها».

وأوضح بوكفيتش أن التعليم في المشروع سيكون باللغة الانجليزية، وذلك بعد دراسة مستفيضة «وقبل أن يقرر منتدى الأعمال في سراييفو تقديم هذه الوعود، استعرض بعناية الوضع في جامعات سراييفو، ومدى قدرتها وقابليتها، وكذلك البنية التحتية والوضع العام في المدينة نفسها، إلى جانب الوضع الأمني، ومستوى احترام الفروق الدينية والثقافية والعرقية. وخلص إلى أن سراييفو لها القابلية اللازمة والضرورية لكل ما تم ذكره آنفا».

وعن فرص نجاح المشروع، أبرز بوكفيتش أن «ما هو مهم جدا ويجعل من الأسهل البدء في تنفيذ هذه الفكرة، هو أن سراييفو تحتضن 5 جامعات، تدرس باللغة الإنجليزية، وهي الجامعة الأميركية في سراييفو، وجامعة البرج العالمية، ومعهد ماساشوستس للتكنولوجيا فرع سراييفو، والجامعة الدولية في سراييفو، ومدرسة العلوم والتكنولوجيا في سراييفو». وأشار إلى أن كل واحدة من الجامعات المذكورة لها تخصص معين «بناء على هذه الوعود، والعروض، فإن كل واحدة من هذه الجامعات متخصصة لدراسة معينة، مثل الطب، والهندسة الكهربائية، والاقتصاد، والعلاقات الدولية، وغيرها، وفقا لتقييم نوعية التعليم في كل تخصص حسب المعايير الأوروبية المطلوبة. ويمكن عند تطبيق هذا المشروع في السنة الأولى أن يتم قبول 5 آلاف طالب أجنبي في الجامعات الخمس المذكورة، وهذا العدد سيزداد في كل سنة حتى يصل إلى 20 ألف طالب مسجل». وعن الميزات التي يوفرها التعليم في سراييفو، شدد بوكفيتش على أنه «بتنفيذ هذه المبادرة سنضع معايير عالية في نظام التعليم، وستكون هناك آلية أوضح وأسرع في معادلة الشهادات، وفي هذه الحالة هناك عدد كبير من الأساتذة الأجانب سيقدمون إلى البوسنة». وعن مصير الأكاديميين البوسنيين في الخارج وما إذا كان المشروع سيمثل عامل جذب لهم قال «هذا أيضا سيدفع لعودة الأساتذة البوسنيين للتدريس في جامعات بلادهم، وكذلك المهاجرون البوسنيون سيدفعون بأبنائهم الذين لا يجيدون اللغة البوسنية للدراسة في البوسنة، وهذا أيضا سيرفع جودة التدريس في البوسنة. والطلبة البوسنيون لن يضطروا للسفر للخارج من أجل مواصلة دراساتهم العليا، وهذا سيوفر تأسيس المعاهد العلمية وفتح المكتبات الجديدة والمختبرات، وستكون هناك فوائد للاقتصاد من البحوث الجديدة، وجعل الاقتصاد مبنيا على العلم. وكل هذا سيعمل على تحسين سمعة البوسنة وعاصمتها في الدوائر والمحافل الدولية، والجذب السهل للاستثمارات الخارجية».

وحول ما يظنه البعض من أن البوسنة منطقة نزاع، والبعض يظن أن الحرب لا تزال متواصلة، أشار بوكفيتش إلى أن «قيام مشاريع استثمارية ضخمة في البوسنة هو الجواب الشافي، لتغيير النظرة غير الواقعية للوضع في البوسنة، والقصص عن البوسنة وسراييفو كمنطقة نزاع وعدم استقرار ستنسى، وسيرتبط بالأذهان كونها من الأماكن الجاذبة لكسب العلم، والسياحة والاستثمار وغيرها».

وحول إمكانية جلب الطلبة الأجانب إلى سراييفو، أكد بوكفيتش على أن «هناك حقائق تؤكد أن سراييفو مدينة بثقافة جامعية منذ قرون، وكانت توجد بها معاهد للدراسات العليا، قبل 45 سنة من اكتشاف أميركا، وأنها مدينة أوروبية بتقاليد متنوعة وثقافة متعددة، وأنها مدينة لا يفرق فيها بين الطلبة بقطع النظر عن العرقية أو الآيديولوجيا أو أي مكون آخر». وتابع «في الفصول الدراسية بسراييفو تجلس الطالبات المحجبات وغير المحجبات جنبا إلى جنب، مدينة لا يوجد فيها تمييز بين الطلاب، مدينة تنظم فيها فعاليات ثقافية، تلبي جميع الأذواق، وتصهر جميع الأجيال المختلفة، مدينة لا تفصلها عن البحر سوى مسافة 3 ساعات بالسيارة، مدينة يعيش ويدرس فيها الأساتذة الكبار، وكثير منهم لديه سمعة عالمية كأساتذة زائرين في جامعات عالمية مرموقة». وأردف «إلى جانب ذلك سراييفو عبر التاريخ مشهورة بكونها مركزا جامعيا يجذب إليه عددا كبيرا من الطلبة، وهي وجهة لعدد كبير من الأجانب الذين كانوا يأتون إليها في العهد اليوغسلافي، خاصة من بلدان منظمة عدم الانحياز. وكان الرئيس اليوغوسلافي الراحل جوزيف بروز تيتو يقدم البوسنة كنموذج مصغر ليوغسلافيا متعددة الاعراق والثقافات». وبخصوص انضمام البوسنة إلى الاتحاد الأوروبي، وعلاقة ذلك بالمشروع، ذكر بوكفيتش أن كل ذلك وضع في الحسبان، وتم حل جميع العوائق «بطبيعة الحال، لا بد أن نعرف الحقيقة، أن بعض البلاد ليست لديها قابلية لاستقبال جميع طلبات الالتحاق بالجامعات لديها، وسراييفو تستطيع أن تملأ هذا الفراغ، وأن تستقبل عددا كبيرا من هؤلاء الطلبة. وسنضرب لكم مثلا من تركيا، حيث يقدم سنويا للتسجيل في الجامعات مليون وستمائة ألف طالب. والجامعات تستطيع قبول ثلاثمائة ألف طالب فقط، وهذا يعني أن غرضنا الأخير لهذه المبادرة، من 20 ألف طالب فقط 1.5 في المائة من الطلبة الذين لا يجدون المكان في الجامعات التركية».

وعن خطوات تنفيذ المشروع عمليا قال بوكفيتش «لتنفيذ هذا المشروع حصلنا على مساعدة من السلطات المحلية، من الناحية الإدارية والمالية، والخطوة الأولى التي لا بد منها هي أن الجامعات التي ستكون جزءا من هذا المشروع والتي ذكرناها من قبل يجب أن توقع مذكرات تفاهم، وبهذا تعرف أهداف المبادرة، ثم تقسيم السلطات وفقا للمجالات التعليمية، وأن تدقق مناهج التطبيق. بعد ذلك سيأتي دور مؤسسات النظام التي أعربت عن استعدادها لتسهيل إجراءات التأشيرات للأجانب، وتسهيل معادلة الشهادات للمدرسين الأجانب. بعد ذلك تجهيز البنية التحتية وغيرها».

وعن دور الدبلوماسية البوسنية للتعريف بالمشروع أكد على أن «الدبلوماسيين البوسنيين لهم دور كبير في هذا المشروع، وهو توضيح سبل الدعاية له في الخارج. بطبيعة الحال كل هذا ستكون له عائدات سريعة، والمشروع نفسه سيصبح الماكينة التي لا تصنع المال فقط، لكنها تسهم في استقرار البوسنة والمنطقة، وتصنع الوضع الذي تهيمن عليه المعرفة والعلم والثقافة والحوار والتسامح».

وعن الفوائد التي ستجنيها الدولة من وراء المشروع أوضح أنه «باستخدام هذه المناهج، الدولة تستطيع أن تجتنب القروض والديون، وبنفس الطريقة يمكن أن تكسب المال، وتعيد تأهيل السياحة وإنتاج الطعام الصحي والغذاء بشكل عام خاصة للبلاد التي تعاني من ندرة المياه، ومن صعوبة إنتاج الغذاء محليا. وما يشجعنا على المضي في هذا المشروع هو أن مديري الجامعات المذكورة يدعمون هذه المبادرة».