الأمير سلطان يبحث مع رئيس وزراء فرنسا التطورات الإقليمية

فيون يدعو الحكومة اللبنانية المقبلة إلى احترام المحكمة الدولية ويدعو مصر للمحافظة على دورها الفاعل في عملية السلام

TT

استقبل نائب خادم الحرمين الشريفين الأمير سلطان بن عبد العزيز في مكتبه بالديوان الملكي بقصر اليمامة أمس، رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون والوفد المرافق له.

وفي بداية الاستقبال رحب نائب خادم الحرمين الشريفين برئيس الوزراء الفرنسي في السعودية متمنياً له طيب الإقامة، في حين أعرب رئيس الوزراء الفرنسي عن شكره لنائب خادم الحرمين الشريفين على الحفاوة البالغة التي استقبل بها وكرم الضيافة.

ونقل رئيس الوزراء الفرنسي تحيات وتقدير الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ولنائب خادم الحرمين الشريفين فيما حمله نائب خادم الحرمين الشريفين تحياتهما وتقديرهما للرئيس الفرنسي.

وجرى خلال الاستقبال استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين في مختلف المجالات وسبل دعمها وتعزيزها إضافة إلى آخر التطورات على الساحتين الإقليمية والدولية.

حضر الاستقبال الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، والأمير خالد بن سلطان بن عبد العزيز مساعد وزير الدفاع والطيران والمفتش العام للشؤون العسكرية، والأمير الدكتور مشعل بن عبد الله بن مساعد مستشار ولي العهد، والأمير فيصل بن خالد بن سلطان بن عبد العزيز المستشار في ديوان ولي العهد، ووزير التجارة والصناعة عبد الله بن أحمد زينل، ونائب رئيس ديوان ولي العهد حمد بن عبد العزيز السويلم، والسكرتير الخاص لولي العهد محمد بن سالم المري، والمشرف العام على مكتب النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء الفريق أول عبد الرحمن الربيعان، ومدير عام مكتب ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام الفريق ركن عبد الرحمن البنيان، والسفير الفرنسي لدى السعودية برتران بيزانسنو.

وأعلنت فرنسا أمس من الرياض، عن تدشينها «حاملة طائرات» فرنسية غرب السعودية قبالة سواحل البحر الأحمر، فيما عرض رئيس وزرائها فرنسوا فيون خلال لقائه بالمسؤولين السعوديين أمس، تحديث منظومة الدفاع الجوي وتطوير القدرات البحرية، وتنفيذ مشروع المراقبة الجوية عبر الأقمار الصناعية.

وعقب المباحثات، أكد رئيس الوزراء الفرنسي، الذي اختتم أمس زيارة إلى السعودية استمرت يومين، إنه بحث مع شركائه السعوديين، الوضع في مصر بالتحديد، ولفت إلى أن مغادرة مبارك للسلطة تفتح صفحة جديدة لمصر، وتعكس تطلعات الشعب في شجاعته للتغيير، داعيا أن تحافظ القاهرة على دورها الفاعل في عملية السلام بالمنطقة.

وأبلغ رئيس الوزراء الفرنسي الصحافيين قبيل مغادرته الرياض، أنه قام صباح أمس بزيارة حاملة الطائرات الفرنسية شارل ديغول التي ترسو قبالة سواحل مدينة جدة.

ونوه فرنسوا فيون بعمق العلاقات السعودية - الفرنسية، وقال إنها تعززت خلال الفترة الماضية في مختلف المجالات السياسية والثقافية، وهو ما شدد عليه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي خلال لقائه الأخير بخادم الحرمين الشريفين في نيويورك في يناير (كانون الثاني) الماضي، على حد تعبيره.

وأكد فيون على متانة التنسيق بين باريس والرياض، في المحيط الذي وصفه بـ«المعقد والهش»، وهو يشير بذلك كما قال إلى الوضع في الشرق الأوسط، مشددا على استمرارية التنسيق بين بلاده والسعودية وخصوصا فيما يتصل بالوضع في لبنان.

ودعا رئيس الوزراء الفرنسي، من الرياض، الحكومة اللبنانية المقبلة، لاحترام المحكمة الدولية الخاصة بالتحقيق في قضية مقتل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري.

وقال في الوضع اللبناني ان «حكومة فرنسا تتابع ما يحدث وتعيين نجيب ميقاتي رئيسا للحكومة الجديدة، حيينا العمل الذي قامت به حكومة الوحدة الوطنية التي ترأسها سعد الحريري، ويجب أن يعكس تشكيل الحكومة الجديدة الخيار الحر في لبنان. ووجهنا دعوة للحكومة اللبنانية أن تحترم الالتزامات الدولية وخاصة في المحكمة الدولية وهي المحكمة المستقلة الخاصة فيها. فرنسا تحب لبنان ولهذا نحن مجندون لمساعدة لبنان لكي يكون هناك توافق سياسي في السيادة والاستقلال».

وتتطابق وجهات نظر السعودية وفرنسا حول الملف اللبناني، الذي كان ضمن أحد أهم الملفات التي تناولها فرنسوا فيون مع المسؤولين السعوديين.

وشملت مباحثات رئيس الوزراء الفرنسي في السعودية، مجالات الدفاع، حيث قال إن هناك «تعاونا وثيقا» في هذا المجال، وإن خير دليل على ذلك التمرينات المشتركة والمشاريع التي تمت مؤخرا.

وبحث المسؤول الفرنسي الرفيع مع المسؤولين السعوديين في مجالات التسلح، وشراء قمر صناعي للمراقبة الجوية، وتحديث منظومة الدفاع الجوي، والقدرات البحرية للسعودية.

وعلى الصعيد الاقتصادي، أعرب رئيس وزراء فرنسا عن ارتياحه في تزايد الصادرات بين الرياض وباريس بنسبة 75 في المائة، لافتا إلى أن السعودية تعتبر الشريك الرئيسي والأول في الخليج، وأن شركة «إيرباص» ساهمت في تجديد أسطول الخطوط السعودية أخيرا.

وعلى الصعيد الأمني، قال رئيس الوزراء الفرنسي إنه اتفق مع المسؤولين السعوديين، على مواصلة التعاون في مكافحة الإرهاب، وأشار إلى أن التعاون العسكري بين السعودية وفرنسا ممتاز وأنه تحول إلى تكوين الضباط والمهندسين. وقال «هناك أكثر من 500 مهندس وضابط سعودي تدربوا في فرنسا بالإضافة إلى العمل معا في المجالات العسكرية المختلفة وخصوصا في البحرية، وتحدثنا مع السلطات السعودية ونحن على استعداد لتحديث الأسطول الدفاعي وتطوير المراقبة وتحقيق الأمن في هذه المرحلة».

ولم تغفل زيارة المسؤول الفرنسي الرفيع، الجوانب التربوية والتعليمية، حيث أشار إلى عمق التعاون في هذا المجال، عبر زيادة أعداد الطلاب السعوديين المبتعثين إلى فرنسا بـ10 أضعاف، وتوقيع بلاده والرياض 50 اتفاقية تعليمية منذ الزيارة التي قام بها الرئيس ساركوزي إلى السعودية عام 2008.

وأفصح فرنسوا فيون بأن هناك شركة فرنسية مرشحة لإقامة خط القطار الذي ينتظر أن يربط بين العاصمتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة.

وناقشت مباحثات رئيس الوزراء الفرنسي في الرياض، الملف الأكثر أهمية على الساحة السياسية، وهو تنحي الرئيس المصري محمد حسني مبارك عن السلطة بعد ثورة شعبية استمرت 18 يوما.

وبسؤال فرنسوا فيون، عما إذا كان يعتقد بأن الثورة الشعبية من الممكن أن تمتد لدول أخرى في العالم العربي، قال «نحن نتابع باهتمام هذه التطورات في مصر وتونس وقدمنا المساندة بغية تعزيز التقدم الذي حصل في تونس ولم يكن يتوقع ما حصل. علينا أن لا نفكر بالطرق القديمة عن الحالات الجديدة. لكل شعب ودولة خصوصية ويجب عدم التدخل في شؤون الدول الداخلية، وهي قاعدة يجب أن تعمم والحرص على القيم العالمية الحرية والديمقراطية وفرنسا لا تملي على أحد ولكن يجب على الحكومات أن تفكر فيما حدث وتحقق تطلعات الشعوب».