ميقاتي يستبعد من حكومته شخصيات سنية معارضة للحريري

أسباب تقنية و«طرابلسية» تحول دون توزير نجل عمر كرامي في الحكومة اللبنانية

الشيخ نبيل قاووق مسؤول حزب الله اللبناني في الجنوب لدى تقديمه أمس «وشاح الانتصارين» لفايز مغنية والد عماد مغنية القائد العسكري السابق في حزب الله وذلك في الذكرى الثالثة لاغتياله (أ.ف.ب)
TT

يبدي أحد النواب السنة في قوى «8 آذار» التي تضم حزب الله وحلفاءه، أسفه لاستبعاد شخصيات سنية معارضة لزعيم تيار المستقبل سعد الحريري، من أمثال الوزير السابق عبد الرحيم مراد والنائب الأسبق أسامة سعد وسواهما، عن التشكيلة الحكومية المرتقبة التي يحضرها رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي. وفي حين لا يضع فريق «8 آذار»، المعارضة السنية للحريري في حساباته الوزارية «بالأرقام» راهنا، في ظل شهية «استيزار» قوية والحديث عن «تناتش» حول الحصص، يحرص ميقاتي على استبعاد بعض الأسماء التي قد تشكل استفزازا لشارع «14 آذار» عموما وللسنة تحديدا، المنزعجين أصلا من إقصاء الحريري عن رئاسة الحكومة.

وكان رئيس الحكومة السابق عمر كرامي أول من وقع في «الفخ» من أركان المعارضة السنية، بعد إسقاط حكومة الحريري، إذ وعده حلفاؤه بإيصاله إلى سدة الرئاسة الثالثة وتحضرت أوساطه وفريق عمله للانتقال من طرابلس إلى السراي الحكومي في وسط بيروت، وإذ به يستفيق صبيحة الاستشارات النيابية على نبأ ترشح ميقاتي، الذي نازعه في السنوات الأخيرة على زعامة مدينة طرابلس، مسقط رأسيهما، وزاد من تحجيم دوره بعد تحالفه في الانتخابات النيابية الأخيرة مع تيار المستقبل.

ولأن ترشيح ميقاتي أثار حفيظة كرامي، توسطت قوى «8 آذار» مع نجله فيصل، الذي صودف وجوده خارج البلاد، فقطع سفره نزولا عند رغبتهم، وهو الذي اعتاد القيام بدور «الوسيط» كلما حدث إشكال ما بين الطرفين. عاد على وجه السرعة إلى بيروت لتهدئة غضب والده، وأمل الأب وابنه معلق على تعويض خيبة رئاسة الحكومة بمقعد وزاري في التشكيلة الحكومية المقبلة، من دون أن يتلقيا وعدا قاطعا بذلك من أي جهة كانت. ولاقى فريق «8 آذار» طرح اسم فيصل كرامي لشغل مقعد وزاري بالإشارة إلى أنه سيسعى لذلك من دون أن يتبنى الأمر.

وعلى الرغم من أن اسم فيصل كرامي ليس من الأسماء التي تستفز الشارع السني أو الحريري تحديدا كما هي الحال مع بعض الأسماء الأخرى، فإن استحالة توزير نجل كرامي مرتبطة وفق ما علمته «الشرق الأوسط» بسببين اثنين لا ثالث لهما؛ يتمثل السبب الأول في وجود تحالف نيابي ثنائي بين ميقاتي والنائب أحمد كرامي، الذي قد يعتبر أن توزير فيصل قد يؤثر على العلاقة مع ميقاتي، خصوصا أن أحمد كرامي يمثل الحليف الوحيد في كتلة ميقاتي النيابية.

ويرتبط السبب الثاني بشكل الحكومة المقبلة؛ إذ يبدو واضحا أن التوجه لحكومة من 24 وزيرا أمر حتمي، إذا لم يشارك فريق «14 آذار»، مما يعني أن الحكومة المقبلة ستضم خمسة وزراء سنة. وعندها يصبح من غير اللائق تمثيل كل المناطق اللبنانية بوزيرين وتمثيل طرابلس بثلاثة وزراء بعد أن حجز، إلى جانب مقعد الرئيس ميقاتي بطبيعة الحال، مقعدا لوزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال محمد الصفدي، وبالتالي ثمة صعوبة في توزير كرامي.

أما إذا قرر فريق «14 آذار» المشاركة في حكومة ثلاثينية، فسيحصل على ثلاثة وزراء من أصل ستة يمثلون الطائفة السنية، في حين سيشغل ميقاتي والصفدي والنائب علاء الدين ترو (من كتلة النائب وليد جنبلاط) المقاعد الثلاثة الأخرى. هذا الأمر يطرح بالتالي صعوبة أو «استحالة تقنية» أخرى تحول دون توزير فيصل كرامي. وكان عمر كرامي اعتبر، في تصريح أمس، أنه «كما فعلوا معي أثناء تسمية رئيس للحكومة يقومون الآن بطرح اسم فيصل لحرقه، لكننا لم نطلب وما من أحد عرض علينا». وقال: «أنا لم أكن مرشحا. تداولوا اسمي في الإعلام، ومن ثم قالوا لا نريده، وأنا لم أترشح ولم أطلب»، مؤكدا أن جوابه على توزير نجله «سيكون حسب الظروف وحسب العرض، ولكل حادث حديث».

في موازاة ذلك، بدا لافتا الهجوم الذي شنه أمس الوزير السابق وئام وهاب على الرئيس ميقاتي؛ إذ رأى أن استبعاد الأخير «لوزراء سماهم استفزازيين هو أمر مستغرب، مثل جلوسه مع قتلة وسارقين وناهبين لم يصنفهم بالاستفزازيين»، متسائلا: «هل الاستفزازي هو من كان سببا في وجود ميقاتي في رئاسة مجلس الوزراء». وقال وهاب: «كيف يتناول ميقاتي الأمور بهذه البساطة والتبسيط وبهذه الطريقة، إلا إذا كان يريد بيع أوراق لأحد وأخذنا نحن بالجملة».