بارزاني يرعى مؤتمرا لرأب الصدع بين المثقفين ورجال الدين في كردستان

دعا برلمان وحكومة الإقليم إلى البدء في حملة لمكافحة الفساد

TT

تحت شعار «من أجل تدعيم دور المثقفين ورجال الدين في ترسيخ السلام الاجتماعي»، عقد أمس مؤتمر في أربيل لحوار المثقفين ورجال الدين، برعاية رئيس الإقليم مسعود بارزاني، ومشاركة عدد كبير من المثقفين يمثلون مختلف المؤسسات الثقافية والفكرية وأئمة وخطباء الجوامع في كردستان، بهدف إرساء قواعد حوار فكري وثقافي بين الطرفين أساسه التفاهم المشترك وتقريب المسافات بين هاتين الشريحتين المهمتين في المجتمع الكردستاني.

وألقى بارزاني كلمة في بداية المؤتمر، أكد في مستهلها «أن الهدف من عقد هذا المؤتمر الذي دعوت إليه هو تدشين حوار فكري وعقلاني بين المثقفين ورجال الدين في كردستان، بعد أن شعرت بوجود حالة من التوتر بينهم، أثارت قلق المجتمع الكردستاني مؤخرا، وأسباب هذا التوتر ناجمة عن قيام بعض الكتاب والصحافيين والمثقفين في الفترة الأخيرة بانتهاك بعض المقدسات الدينية، قابله قيام بعض علماء الدين بردود فعل متقابلة بشن الهجمات على عدد من المثقفين، وشعرنا بأن هذه المواجهات التي أخذت طابعا عنيفا بين الطرفين قد تعرض أسس مجتمعنا الكردستاني إلى مخاطر... ولذلك سارعنا بعقد هذا المؤتمر، لنضع الأساس لحوار فكري بين الطرفين وتحقيق المصالحة بينهم». وأضاف بارزاني «وكما ندعو المثقفين إلى عدم التجاوز على المقدسات واحترامها، ندعو في المقابل رجال الدين إلى ألا يستخدموا منابر المساجد لإصدار فتاوى القتل أو التهديد ضد المثقفين، لأن هذه الأمور من شأن القضاء الذي يفترض أن يكون رقيبا وحاميا للمجتمع».

وتطرق بارزاني إلى حملته ضد الفساد، وقال: «أدعو جميع الحاضرين هنا في هذا المؤتمر ومن يسمعونني على هذا المنبر لأن يقدموا لنا آراءهم وملاحظاتهم حول مكامن الفساد في كردستان، وأنا أتعهد أمامكم بأنني سوف لن أحمي أي شخص متهم بالفساد، وأؤكد لكم أنني لم ولن أكون شريكا لأي كان في سعيه للفساد، وعلى الجميع أن يعملوا من أجل القضاء على هذه الآفة في إطار القانون».

وألقى كاوه محمود، وزير ثقافة حكومة إقليم كردستان، كلمة أشار فيها إلى «أن بعض رجال الدين فرضوا أنفسهم على منابر المساجد كسلطة تشريعية وتنفيذية وقضائية من خلال إصداره لبعض الفتاوى ضد المثقفين، في حين يفترض بهم أن يستخدموا منابرهم للوعظ والإرشاد والنصح، وليس فرض آرائهم أو فتاواهم على الآخرين».

وأثارت كلمة وزير الثقافة ترحيبا حارا من المثقفين الموجودين في المؤتمر، بينما أثارت موجة من الغضب والاحتجاج لدى معظم رجال الدين المشاركين في المؤتمر، ووصل الأمر إلى حد تهديدهم بالانسحاب من المؤتمر، قبل ابتداء الجلسة الرسمية للحوار. وبذل رئيس ديوان رئاسة الإقليم الدكتور فؤاد حسين جهودا مضنية لتهدئة الموقف واحتواء غضب رجال الدين، ونجح في إعادتهم إلى قاعة المؤتمر. وأشار الدكتور فرهاد بيربال، الذي سبق وصدرت بحقه فتوى بالقتل من قبل أحد خطباء المساجد إلى «أن كلمة الوزير كانت قوية جدا، ونحن المثقفين نشد على أياديه لتلك الكلمة المؤثرة».

من جهته، قال الملا آزاد كركوكي، وهو أحد المشاركين في المؤتمر: «إن كلمة وزير الثقافة استفزتنا نحن رجال الدين، فقد لاحظنا فيها تصعيدا خطيرا، في حين يفترض أن تطرح الآراء التي جاءت على لسان الوزير داخل مناقشات المؤتمر، ولولا جهود السيد رئيس ديوان رئاسة الإقليم لكنا عازمين على الانسحاب ومقاطعة المؤتمر».

وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أوضح عثمان المفتي المتحدث الرسمي باسم وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بحكومة إقليم كردستان: «أن سبب غضب رجال الدين على كلمة وزير الثقافة جاء بسبب تأويل بعضهم لمعاني تلك الكلمة وتصويرها وكأنها تضع قواعد للخطبة يجب على أئمة وخطباء المساجد اتباعها في خطبهم»، وأضاف «على الرغم من أنني أؤيد أن تكون الحوارات داخل جلسات المؤتمر، وألا تتسبب تلك الكلمة التي تحتمل المناقشة والأخذ والرد في إفشال هذا الجهد الكبير والمخلص من رئيس الإقليم لرأب الصدع وتحقيق المصالحة بين أهم شريحتين في المجتمع الكردستاني».