غيبس يودع مراسلي البيت الأبيض بقليل من الجدية وكثير من المزاح

أوباما خصص له وقتا لتوديعه على الرغم من انشغاله بالحدث المصري وأعاد له ربطة عنق أعاره إياها منذ 7 سنوات

TT

في يومه الأخير من عمله كمتحدث باسم البيت الأبيض، سبق روبرت غيبس منصة قاعة المؤتمرات الصحافية، رئيس الولايات المتحدة نفسه، الذي أدلى بتصريح صحافي بطريقة مازحة قال فيه: «أود أن أعلن أن رحيل غيبس ليس الرحيل الأهم اليوم»، في إشارة إلى تنحي الرئيس المصري حسني مبارك. وكان الرئيس باراك أوباما قد عاد للتو، وبشكل مفاجئ، إلى المنصة، من خطاب آخر أشاد فيه باستقالة الرئيس المصري حسني مبارك، وهنأ فيه، الشعب المصري، خاصة الشباب، على ما قاموا به.

ولأن أوباما معروف عنه التحفظ في إظهار عواطفه، فقد فوجئ الصحافيون، وربما غيبس نفسه، عندما انخفض صوته، ونادى غيبس بالكلمة الشعبية (بادي)، والتي تعني «صديق». وقال أوباما عن غيبس: «إنه ساعدني في بداية مشواري إلى هنا (البيت الأبيض). المرء لا يمكنه أن يجد من هو أفضل منه ليكون في خندق واحد معه».

ولاحظ صحافيون استعمال أوباما لكلمة «خندق». وقال دانا ميلبانك، صحافي «واشنطن بوست» الذي كان حاضرا: «ربما كان الرئيس على حق في استعمال لغة الحروب، وذلك لأن سنتين من المناوشات الكلامية، إن لم تكن المناوشات النارية، جعلت قاعة المؤتمرات الصحافية تبدو وكأنها ساحة حرب».

وودع الرئيس أوباما الجمعة الماضي الناطق باسمه وأعاد له ربطة عنق كان قد أعاره إياها في 2004 لخطاب شهد بداية صعوده السياسي. وذكر الرئيس الأميركي أن غيبس عمل معه مند ترشحه لمقعد في مجلس الشيوخ في 2004، وهي السنة نفسها التي دعي فيها أوباما إلى إلقاء خطاب أمام مؤتمر الديمقراطيين في بوسطن بولاية ماساتشوستس، الذي قرر ترشيح جون كيري للانتخابات الرئاسية. وبقي الخطاب الذي دعا فيه أوباما إلى تجاوز الحدود الحزبية، في ذاكرة الأميركيين الذين يعتبرونه بداية صعوده السياسي على المستوى الوطني. وقال أوباما إن «كثيرين يعتقدون أن خطابي هو الذي شجعنا، لكن المشكلة الأصعب كانت اختيار ربطة العنق التي يتوجب علي ارتداؤها». وأضاف: «قبل عشر دقائق من صعودي إلى المنصة كنا نتشاجر حول ربطة العنق وميشيل لم يعجبها أيا منها، ثم قال لي شخص ما لا أذكر من هو: ما رأيك بربطة عنق غيبس؟». وتابع أوباما: «لم يعترض لكنني أعرف أنه لم يكن سعيدا بعدم استردادها»، قبل أن يعيد لغيبس ربطة العنق الزرقاء في إطار مع كلمات شكر وصور له.

وعندما جاء دور غيبس ليتحدث، قرأ «جدول عمل الرئيس» الذي كان يقرأه كل صباح عما سيفعل أوباما كل يوم. لكن، هذه المرة كان الجدول عن غيبس نفسه. وقال في تندر: «يوم الاثنين، سيذهب السكرتير الصحافي السابق لرئيس الجمهورية مع إيثان غيبس (ابنه) إلى المدرسة في الصباح. وأثناء اليوم سيشاهد برنامج «سبورتز سنتر» الرياضي في التلفزيون. وفي الظهر، حسب الطقس، سيستقل دراجته. وبعد الظهر سينام لفترة قصيرة، لم يكن تعود عليها، لكنها ستزيد يومه نشاطا». وعن بقية أيام الأسبوع، قال: «لا أتوقع أي مزيد من الأحداث للفترة المتبقية من الأسبوع».

كان الصحافيون وعدوا بتقديم هدية عبارة عن كيكة مخلوطة بالنبيذ، لكنهم قدموا له بطاقة وداع جاء فيها: «هل كان يجب أن تتركنا؟»، وهو مقطع من أغنية يودع فيها صاحب كلب كلبه الذي كان يحبه كثيرا.

وشهد المؤتمر الكثير من الأحاديث المازحة بين المراسلين وغيبس. فقد خاطب مراسل تلفزيون «أي بي سي» جيك نابر، غيبس قائلا: «قبل أن أسأل سؤالي الأخير لك في هذه القاعة، آمل أن تقضي الكثير من الوقت مع ابنك إيثان». ثم سأله: «أين الردود على جميع الأسئلة التي كنت قلت إنك ستجيب عنها في أوقات لاحقة؟». بدوره، قال تشيب ريد، مراسل تلفزيون «سي بي إس» لغيبس: «مبروك. آمل أن تكون الفترة (التي قضيتها متحدثا باسم البيت الأبيض) جيدة بالنسبة لك، كما كانت بالنسبة لنا». أما مراسلة صحيفة «نيويورك تايمز» شيريل ستولبرغ فقالت له: «الآن بعد أن صار لديك المزيد من الوقت، يجب أن ترد على جميع المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني التي أرسلناها لك ولم ترد عليها».

واشتكت كوني لون، مرسالة راديو «يو إس إيه» من أنه أهمل الصحافيين والصحافيات الذين كانوا يجلسون في المقاعد الخلفية في قاعة المؤتمرات الصحافية، فرد عليها غيبس: «بعد لحظات، سأغيب عن المنافسات السياسة وسط الصفوف في هذه الغرفة». وعندما حان وقت مغادرة المنصة، بدا غيبس وكأنه يغالب دموعه، لكنه أنهى حديثه بجدية: «أتمنى لكم جميعا حظا سعيدا». وكان غيبس قد قال إنه قرر مغادرة البيت الأبيض، لكنه سيواصل العمل لحساب الرئيس الأميركي في إطار الإعداد لإعادة انتخابه في 2012. ويعتبر روبرت غيبس من أقرب مساعدي الرئيس، وهو خبير محنك في التخطيط الاستراتيجي السياسي وفي التعامل مع وسائل الإعلام. وسيحل محله جاي كارني الصحافي السياسي القديم، الذي كان ناطقا باسم نائب الرئيس جوزيف بايدن.