«ننتظر».. قاسم مشترك في خطابات القوى السياسية في مصر

اتفاق حول المطالب وترقب إجراءات المجلس الأعلى للقوات المسلحة

مواطن مصري يرسم علم بلاده على وجه ابنه في ميدان التحرير أمس (أ.ب)
TT

انعكس الهدوء الذي ساد الشارع المصري عقب ليلة احتفالية أعقبت تخلي الرئيس حسني مبارك عن منصبه وتسليم سلطته للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، على المشهد السياسي في البلاد. وجاءت كلمة «ننتظر» كقاسم مشترك في خطابات القوى السياسية التي قالت إنها تفسح مجالا للوقت لكي تستطيع قيادات الجيش «دراسة الموقف»، خاصة في ضوء البيان الرابع للمجلس الذي قرر أن يبقي على حكومة الفريق أحمد شفيق لتسيير الأعمال لحين تشكيل حكومة جديدة.

وقالت جماعة الإخوان المسلمين التي تتمتع بقوة في الشارع إنها «تنتظر» واصفة موقفها بـ«الاستكشافي»، وأشارت الجماعة إلى تمسكها بالدستور القائم حتى يتم تعديله.

وقال الدكتور محمد مرسي عضو مكتب الإرشاد (أعلى سلطة تنفيذيه في الجماعة) إن «تصور الإخوان للمخرج ينطلق من الدستور، الذي يقرر في حالة خلو منصب الرئيس أن يفوض رئيس المحكمة الدستورية العليا في سلطاته لحين إجراء انتخابات رئاسية جديدة».

وأضاف مرسي المتحدث الرسمي باسم الإخوان أن الجماعة حددت مطالب واضحة تعبيرا عما وصفته بمطالب الشعب المصري التي تتمثل في تعديل الدستور، وحل البرلمان بمجلسيه (الشعب والشورى)، وإجراء انتخابات نزيهة، معتبرا أن هذا المسار هو المسار الطبيعي للخروج من المرحلة الانتقالية من أجل تأسيس حياة ديمقراطية سليمة.

وقال مرسي إنه «لا مجال للحديث عن دفع الجيش للقيام بإجراءات سريعة، وإنما الانتظار ومشاركة كافة القوى السياسية في صياغة مستقبل البلاد». وشاركت الجماعة التي اعتبرت لسنوات طويلة جماعة محظورة في حوار بدأه نائب الرئيس السابق عمر سليمان قبل أيام، في محاولة لاحتواء غضب الشارع، وتعهدت الجماعة بعدم تقديم مرشح رئاسي، وهو التعهد الذي حرص مرشدها الدكتور محمد بديع على تأكيده عقب تخلي مبارك عن السلطة.

وجاء موقف «القيادة الموحدة لائتلاف ثورة الشباب» التي لعبت دورا بارزا في الثورة المصرية التي اندلعت منذ 25 يناير (كانون الثاني) مشابها لموقف جماعة الإخوان. وأعلن الائتلاف تعليق اعتصامه في ميدان التحرير مفسحا الطريق لقيادة الجيش من أجل دراسة الموقف.

وقال شادي حرب، عضو القيادة الموحدة، القيادي بحزب الجبهة الديمقراطية، إن «ائتلاف الشباب قرر أن يقابل حسن النية التي كشف عنها بيان المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالمثل وعلق اعتصامه وننتظر موقف المجلس من مطالبنا».

وأعلن ائتلاف ثورة الشباب التي تضم حزب الجبهة الديمقراطية وجماعة الإخوان المسلمين، مطالبه في بيان له أمس، ودعا إلى تشكيل مجلس رئاسي يضم 5 شخصيات بينها شخصية عسكرية واحدة، بالإضافة لأربعة رموز مدنية مشهود لها لإدارة البلاد خلال فترة انتقالية، على أن لا يحق لهذه الشخصيات الترشح لأول انتخابات رئاسية. كما طالب الائتلاف بتشكيل حكومة كفاءات وطنية، وإلغاء فوري لحالة الطوارئ المعلنة في البلاد منذ عام 1981 وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وإطلاق حرية الإعلام، والإفراج الفوري عن المسجونين بموجب أحكام عسكرية، وتشكيل لجنة لوضع دستور جديد للبلاد، وحل مجلسي الشعب والشورى والمجالس النيابية، وإطلاق حرية تكوين الأحزاب السياسية والجمعيات الأهلية.

ودعا شادي حرب قيادة الجيش لفتح حوار وطني مع «القوى السياسية الحقيقية» في البلاد، مضيفا أن النظام المصري سقط وأسقط معه ما وصفه بـ«الكيانات الكرتونية لأحزاب المعارضة الرسمية».

وفي السياق نفسه تحاول الأحزاب الرسمية إعادة بناء قدراتها التي قالت إنها تعرضت للتخريب على يد النظام السابق بحصارها داخل مقراتها وعزلها عن الجماهير. ودعا الحزب العربي الناصري الذي يواجه انقسامات داخلية وصراعا على رئاسة الحزب الفرقاء للعودة إلى الحزب لإعادة البناء.

وقال سامح عاشور رئيس الحزب المفوض، إن إجراءات إعادة البناء بدأت حتى قبل الأحداث الأخيرة، لافتا إلى مرحلة جديدة بدأت منذ 17 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، حيث دعا لمؤتمر عام من أجل تطوير آلياته وتنقيح العضوية وتحديث الخطاب السياسي.

ودعا عاشور جميع الفرقاء داخل الحزب والقيادات التي انشقت عن الحزب أو سعت لتأسيس حزب بديل (في إشارة لحزب الكرامة) إلى العودة لإدارة حوار جاد وتأسيس جديد للحزب الناصري.

وقال القيادي بحركة كفاية عبد الحليم قنديل إن «البلاد خرجت من مرحلة الموات إلى مرحلة الخطر وعليه فما زلنا في مواقعنا».

ويرى قنديل الذي كان أحد أبرز المناوئين لحكم مبارك أن البلاد تحتاج لفترة انتقالية قد تصل لعام يتم خلالها انتخاب جمعية تأسيسية لصياغة دستور جديد، على أن يتولى الحكم الانتقالي رئيس يختاره المجلس الأعلى للقوات المسلحة.

وقال قنديل «ليس مهما الآن هوية هذا الرئيس، ونقبل حتى بأن يكون عسكريا بشرط الاتفاق على برنامج محدد وجدول زمني لتأسيس الجمهورية الثانية، مع تشكيل حكومة كفاءات وطنية».

وأضاف قنديل أن إجراءات عاجلة ينتظرها الشعب المصري وقوى سياسية، منها وضع حد أدنى للأجور يتناسب مع الأسعار، وإعادة النظر في اتفاقية تصدير الغاز لإسرائيل.