تطورات مصر تفرمل الاندفاع نحو تشكيلة اللون الواحد في الحكومة اللبنانية

أوساط ميقاتي لـ «الشرق الأوسط»: الهجوم عليه يقوده أشخاص لا مكان لهم بالحكومة العتيدة

TT

تدخل اليوم المشاورات التي يجريها رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي أسبوعها الرابع، من دون أن تلوح في الأفق بوادر اتفاق على تركيبة حكومة اللون الواحد، ومن دون توافق فريق الواحد الذي ستتشكل منه الحكومة 8 آذار على توزيع الحصص والحقائب داخل هذه الحكومة، بعد أن حسمت قوى 14 آذار موقفها بعدم المشاركة في حكومة لا تأثير لها فيها. ولعل التطورات الإقليمية خصوصا ما استجد على الساحة المصرية، جعل مراكز القرار الإقليمية، وتحديدا سورية وإيران، تعيد النظر في التركيبة الوزارية ومخاطر المجيء بحكومة من طرف واحد، الأمر الذي يرجح تأخر ولادة الحكومة اللبنانية في الأيام المقبلة، وهذا ما لمحت إليه مصادر ميقاتي التي أعلنت أن مشاورات التأليف ما زالت ضمن المهل المعقولة وأن لا التزام بمهلة محددة لإعلان ولادة الحكومة العتيدة، في وقت لفت المراقبون إلى أبعاد الهجوم الذي بدأ يتعرض له ميقاتي من بعض الشخصيات المقربة جدا إلى سورية وحزب الله من دون سابق إنذار.

فقد أكدت أوساط الرئيس المكلف أن «الهجومات التي بدأ يتعرض لها الرئيس نجيب ميقاتي تأتي من أشخاص طامحين إلى التوزير، لكنهم يعلمون أن لا مكان لهم في الحكومة الجديدة»، وإذ أوضحت هذه الأوساط لـ«الشرق الأوسط» أن «الرئيس المكلف لا يضع (فيتو) على أحد لدخول الحكومة، لكنه وضع معايير لاختيار الوزراء بحيث لا يقبل توزير وجوه تحمل طابع التحدي لفريق معين»، مشيرة إلى أن «الحكومة الجديدة ستكون بعيدة عن روح التشفي والكيدية والانتقام»، وردا على سؤال عن طلب النائب ميشال عون أن يكون كل الوزراء المسيحيين من حصته، قالت الأوساط المذكورة «لكل طرف الحق في أن يطرح مطالبه بالطريقة التي يراها مناسبة له، لكن مهمة تشكيل الحكومة مناطة برئيس الحكومة بالتشاور مع رئيس الجمهورية (ميشال سليمان) ولن يقبلا أن يملي عليهما أحد شروطه، والكل يعبر عن رغبته في التسهيل وليس العكس». وأكدت أوساط ميقاتي أن «اعتذار الرئيس المكلف غير مطروح في الوقت الحاضر لأن لا أسباب موجبة لذلك، خصوصا أنه لم يمض أكثر من أسبوعين على بدء استشارات التأليف، وما زال ضمن المهلة المعقولة، كما أنه لم يلتزم بأي مهلة على الإطلاق»، وحول ما يقال عن أن حزب الله يشترط عدم ذكر أي شيء عن المحكمة الدولية في البيان الوزاري.

أشارت إلى أن «هذا الكلام ليس إلا محاولة لإلهاء الناس، الرئيس ميقاتي ما زال في طور مشاورات تأليف الحكومة ومن المبكر الحديث عن البيان الوزاري، وإن كان لديه تصور عن خطوطه العريضة، لكنه (ميقاتي) لا يستطيع اختزال هذا البيان برأي طرف واحد، لأن كل المشاركين في الحكومة سيكون لهم رأي فيه، وبالتالي ليس ثمة التزامات مسبقة لأي فريق في أي موضوع كان».

في هذا الوقت، اتهم وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال حسن منيمنة «قوى 8 آذار بوضع كل العراقيل الممكنة الآيلة إلى منع مشاركة قوى 14 آذار في الحكومة العتيدة». ودعا الرئيس المكلف إلى «إدراك هوية ونوعية الحكومة التي سيترأسها»، معتبرا أنه «يستحيل على الرئيس ميقاتي أن يميز موقفه داخل الحكومة عن موقف الأكثرية الحكومية التي تملك سلطة القرار فيها»، ومؤكدا أن «القرار في الحكومة العتيدة سيكون قرار قوى 8 آذار».

ولفت وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال إبراهيم نجار إلى أن «هناك فرصا وليس عقدا لإشراك أكبر عدد ممكن من القوى السياسية في الحكومة العتيدة»، معربا عن اعتقاده أن «الإتيان بحكومة من لون واحد سيكون كارثيا على الرئيس المكلف وعلى لبنان». وإذ أكد أنه «ليس من مصلحة سورية وجود حكومة من لون واحد في لبنان»، اعتبر أن «لدى ميقاتي علاقات جيدة مع جيراننا وأشقائنا (سورية)، وحقل التحرك بالنسبة له أوسع مما كان من قبل للرئيس سعد الحريري ولا أعتقد أن من مصلحة سورية وجود حكومة ضعيفة في دولة قريبة لها كلبنان، من خلال وجود حكومة من لون واحد».

ورأى مستشار الرئيس سعد الحريري محمد شطح أن «لا دخول بالمفرق إلى الحكومة، فيما يعود لفريق 14 آذار»، مشددا على أن «ميقاتي أمام امتحان كبير ينظر إليه اللبنانيون والطرابلسيون، فإذا لم يستطع ممارسة وسطيته، فسيصبح رئيسا لحكومة الطرف الآخر»، وسأل «هل يريد عندها القول إنه رئيس حكومة حزب الله كما وصفه البعض؟».

أما في مقلب 8 آذار، فقال نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق إن «حزب الله هو أكثر الجهات تسهيلا لتشكيل الحكومة، لأنه لم يكن يواجه من أجل زيادة حصته أو أي مطامع، وإنما كان يعمل من أجل إنقاذ الوطن من مشروع الفتنة ومشروع التآمر الأميركي والإسرائيلي». وأكد أن «ليس لدى الحزب أي فيتو على مشاركة أي جهة وأي أحد في لبنان، وإنما لديه فيتو أمام مشاريع التآمر الأميركية ومسلسل التزوير المتواصل ومحاولات التسلل الأميركية من أجل تهديد الاستقرار والوحدة الوطنية في لبنان».

واعتبر عضو كتلة التحرير والتنمية النائب هاني قبيسي أنه «الزمن الذي تشكل فيه حكومة تسعى لفرض إرادات خارجية على الوطن والمواطن قد ولى»، وقال: «نحن على أبواب تشكيل حكومة تنقذ لبنان مما خططوا له على المستوى السياسي والاقتصادي والإداري والمالي»، لافتا إلى أنه «قد دعونا الجميع للمشاركة في هذه الحكومة تحت عنوان الحرص على وحدة الوطن والحفاظ على وحدته، لكن عندما ندعو للمشاركة ويدعو الآخر لوضع شروط سياسية هذا الأمر لن نرضى به»، مشيرا إلى أنه «من يريد المشاركة لا يستطيع أن يضع شروطا سياسية تحت أي عنوان كان، لا محكمة دولية ولا غير محكمة دولية».