الولايات المتحدة ترجئ اجتماعا متوقعا مع باكستان وأفغانستان

بسبب توتر العلاقات بين واشنطن وإسلام آباد بعد توقيف أميركي متهم بالقتل

باكستانيان يمران أمام لافتة لبي نظير بوتو بالقرب من الموقع الذي اغتيلت فيه بروالبندي.. في الوقت الذي أصدر فيه القضاء أمرا بالقبض على الرئيس الباكستاني السابق برويز مشرف (أ.ف.ب)
TT

أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن اجتماعا ثلاثيا بين الولايات المتحدة وباكستان وأفغانستان كان من المقرر عقده خلال الشهر الجاري، أرجئ بينما تشهد العلاقات بين واشنطن وإسلام آباد توترا بسبب توقيف أميركي متهم بالقتل.

وكان يفترض أن يعقد الاجتماع الثلاثي السنوي في 23 و24 فبراير (شباط) الحالي في واشنطن بحضور وزراء ومسؤولين كبار لدراسة التقدم في الحرب في أفغانستان والحملة ضد التطرف، حسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية. ويشكل إرجاء المحادثات التي لم يعلن أي موعد جديد لها، آخر حلقة في تدهور العلاقات بين الولايات المتحدة وباكستان حيث رفضت الشرطة الجمعة احتمال أن يكون الأميركي المعتقل قتل باكستانيين دفاعا عن النفس وقررت المحكمة حبسه.

وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية فيليب كراولي في البيان: «نظرا للتغيرات السياسية في باكستان وبعد محادثات مع مسؤولين أفغان وباكستانيين في واشنطن، اتفقنا على إرجاء اللقاء الثلاثي». وأضاف: «نتطلع للاتفاق على عقد ثلاثي مثمر جدا في اقرب فرصة ممكنة».

مؤكدا أن واشنطن «تبقى متمسكة بروابط قوية بين أفغانستان وباكستان والولايات المتحدة لأننا نتقاسم مواضيع كثيرة تثير اهتمامنا ولدينا مصلحة متبادلة للجلوس إلى الطاولة نفسها».

وقرر القضاء الباكستاني الجمعة الماضي حبس الأميركي ريموند ديفيس المتهم بقتل باكستانيين أواخر يناير (كانون الثاني) الماضي في لاهور، مما قد يؤدي إلى تفاقم أزمة دبلوماسية بين إسلام آباد وواشنطن التي تطالب بإطلاق سراحه.

ورفض قائد شرطة لاهور إسلام تارين فرضية الدفاع عن النفس التي طرحها الأميركي ريموند ديفيس الذي أكد أنه قتل الرجلين في 27 يناير لأنهما مسلحان وكانا يستعدان لمهاجمته.

وأكد تارين أن الأميركي يحمل جواز سفر دبلوماسيا وهو السبب الذي يدفع واشنطن إلى المطالبة بإطلاق سراحه.

وقالت الناطقة باسم السفارة الأميركية في إسلام آباد كورتني بيل: «لا شك أنه يتمتع بالحصانة الدبلوماسية». لكن الحصانة الدبلوماسية التي يتمتع بها ديفيس ليست أمرا محسوما. فقد قالت وسائل الإعلام الأميركية إنه عضو سابق في القوات الخاصة الأميركية بينما أكدت واشنطن أنه «موظف» في قنصلية لاهور.

وتفاقمت القضية بعدما صدمت سيارة تابعة للقنصلية الأميركية أحد المارة وقتلته قبل أن تلوذ بالفرار، مما رفع عدد القتلى إلى ثلاثة. وقد اتخذت القضية أبعادا وطنية وسط مشاعر العداء للأميركيين. وتثير القضية أزمة دبلوماسية خطيرة بين الأميركيين وحليفتهم الأساسية في «الحرب على الإرهاب» التي تخوضها واشنطن في المنطقة منذ نهاية 2001. والولايات المتحدة هي البلد الأول المانح للأموال لباكستان التي تواجه صعوبات اقتصادية كبيرة.

وعززت واشنطن ضغوطها في الأيام الأخيرة محذرة باكستان من وقف المفاوضات على مستوى عال، كما ذكر دبلوماسيون في واشنطن. ونقلت شبكة التلفزيون الأميركية «إيه بي سي» عن دبلوماسيين باكستانيين قولهم إن توم دونيلون مستشار الأمن القومي للرئيس باراك أوباما هدد الخميس الماضي بطرد سفير باكستان في واشنطن حسين حقاني إذا لم يتم الإفراج عن ديفيس الجمعة. إلا أن بيل نفت بشكل قاطع هذه المعلومات في إسلام آباد. كما ذكر دبلوماسيون أجانب في واشنطن أن وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون رفضت لقاء نظيرها الباكستاني شاه محمود قرشي نهاية الأسبوع الماضي على هامش مؤتمر الأمن في ميونيخ بألمانيا، احتجاجا على اعتقال إسلام آباد المواطن الأميركي.

إلى ذلك، شهدت مدينة قندهار جنوب أفغانستان العام الماضي عمليات عسكرية كبيرة للقضاء على متمردي طالبان، إلا أن الاختبار الحقيقي لنجاح تلك العمليات لم يأت بعد.

وتعتبر السيطرة على ولاية قندهار التي تعتبر مسقط رأس زعيم طالبان الملا محمد عمر والموطن الروحي للمتمردين! أمرا حاسما بالنسبة للجهود العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة للقضاء على التمرد الإسلامي وإنهاء أطول حرب أميركية.

وتصاعدت التحديات الأمنية في قندهار السبت الماضي عندما قتل 19 شخصا من بينهم 15 من رجال الشرطة ورجل استخبارات في سلسلة هجمات أعلنت طالبان مسؤوليتها عنها. وتأتي هذه الهجمات في إطار سلسلة تستهدف مسؤولين حكوميين موالين للرئيس حميد كرزاي.

ومع غياب دعم السكان المحليين، يبرز السؤال الكبير حول ما إذا كانت المكاسب التي حققتها القوات الأميركية ستصمد أمام العنف الذي يتوقع أن يشتد في الربيع. ولكن بعد 2014 من غير الواضح ما هو الدور الذي سيلعبه الغرب في أفغانستان.

وقال كرزاي هذا الأسبوع إنه يجري محادثات مع الولايات المتحدة حول إقامة قواعد عسكرية أميركية دائمة في البلاد. ويقول مسؤولون إن واشنطن ستحتفظ بعلاقات قوية مع كابل بعد 2014.

ويترك ذلك الباب مفتوحا أمام احتمال قيام القوات الأميركية بتدريب القوات الأفغانية وإمكانية استخدامها لقواعد عسكرية أو حتى الإبقاء على قوة صغيرة العدد لأجل غير مسمى لمكافحة الإرهاب في أفغانستان حماية لمصالحها الأمنية القومية.