في حين توافق المعارضة على إجراء حوار مع الحزب الحاكم

اليمن: محتجون ينظمون مسيرة إلى دار الرئاسة واندلاع اشتباكات

TT

شهدت العاصمة اليمنية صنعاء مسيرة احتجاج انطلقت من أمام جامعة صنعاء متجهة نحو قصر الرئاسة في العاصمة، حسب ما أفاد شهود عيان وقد اشتبك المتظاهرون مع الشرطة اليمنية التي حاولت منعهم من التقدم نحو قصر الرئاسة اليمنية في صنعاء أمس الأحد. وكانت المعارضة قد وافقت أمس على الدخول في محادثات مع الرئيس علي عبد الله صالح الحريص على تجنب اندلاع ثورة في بلاده على غرار ما حدث في مصر. وهتف المحتجون قائلين إن الشعب اليمني يريد إسقاط النظام وذلك خلال مظاهرة شارك فيها نحو ألف شخص قبل أن يخرج العشرات في مسيرة إلى القصر الرئاسي. واكتسبت احتجاجات متفرقة مناهضة للحكومة اليمنية زخما في الآونة الأخيرة. وشارك عشرات الآلاف في وقت سابق من الشهر الحالي في يوم الغضب الذي قادته المعارضة للمطالبة بتغيير الحكومة مستلهمين الاحتجاجات الشعبية في تونس ومصر. واشتبك محتجون مؤيدون ومعارضون للحكومة في الأيام الأخيرة. وقال مسؤولو المعارضة إن عشرة محتجين اعتقلوا في صنعاء واحتجز 120 الليلة الماضية في مدينة تعز حيث فرقت السلطات مظاهرة أمس. وقال شهود إن أربعة أشخاص أصيبوا في اشتباكات صنعاء حيث استخدمت الشرطة الهراوات ضد المحتجين الذين ردوا بإلقاء الحجارة. وكان صالح الذي يتولى السلطة منذ أكثر من ثلاثة عقود ونتيجة القلق من الاضطرابات في بعض مناطق العالم العربي أعلن أنه سيتخلى عن منصبه عندما تنتهي فترة ولايته الحالية عام 2013 وتعهد بعدم توريث الحكم لابنه. ودعا المعارضة لإجراء محادثات. وقال وزير الخارجية اليمني السابق والسياسي المعارض حاليا محمد باسندوة إن المعارضة لا ترفض ما جاء في دعوة الرئيس وإنها مستعدة لتوقيع اتفاق في أقل من أسبوع مضيفا أن المحادثات يجب أن تضم مراقبين غربيين أو خليجيين. وذكر أن التجارب الماضية هي التي دفعت المعارضة لطلب مراقبين من أصدقاء اليمن من الدول المانحة. ومن شأن عدم الاستقرار في اليمن أن يشكل مخاطر سياسية وأمنية لدول الخليج. وتعتمد الولايات المتحدة بشدة على صالح للمساعدة في محاربة جناح لـ«القاعدة» يتخذ من اليمن مقرا له وينفذ هجمات في السعودية أيضا. وسبق أن تراجع صالح عن وعوده بالتنحي. ويقول محللون إن التنازلات التي قدمها يمكن أن تكون سبيلا للخروج الكريم لكنه ربما يأمل أن يتجنب اضطرابات إقليمية ويعيد تأكيد هيمنته مستقبلا. وتريد المعارضة اليمنية ضمانات على أن الإصلاحات ستنفذ وتطالب بتحسين الظروف المعيشية لليمنيين الذين يعيش نحو 40 في المائة منهم على أقل من دولارين في اليوم في حين يعاني ثلثهم من جوع مزمن.

ومن جهة أخرى فض متظاهرون موالون للحكومة ومسلحون بالأسلحة البيضاء التقليدية والهراوات مسيرة مؤيدة للديمقراطية يوم أول من أمس السبت شارك فيها نحو 2000 يمني ألهبت حماستهم الثورة التي أطاحت بالرئيس المصري حسني مبارك. وبالإضافة إلى الاحتجاجات المتقطعة يكافح اليمن أيضا للقضاء على حركة انفصالية في الجنوب وتدعيم وقف هش لإطلاق النار مع المتمردين الشيعة في الشمال فضلا عن نشاط مكثف لتنظيم القاعدة وكل هذا على خلفية فقر مزمن وذكرت منظمة «هيومان رايتس ووتش» أن السلطات اليمنية اعتقلت ليلة أول من أمس ما لا يقل عن عشرة أشخاص بعدما احتفل محتجون مناهضون للحكومة بسقوط مبارك. وقالت المنظمة إن الاحتفالات تحولت لمصادمات حين هاجم مئات من الرجال مسلحين بالمدى والعصي والبنادق محتجين فيما وقفت قوات الأمن على مقربة دون أن تتدخل. وأقام الحزب الحاكم في اليمن خياما في ميدان التحرير بوسط العاصمة صنعاء الأسبوع الماضي لشغل المكان ومنع الناس من التجمع بأعداد كبيرة. ووزع مسؤولون بالحزب مبالغ صغيرة من النقود لمكافأة المتظاهرين المؤيدين للحكومة.

وفي موضوع ذي علاقة أكدت المعارضة البرلمانية اليمنية أمس الأحد موافقتها على استئناف الحوار مع الحزب الحاكم بموجب مبادرة الرئيس علي عبد الله صالح التي تضمنت خصوصا إلغاء التعديلات الدستورية وتأجيل الانتخابات. وأكدت أحزاب اللقاء المشترك (المعارضة) في بيان أنها «لا ترفض ما ورد في خطاب رئيس الجمهورية (...) في الثاني من فبراير (شباط) والذي دعا فيه المعارضة لاستئناف الحوار مؤكدا خصوصا عزمه على عدم الترشح لولاية جديدة أو توريث الحكم». كما ذكرت المعارضة بأنها تلقت موافقة الحزب الحاكم أن يتم استئناف الحوار من حيث توقف. وقالت أحزاب اللقاء المشترك في بيانها إنها وشركاءها «جاهزون وعلى أتم الاستعداد للتوقيع خلال هذا الأسبوع على محضر يحدد أطر وخطوات السير بعملية الحوار الوطني الشامل حتى بلوغه الأهداف المرجوة منه» مشيرة إلى أن صالح هو من أوقف الحوار في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وأكد البيان أن أحزاب اللقاء المشترك تقترح مسودة لـ«ما ينبغي أن يتضمنه المحضر» وذلك منعا «لتضييع الوقت». ومن البنود التي شملتها المسودة «استكمال لجنة التواصل مع الحراك السلمي» الجنوبي لإشراك الحراك في الحوار وكذلك تأمين مشاركة المتمردين الحوثيين في الشمال و«معارضة الخارج». وتشير المسودة أيضا إلى أنه يجب أن تقوم «حكومة وفاق وطن» بإعادة طرح التعديلات الدستورية «التي سيتم التوافق عليها» على مجلس النواب إضافة إلى إعادة طرح قانون الانتخابات. وكان مجلس النواب اليمني أقر في 11 ديسمبر (كانون الأول) بغالبيته الواسعة الموالية لحزب الرئيس علي عبد الله صالح تعديل قانون الانتخابات تمهيدا لإجرائها في أبريل (نيسان) المقبل وذلك على الرغم من رفض المعارضة البرلمانية التي قالت إن الخطوة تشكل انقلابا على الاتفاقات معها. ورأت المعارضة أن صالح يمكنه أن يثبث «الجدية والمسؤولية» من خلال تنحية «كل الأبناء والإخوان وأبناء الإخوان والأقارب حتى الدرجة الرابعة من مواقعهم القيادية سواء في القوات المسلحة أو أجهزة الأمن أو في الحكومة والمجالس المحلية والخدمة المدنية». ويشهد اليمن منذ أسابيع مظاهرات مناهضة لصالح ومطالبة بالتغيير الديمقراطي. وأصيبت متظاهرة بجروح أمس الأحد في صنعاء أثناء قيام الشرطة اليمنية بتفريق مظاهرة طلابية مطالبة بإسقاط النظام فيما تم اعتقال نحو عشرة متظاهرين كما أفاد شهود عيان لوكالة الصحافة الفرنسية. وكان آلاف الشبان اليمنيين قد تظاهروا أول من أمس السبت في وسط صنعاء مطالبين بتنحي الرئيس علي عبد الله صالح.