مصر: عودة السير إلى «ميدان التحرير» والجيش يجبر المعتصمين على إزالة خيامهم

المتحدث الرسمي للحكومة: لم نطلب تجميد أموال مبارك في الخارج لكن سنفعل إذا دعت الحاجة > رئيس حكومة تسيير الأعمال: «ما أعرفه أن الرئيس السابق في شرم الشيخ»

رئيس الوزراء المصري، أحمد شفيق، وعن يمينه وزير الداخلية الجديد، اللواء محمود وجدي، وعن يساره وزير المالية، سمير رضوان، في المؤتمر الصحافي، أمس (إ.ب.أ)
TT

فيما عادت الحركة المرورية إلى «ميدان التحرير» الذي صار رمزا لما بات يعرف بـ«ثورة 25 يناير» في مصر، بعد 20 يوما اعتصم خلالها المحتجون في الميدان الذي حاصره الجيش لحماية المتظاهرين الذين تعرضوا لاعتداءات على يد بطلجية ومناصرين لنظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك الذي تخلى عن حكم البلاد قبل يومين تحت الضغط الشعبي، قال الفريق أحمد شفيق رئيس حكومة تسيير الأعمال إن الرئيس المصري لا يزال في شرم الشيخ «بحسب ما يعرف»، ونفى المتحدث الرسمي باسم الحكومة أن تكون مصر قد طلبت تجميد أموال مبارك في الخارج مؤكدا أنها سوف تفعل إذا دعت الحاجة إلى ذلك.

وحاولت عناصر من قوات الشرطة العسكرية التابعة للجيش المصري إخلاء الميدان بالقوة بعد أن رفض محتجون التخلي عن مواقعهم في الميدان مطالبين بالاستجابة الفورية لباقي مطالب الثورة التي حققت نجاحها الأول بتخلي مبارك عن الحكم، بحسب اعتقادهم.

وأزالت عناصر الجيش الخيام التي نصبها المعتصمون بالميدان، وقال أحمد إبراهيم قائد الشرطة العسكرية للمحتجين إنه «لم يعد مرغوبا في وجودهم في الميدان بعد أن تحققت مطالبهم»، وحاول إقناعهم بالتخلي عن فكرة استمرار الاعتصام.

ووسط انقسام داخل صفوف من بقي في الميدان من محتجين، رفع الجيش الحواجز التي أغلقت الميدان خلال الأيام الماضية، وعادت الحركة المرورية إلى الشارع وسط زحام متظاهرين تدفقوا من جديد في محاولة لاستعادة السيطرة على الميدان، مرددين هتاف «الشعب والجيش إيد واحدة»، وهو الشعار نفسه الذي استقبل به المتظاهرون الجيش المصري يوم 28 يناير (كانون الثاني) حين تم استدعاؤه لمعاونة الشرطة في حفظ أمن البلاد. لكن عناصر الجيش حاصرت المحتجين المصممين على استمرار الاعتصام بعيدا عن نهر الطريق.

من جهة اخرى دعت جماعة الإخوان المسلمين شباب الجماعة إلى العودة لمنازلهم وأعمالهم، وفض الاعتصام بميدان التحرير، من أجل منح المجلس الأعلى للقوات المسلحة فرصة لدراسة الموقف، وإعادة الحياة إلى طبيعتها في البلاد.

وأكد الدكتور سعد الكتاتني، المتحدث الإعلامي باسم الجماعة، أنهم أعطوا تعليمات لشباب «الإخوان» منذ مساء أول من أمس، بمغادرة ميدان التحرير، وفض الاعتصام فور انتهاء أعمال تنظيف الميدان، وإعادته لحالته السابقة، بل وتجميله.

وأوضح الكتاتني أن الجماعة مع فض الاعتصام حاليا، وإعطاء فرصة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة لتنفيذ ما وعد به من إجراءات، وكذلك إعطاء فرصة لعودة الحياة لطبيعتها وعودة المواطنين لأعمالهم، مضيفا أنهم أيضا لا يؤيدون الاعتصام الرمزي الذي طالب به البعض، مشيرا إلى أنه قد تكون هناك دعوات فردية من الموجودين في الميدان للاستمرار.

وقال شهود عيان إن عناصر من الجيش اعتقلت عشرات من المتظاهرين الذين شكلوا لجانا شعبية لحماية الميدان من دخول عناصر من الشرطة المصرية أو مثيري الشغب، ولم يتسنى لـ«الشرق الأوسط» التأكد من هذه المعلومات من مصدر رسمي.

وكان عدد من القوى السياسية الرئيسية المنظمة للاحتجاجات التي اندلعت في مصر منذ يوم 25 يناير قد أعلنت تعليق الاعتصام لإفساح الطريق للمجلس الأعلى للقوات المسلحة لاتخاذ الإجراءات الضرورية لإعادة تسيير البلاد ودراسة مطالبهم التي أعلنوها في بيان لهم أول من أمس.

لكن بضعة آلاف من المتظاهرين رفضوا الاستجابة لقرار تعليق الاعتصام، وقال أحد المتظاهرين بالميدان ويدعى سامح خيري إنه لن يغادر الميدان حتى يتم الاستجابة الكاملة للمطالب المعلنة وأولها تشكيل مجلس رئاسي مدني، معربا عن خشيته من عودة من سماهم «العسكر» إلى حكم البلاد.

فيما رأى آخرون أنه من الخطأ الضغط على الجيش والبقاء في الشارع، وقال عبد الناصر سمير أحد المعتصمين بالميدان إنه من الضروري العودة إلى الحياة الطبيعية حتى نرى الإجراءات التي سوف تتخذها قيادة الجيش في الأيام القادمة، مضيفا أن الشعب المصري أصبح يعرف الطريق جيدا إلى الميدان (في إشارة لإمكانية مواصلة الاحتجاجات إذا تأخرت إجراءات المجلس الأعلى للقوات المسلحة في الاستجابة لمطالب الجماهير).

وغير بعيد عن ميدان التحرير التأم مجلس الوزراء المصري المكلف بتسيير الأعمال في مقره الرسمي بشارع قصر العيني بعد تعليق العمل به لثلاثة أيام حيث حاصره المحتجون.

وقال الفريق أحمد شفيق، القائم بتسيير أعمال الحكومة، في مؤتمر صحافي أمس، إنه يتم التعامل مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة بحكم خطاب تنحي الرئيس، مؤكدا على أن الأمور تسير في إطار طبيعي ومستقر، وأنه يتم رفع كافة التطورات للمجلس كما كان يتم رفعها من قبل لرئيس الجمهورية، وأنه لا يوجد تغير في الشكل أو المنهج أو أسلوب العمل.

وأشار شفيق إلى أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة سيحدد مصير اللواء عمر سليمان الذي عينه الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك نائبا له، وفوضه وفق الدستور باختصاصات رئيس الجمهورية، قبل أن يعلن سليمان تخلي الرئيس عن السلطة.

وأعرب شفيق عن اعتقاده أن مبارك لا يزال في مدينة شرم الشيخ قائلا: «إن ما يعرفه هو أن الرئيس السابق ما زال في شرم الشيخ»، فيما أكد المتحدث باسم مجلس الوزراء أن مصر لم تطلب تجميد أموال مبارك في الخارج لكنها ستفعل ذلك إذا دعت الحاجة.

وطمأن شفيق المواطنين بشأن الوضع الاقتصادي في البلاد ووصفه بـ«الصلب والمتماسك»، مؤكدا توفر مخزون كاف من السلع الأساسية، مشيرا إلى أن تأخرها في بعض الأحيان يعود لعدم انتظام الحركة المرورية في البلاد.

وقال شفيق إن أولوية حكومة تسيير الأعمال إعادة الأمن إلى المواطنين وتيسير سبل الحياة وتوفير الضرورات الحياتية كالخبز والدواء، وعودة الانتظام في مختلف مؤسسات الدولة.

وقلل شفيق من أهمية عدم تسمية عدد من الوزراء، مشيرا إلى أن تلك الوزارات تعمل بصورة طبيعية. ولم يسم شفيق الذي شكل حكومته بقرار من الرئيس مبارك قبل تخليه عن الحكم وزيري التعليم والسياحة، كما لم يعلن تسمية وزيري الثقافة والإعلام بعد أن قدم كل من الدكتور جابر عصفور وزير الثقافة وأنس الفقي وزير الإعلام استقالتهما من الحكومة.

وأشار شفيق إلى أن الفقي (وزير الإعلام) الذي واجه انتقادات عنيفة بشأن التغطية الإعلامية الرسمية للمظاهرات التي عمت البلاد، تقدم باستقالته منذ 3 أيام ولم يكن الوقت متاحا للنظر فيها، مؤكدا أنه وافق عليها لكن الوقت لم يكن متاحا لدى القيادات الأعلى للنظر فيها، مضيفا أنه تم إبلاغه بقبول استقالة الفقي مساء أول من أمس.