حمى التغيير في مصر تصيب المؤسسات.. وآلاف العاملين يطالبون بمواكبة «الثورة» وزيادة الأجور

إضرابات ومظاهرات وبيانات احتجاجية في أجهزة الشرطة والبنوك والصحف والنقابات

أمناء وجنود الشرطة يتظاهرون، أمس (رويترز)
TT

أصابت حمى التغيير في مصر الكثير من المؤسسات التي يطالب العاملون فيها بتغيير مسؤوليها، مع ظهور إضرابات ومظاهرات وبيانات احتجاجية يطالب من خلالها آلاف العاملين بمواكبة «الثورة» وزيادة الأجور، في أجهزة الشرطة والبنوك والصحف والنقابات في القاهرة وعدة محافظات أمس.

ففي وسط القاهرة أضرب العشرات من العاملين في هيئة النقل العام عن العمل ونظموا وقفة احتجاجية أمام مقر الهيئة بمنطقة المظلات للمطالبة بزيادة رواتبهم، منتقدين قيام هيئة النقل العام بتحميل قيمة المخالفات المرورية على السائقين والتي تصل المخالفة الواحدة منها إلى 3 آلاف جنيه تخصم قيمتها من رواتبهم الشهرية التي لا تتجاوز 500 جنيه، وهددوا بالدخول في إضراب مفتوح في حال عدم تلبية مطالبهم، وقد تسبب إضراب العاملين في تعطل حركة النقل صباح أمس وتكدس أعداد كبيرة من المواطنين على أرصفة المحطات، في حين لم تستطع أتوبيسات النقل الخاصة في استيعاب تلك الأعداد الكبيرة من المواطنين الذين يريدون الذهاب إلى أعمالهم.

وشهدت الهيئات والمؤسسات الحكومية وقفات احتجاجية كثيرة منها مجلس الشعب ووزارات البترول والداخلية والبيئة والكهرباء والري والبنوك المصرية والصحف المصرية الحكومية. ففي مجلس الشعب (الغرفة الأولى للبرلمان المصري) تظاهر عشرات العاملين والموظفين للمطالبة بتعيينهم بعقود دائمة. وأمام مقر وزارة الداخلية تظاهر الآلاف من أمناء الشرطة للمطالبة بزيادة الرواتب والحوافز وإلغاء المحاكمات العسكرية العشوائية والعلاج في مستشفيات الشرطة، بدلا من التأمين الصحي أسوة بالضباط، كما نظم عدد كبير من ضباط مديرية أمن الجيزة وقفة احتجاجية أمام قسم شرطة الدقي للمطالبة بعودة الدولة المدنية.

وأمام مقر وزارة التربية والتعليم بالعاصمة تظاهر المئات من الموظفين اعتراضا على عدم منحهم ما سموه بضمانات كافية لتثبيتهم. وأوضح الموظفون أن بعض الجهات الحكومية بدأت بالفعل تعيين العاملين بالعقود المؤقتة. وأكدوا لـ«الشرق الأوسط» أنهم سيرفضون أي «مسكنات» تقدم لهم ولن يتوقفوا عن الاحتجاج حتى يوقعوا أوراق التثبيت، وهددوا بالاعتصام في حالة عدم تحقيق مطالبهم.

وواصل مئات العمال والموظفين في وزارتي البيئة والري تظاهرهم، مطالبين بالعدالة في توزيع الأجور ودعم صندوق التأمين الصحي والاعتماد في المرحلة المقبلة على أهل الخبرة من داخل الوزارتين.

كما واصل العشرات من المواطنين تجمهرهم أمام مبنى مقر وزارة الكهرباء والطاقة بالعباسية شرق القاهرة، مطالبين بالتعيين في قطاعات الكهرباء المختلفة وعدم تطبيق سياسة تعيين أبناء العاملين فقط.

وأمام مقر وزارة البترول دخل الآلاف من العاملين بالشركة التجارية للخدمات البترولية «بتروتريد» في إضراب مفتوح وطالبوا بإقالة سامح فهمي، وزير البترول، وعودة جميع العمال المفصولين من العمالة الدائمة والمؤقتة والذين تم إقصاؤهم بسبب مطالبتهم بحقوقهم المشروعة، كما أضرب الآلاف من عمال شركات معدات الغزل والنسيج بحلوان، والشركة المصرية الدولية للصناعات الدوائية «إبيكو للأدوية»، وشركة النصر للإنشاءات «إيجيكو» عن العمل للمطالبة بالمكافآت والترقيات المتأخرة.

كما اجتاحت الاحتجاجات والإضرابات مختلف البنوك وتباينت مطالب العاملين ما بين المطالبة برفع الأجور أو الشكوى من الإدارة أو المطالبة بالعودة لملكية الدولة. فأمام البنك الأهلي المصري تظاهر 500 من موظفي الفرع الرئيسي ضد طارق عامر، رئيس البنك، واتهموه بأنه تلقى منحة أوروبية لتدريب العاملين وتنمية مهاراتهم إلا أنه استولى عليها.

أما موظفو بنك الإسكندرية فدخلوا في إضراب شامل، واحتشد الآلاف منهم أمام الفرع الرئيسي بشارع قصر النيل، مؤكدين أن بيع البنك باطل، وطالبوا بعودته إلى الدولة وتحقيق العدالة الاجتماعية.

وفي بنك القاهرة تظاهر العشرات ضد جيش المستشارين الذين يتقاضى كل منهم عشرات الآلاف من الجنيهات وكلهم من المحسوبين على لجنة السياسات بالحزب الوطني ورئيسها السابق جمال مبارك.

كما نظم العاملون بالبنك الرئيسي للتنمية والائتمان وقفة احتجاجية أمام مقر البنك بشارع قصر العيني، مطالبين بتغيير قيادات البنك والمستشارين وإعطاء فرصة للشباب لتولى المناصب القيادية وتثبيت العمالة المؤقتة وتحسين أجور جميع العاملين بالبنك وفروعه بالمحافظات.

كذلك نظم 450 عاملا بالمصرف المتحد وقفة احتجاجية أمام المقر الرئيسي بالدقي للمطالبة بالمساواة في الرواتب بين المعينين الجدد والقادمين من البنوك الأخرى. وهدد الموظفون بغلق جميع فروع البنك بدءا من اليوم (الاثنين) في حالة عدم الاستجابة لمطالبهم.

أما في بنك مصر فقد نظم المئات وقفة احتجاجية أمام فرع البنك الرئيسي بشارع محمد فريد بوسط القاهرة للمطالبة بتثبيت العقود المؤقتة التي يزيد عددها على 4000 عامل وإداري، ورفع الجزاءات والفصل التعسفي وضمان التأمين الصحي وصرف الأرباح السنوية والحوافز الشهرية. كما اعتصم المئات من العاملين بشركة مصر للتأمين أمام مقر الشركة بوسط القاهرة منتقدين موقفها من تعيين عدد من المستشارين بعد خروجهم للمعاش بمرتبات خيالية.

وقرر الكثير من الصحافيين والإداريين والعمال بمؤسسة «دار التحرير» الاعتصام أمام مبنى المؤسسة وطالبوا بمحاسبة قيادات المؤسسة ورؤساء التحرير وتغيير شكل ملكية المؤسسات القومية في مصر بحيث يمتلك العاملون بها نسبة 51 في المائة من الأسهم على أن تطرح النسبة الباقية من الأسهم للبورصة. ودخل 48 صحافيا في جريدة «المسائية» اليومية في اعتصام مفتوح للمطالبة بتعيينهم أسوة بزملائهم بمختلف الإصدارات التابعة لمؤسسة «أخبار اليوم» والتي تصدر عنها الجريدة.

وفي مؤسسة «روز اليوسف» استمر عدد من الصحافيين في اعتصامهم للمطالبة بإصلاح المؤسسة وتصحيح مسارها المهني ليتواكب مع ما وصفه المعتصمون بـ«المرحلة الجديدة».

وفي مجلة «أكتوبر» دعا عدد من صحافييها المجلس الأعلى للقوات المسلحة لإقالة رئيس تحريرها بوصفه جزءا من النظام السابق، وتشكيل مجلس تحرير جديد لوضع سياسة المجلة وإدارتها كي «تعكس نبض الجماهير ومطالب التغيير».

وفي وكالة «أنباء الشرق الأوسط» الحكومية الرسمية استمر أيضا نحو 500 من الصحافيين والعاملين في اعتصامهم، وبدأوا حملة توقيعات للمطالبة بسحب الثقة من رئيس مجلس الإدارة، وشدد بيان أصدره عاملون في الوكالة على ضرورة تشكيل لجنة من قدامى العاملين بالوكالة لإعادة رسم السياسة التحريرية لها بما يتناسب مع المرحلة الجديدة التي تعيشها مصر.

وفي نقابة المحامين بدأت حركة «محامي 25 يناير» التي تبنى أعضاؤها مطالب الثورة، إضافة إلى «جبهة الدفاع عن استقلال النقابة» حملة توقيعات لعقد جمعية عمومية لسحب الثقة من النقيب الحالي حمدي خليفة ومجلس النقابة الحالي. وهدد المحامون الذين اعتصم عدد منهم بمقر النقابة منذ أول من أمس (السبت) بمنع خليفة من دخول النقابة، وكذلك منع أعضاء مجلس النقابة المنتمين للحزب الوطني من الدخول.

وفي نقابة المهندسين التي خضعت للحراسة القضائية لنحو 15 عاما، أعلن المهندسون إسقاط الحراسة القضائية، وبدء آخر مجلس منتخب للنقابة والذي تم حله عقب فرض الحراسة القضائية بتسيير أعمال النقابة إلى حين انتخاب مجلس جديد.

وتعقد نقابة الصحافيين اليوم (الاثنين) جمعية عمومية طارئة لأعضائها البالغ عددهم أكثر من 6 آلاف عضو لمناقشة التطورات الناتجة عن ثورة 25 يناير (كانون الثاني). وفي نادي قضاة مصر بدأ عدد من القضاة حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيس النادي المستشار أحمد الزند والمجلس الحالي، والدعوة إلى انتخابات جديدة.