بغداد تؤجل صفقة طائرات لدعم البطاقة التموينية والصدر يدعو لـ«مظاهرات مليونية»

بارزاني يعد مجددا بمكافحة الفساد.. والمعارضة تهدد: التغيير قادم في غياب الإصلاح

عراقيات يحملن لافتات تندد بالفساد خلال مظاهرة في «عيد الحب» ببغداد، أمس (أ.ف.ب)
TT

قررت الحكومة العراقية أمس إحالة مبلغ 900 مليون دولار كان مخصصا في ميزانية العام الحالي لشراء طائرات «إف-16» الأميركية إلى تخصيصات دعم البطاقة التموينية وشبكة الحماية الاجتماعية.

وقال المتحدث باسم الحكومة العراقية علي الدباغ، لوكالة الصحافة الفرنسية «لم يعد هناك عقد شراء طائرات! وعقد شراء مقاتلات (إف-16) قد أجل هذا العام وكل الأموال المخصصة له تم تحويلها لدعم البطاقة التموينية». وأكد النائب حمة خليل عضو اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب للوكالة أن «مبلغ 900 مليون دولار كان مخصصا ضمن موازنة العام الحالي لشراء طائرات (إف-16) قد أحيل إلى تخصيصات لدعم البطاقة التموينية وشبكة الحماية الاجتماعية». وأضاف النائب خليل، وهو من كتلة «التحالف الكردستاني»، أن «العجز في الموازنة هو السبب في إحالة التخصيصات لدعم البطاقة التموينية». وذكر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أن 6 ملايين عائلة تتسلم شهريا البطاقة التموينية.

وعلى صعيد آخر ذي صلة، دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أتباعه إلى تنظيم مظاهرات مليونية. ودعا الصدر في بيان له صدر عن مكتبه في النجف وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه إلى ضرورة الحرص «على أن تكون كل أفعالكم ومطالباتكم بحقوقكم سلمية وموحدة لعكس صورة ناصعة بيضاء لا يشوبها أذى أو سوء». واعتبر الصدر أن «الحكومة وإن رضيت بمطالب الشعب فإنها غير قادرة على تطبيقها، لأسباب منها وجود المحتل والفساد وضعف الحكومة». واختتم الصدر بيانه بالقول «لا بأس من جعل موعد محدد لتلك المظاهرة التي يجب أن تكون مليونية ولو لفترة معتد بها حتى تكون حافزا للحكومة على تقديم الخدمات»، مضيفا «طبعا إذا أجمعتم على ذلك وكانت هناك مشيئة للتظاهر». وكان قد تظاهر أمس وسط ساحة التحرير في قلب بغداد مئات الشباب للمطالبة بإقالة أمين بغداد وتوفير الخدمات وفرص العمل، فضلا عن القضاء على الفساد. وبينما نفت قيادة عمليات بغداد أن تكون قد جرت أي مناوشات مسلحة بين متظاهرين في حي الصالحية القريب من المنطقة الخضراء كانوا ينوون الاعتصام أمامها مطالبين بعدم إخلائها، أطلق أكثر من 200 شاب من أهالي بغداد على أنفسهم «شباب 14 فبراير» وهم يؤلفون 4 مجموعات على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» نظموا مظاهرة في ساحة التحرير. ورفع المتظاهرون شعارات ولافتات طالبوا فيها بالقضاء على الفساد ومعاقبة المسؤولين المفسدين وتوفير الخدمات وفرص العمل والقضاء على البطالة.

من جهة أخرى، وفي إطار مشاوراته المكثفة التي بدأها منذ نحو أسبوعين مع الفعاليات السياسية والشعبية لمواجهة ظاهرة الفساد المستشري في كردستان، التقى رئيس الإقليم مسعود بارزاني عددا كبيرا من التجار والكسبة والحرفيين في أسواق أربيل للاستماع إلى مشكلاتهم ومطالبهم وآرائهم في كيفية مواجهة تلك الظاهرة.. وقال بارزاني «لقد دعوتكم اليوم لأستمع إليكم عن قرب وأتعرف على مشكلاتكم ومطالبكم، لأنكم تمثلون الشريحة الأوسع من المجتمع الكردستاني، وأريد أن أتأكد إن كنتم راضين عن الوضع الراهن أم لا، ولنبحث معا عن إصلاح هذا الوضع بما يخدم الطبقات الفقيرة والكادحة». وفتح بارزاني أبواب الحوار أمام الحاضرين الذين تحدث بعضهم عن المشكلات التي تعترض حياتهم اليومية، وطرحوا آراءهم حول أداء الحكومة الذي لم يكن بالمستوى المطلوب، ثم تحدث بارزاني قائلا «من خلال استماعي إليكم تبين لي أن المشكلة الأساسية في هذا الإقليم هي افتقاد العدالة في جميع المجالات الحياتية، وأود أن أقول لكم بصراحة تامة إنني في الوقت الذي أفتخر فيه بخدمتي ونضالي في صفوف البيشمركة من أجل تحرير وطني وشعبي، لم أتطلع يوما ما إلى منصب الرئاسة، وبطبعي كنت قريبا من الفقراء ونصيرا لهم، ولذلك لست شريكا لأي شخص أو مع أي شركة، فطوال رئاستي كنت منهمكا في الأعمال وإنجاز مهام تتعلق بمصير شعبي، وكان يفترض بحكومة الإقليم أن تنظر وتراعي مطالب ومصالح الشعب.. فلن أقبل أن يظلم أي مواطن في هذا الإقليم، هناك بعض الناس متعطشون للسلطة، ولكني لست منهم». وحول مظاهر الفساد، قال بارزاني «نحن نعترف بوجود الفساد، ولكن هناك الكثير من المبالغة في هذا المجال، هناك من يستورد الأدوية والمواد الغذائية الفاسدة والمنتهية الصلاحية، ولكن لماذا لا تحاسبهم الحكومة عند الكشف عن هذه التجاوزات؟ لماذا لا تتخذ الحكومة إجراءات قاسية ضد التجار الذين يقدمون على هذا العمل وتنشر صورهم في وسائل الإعلام لفضحهم؟ فهذه خيانة كبرى، ويجب ألا نسمح لبعض التجار بأن يمتصوا دماءنا».

وغادر بارزاني في وقت لاحق، أمس، إلى أوروبا في جولة رسمية يعتقد أن إيطاليا ستكون محطتها الرئيسية، حسبما أكد لـ«الشرق الأوسط» فؤاد حسين رئيس ديوان رئاسة إقليم كردستان.

إلى ذلك، تستعد فعاليات شعبية لتنظيم مظاهرة احتجاجية واسعة ضد سلطات الإقليم. وأشار بيان أصدرته شبكة الدفاع عن حقوق وحريات المواطن في السليمانية إلى أن الشبكة ستنظم «مظاهرة احتجاجية ضد السلطة كإجراء استباقي لدفعها إلى الشروع في إجراءات فورية لمعالجة الفساد وتلبية المطالب الشعبية». وأضاف البيان «نود أن نوجه تحذيرا باسم أحرار كردستان إلى السلطة بضرورة الإسراع كلما أمكن ذلك لإجراء الإصلاحات الجذرية في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. وإلا فإن عاصفة الغضب ستهب على كردستان كما هبت من قبل على تونس ومصر».

بدوره، أكد رئيس حركة التغيير المعارضة نوشيروان مصطفى في لقاء أجرته معه فضائية «KNN» التابعة للحركة مساء أول من أمس «أن مطالب الشعب الكردستاني تجاوزت حدود المطالب الخدمية»، وقال «إن حركة التغيير تصر على تنفيذ المطالب الواردة ببيانها وهو بيان كان الهدف من إصداره هو إبلاغ السلطة بتراكم الفساد وانعدام العدالة والتضييق على الحريات، وإذا لم تبادر السلطة فورا بإجراء الإصلاحات المطلوبة فعليها أن تستعد لهبوب عاصفة التغيير».