غل من طهران: على الحكومات في الشرق الأوسط أن تأخذ رغبات شعوبها في الاعتبار

أحمدي نجاد يشكر تركيا على موقفها من برنامج بلاده النووي ويدعو إلى تشكيل قطب سياسي واقتصادي * أمانو: إيران تخصب اليورانيوم بشكل ثابت

الرئيسان الإيراني محمود أحمدي نجاد والتركي عبد الله غل لدى استعراض حرس الشرف في طهران أمس (أ.ف.ب)
TT

في أول زيارة رسمية له إلى طهران، دعا الرئيس التركي عبد الله غل الحكومات في الشرق الأوسط إلى الاستماع لمطالب شعوبها، وذلك في إشارة إلى ثورتي الياسمين في تونس، و25 يناير في مصر. ومن المفارقة أن تصريحاته جاءت في وقت كانت فيه الشرطة الإيرانية تواجه بالغازات المسيلة للدموع والهراوات مئات المتظاهرين المعارضين لحكومة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في شوارع طهران في مظاهرة كان قادة المعارضة في البلاد قد دعوا إليها في وقت سابق للمطالبة بإجراء إصلاحات. أما الرئيس الإيراني، فقد فضل التحدث خلال المؤتمر الصحافي الذي جمعه بنظيره التركي عن تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية بين البلدين الجارين.

وتحدث الرئيسان خلال المؤتمر الصحافي المشترك عن العلاقات الوثيقة بين بلديهما، لكن غل علق على تنامي حالة الاستياء الشعبي في الشرق الأوسط، وقال ردا على سؤال حول الوضع في الشرق الأوسط: «أرى أنه يجب أن لا ننظر بأي حال إلى ما يحدث على أنه مفاجأة. ففي عصر الاتصالات هذا وفي عصر يعرف فيه الجميع كل شيء بعضهم عن بعض، تكون مطالب الشعوب ورغباتهم واقعية جدا».

وعبرت تركيا طوال الأزمة في مصر عن تعاطفها مع الشعب المصري. وأثنت إيران على الأحداث في مصر ووصفتها بأنها انتصار شعبي.

وأضاف غل، الذي كان وصل إلى طهران مساء أول من أمس في أول زيارة رسمية لرئيس تركي لإيران من 9 أعوام، دون أن يذكر الدول التي يقصدها: «يجب أن تؤخذ رغبات الشعب في الاعتبار. وفي هذا الصدد يجب أن تجرى إصلاحات أساسية سواء كانت اقتصادية أم سياسية».

وتوطدت علاقات تركيا مع جارتها إيران في السنوات القليلة الماضية مع تشديد العقوبات على طهران في إطار جهود تقودها الولايات المتحدة لحملها على وقف برنامجها النووي الذي تؤكد الجمهورية الإسلامية أن أهدافه سلمية.

ورغم تعليقات غل السياسية، فإن زيارته تحمل بالفعل بعدا اقتصاديا كبيرا، فقد وصل إلى طهران على رأس وفد ضخم يتألف من 250 شخصية أغلبهم من رجال الأعمال وأعضاء البرلمان ومسؤولين كبار في الدولة بينهم وزير الخارجية أحمد داود أوغلو.

وأكد أحمدي نجاد أنه لا يرى عوائق تمنع إيران وتركيا من تحقيق هدفهما في أن تصل التجارة الثنائية بينهما إلى 30 مليار دولار في غضون خمس سنوات، مشيرا إلى أن «هذا التعاون (...) سيحول سريعا منطقتنا إلى قطب سياسي واقتصادي وثقافي مؤثر، وهذا يصب في مصلحة السلام والاستقرار» في المنطقة.

من جانبه، شدد المسؤول التركي على أنه «لا عقبات أمام تطوير التعاون بين البلدين»، وأضاف: «لقد أجرينا محادثات مفصلة وتم بحث القضايا المشتركة الرئيسية واتخذت قرارات مهمة»، وأوضح: «لقد قررنا إصدار أوامر لرفع العقبات» أمام تعزيز التعاون الإيراني - التركي، التي تم كشفها خلال هذه المباحثات، من دون أن يعطي إيضاحات.

وكان قد أعلن قبل بدء الزيارة أن على البلدين أيضا توقيع «اتفاق تعريفة تفضيلية» لإعطاء دفع لهذه المبادلات. وخلال المؤتمر الصحافي الذي نقله التلفزيون الإيراني، شكر أحمدي نجاد «الرئيس الرئيسان الإيراني محمود أحمدي نجاد والتركي عبد الله غل لدى استعراض حرس الشرف في طهران أمس (أ.ف.ب) التركي على موقف تركيا من حقوق إيران النووية».

وكانت أنقرة دافعت عن إيران في مفاوضاتها الصعبة مع الدول العظمى حول برنامجها النووي المثير للجدل من خلال لعب دور الوسيط بين الجانبين.

وأكدت تركيا مؤخرا أنها لن تطبق العقوبات الاقتصادية الأميركية المفروضة على طهران وأنها ستحترم فقط العقوبات التي قررها مجلس الأمن الدولي.

واستضافت تركيا في يناير (كانون الثاني) في إسطنبول جولة ثانية من المباحثات بين الجانبين التي أعيد تحريكها في جنيف في ديسمبر (كانون الأول) بعد تعطيل دام 16 شهرا. وانتهت هذه المباحثات من دون أي نتيجة، لكن أحمدي نجاد اعتبر أنها «نجاح في حد ذاتها».

ولم يتطرق غل خلال تصريحاته في المؤتمر إلى المسألة النووية.

ومن المقرر أن يزور غل أيضا مدينتي تبريز، شمال غربي إيران، وأصفهان.

وفي سياق ذي صلة، أعلن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيو أمانو في مقابلة نشرتها صحيفة «واشنطن بوست» الاثنين أن إيران تنتج اليورانيوم المخصب بشكل «ثابت».

وأعرب أمانو عن مخاوف من أن تكون الجمهورية الإسلامية تسعى لتحقيق أهداف عسكرية من خلال برنامجها النووي. وقال للصحيفة إن «إيران تنتج اليورانيوم المخصب بنسبة 3.5% و20%، وهي تنتجه بشكل ثابت ومتواصل»، حسب ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.

وتخضع إيران بسبب برنامجها النووي لستة قرارات صادرة عن مجلس الأمن الدولي؛ بينها أربعة مرفقة بعقوبات اقتصادية وسياسية! كما فرضت عليها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات من طرف واحد.

وقال أمانو: «نتلقى معلومات من دول عدة ونجمع معلومات من مصادرنا الخاصة، تثير لدينا مخاوف بشأن إمكانية استخدام المواد النووية لأهداف عسكرية؛ في الماضي، وربما الآن أيضا». غير أنه لفت إلى أن وكالة الطاقة لا تملك أي أدلة تثبت أن طهران تعمل على صنع قنبلة نووية، وأضاف: «لسنا واثقين من أنهم يخفون شيئا ما، ليست لدينا أدلة دامغة؛ بل مخاوف».