شيخ الأزهر يطالب اللجنة الدستورية بأن يكون منصبه بالانتخاب ولمدة محددة

المؤيدون طالبوا بعودة هيئة كبار العلماء.. والمعارضون يخشون الفوضى

TT

حالة من الجدل سادت المؤسسات الدينية في مصر عقب تصريحات الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، التي وافق فيها على أن يكون منصب شيخ الأزهر بالانتخاب لا بالتعيين وفق مدة محددة. حيث أيد علماء أزهريون كلام شيخ الأزهر باعتباره أفضل من نظام التعيين، مطالبين بتأسيس هيئة مستقلة لكبار العلماء لاختياره. فيما رفض آخرون كلامه خشية أن تؤدي تجربة الانتخابات إلى الفوضى، وطالبوا بأن يكون اختيار شيخ الأزهر بالأقدمية وليس من قبل النظام.

كان الإمام الأكبر قد أكد أنه «لا يمانع من اختيار شيخ الأزهر عن طريق الانتخابات بدلا من التعيين»، مشيرا إلى أن «ذلك كان مطلبه وكان من ضمن أولوياته عند تعيينه، وكان ينتظر الوقت المناسب لإعلان ذلك».

وأضاف الطيب أنه «في ظل تعطيل الدستور الحالي ووضع دستور جديد للبلاد فإنني سأتقدم بمطلب العودة إلى اختيار شيخ الأزهر بالانتخاب وبضمانات محددة»، مشيرا إلى أنه «سيطلب تحديد فترة ولاية شيخ الأزهر بحيث لا تكون مطلقة، وأن يتم انتخابه بتشكيل هيئة من كبار العلماء والباحثين في الشريعة الإسلامية تتولى ترشيح فئة من أهل العلم والرأي للاختيار من بينهم».

«الشرق الأوسط» أجرت اتصالا بشيخ الأزهر فأكد أنه «لو دعت الحكومة الحالية لانتخاب شيخ الأزهر في صباح اليوم فسوف أكون أول من يؤيدها».

ومن جانبه، اتفق الدكتور عبد الرحمن البر، الأستاذ بجامعة الأزهر عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين، مع ما قاله شيخ الأزهر، قائلا: إن «نظام الانتخاب بشكل عام أفضل في كل الأمور، بشرط أن يكون مؤسسا على قواعد معينة».

وحدد البر هذه القواعد في أن «يكون الاختيار من كبار العلماء وفق سيرهم الذاتية وأبحاثهم العلمية»، مطالبا بـ «تأسيس هيئة لكبار العلماء مستقلة عن الدولة ولا تتبع أي جهة، ويكون لها مواصفات علمية وأخلاقية وتؤسس بشكل صحيح، ويتم وضع ضوابط معينة للانضمام إليها، وأن يفتح الباب أمام جميع العلماء للانضمام إليها حتى لو بلغ عددهم بالآلاف، ويتم من خلال الهيئة اختيار شيخ الأزهر». واتفق البر مع الشيخ الطيب في تحديد مدة محددة لرئاسة الأزهر.

وأيد الدكتور علي نجار، الأستاذ بجامعة الأزهر، الرأي السابق، مطالبا بـ«ضرورة تعديل القانون الخاص بتعيين شيخ الأزهر، وأن يكون بالانتخاب ليضمن استقلاله عن النظام».

وقال نجار إن «الدستور يكفل حق تكافؤ الفرص، ولهذا يجب أن يترك حق اختيار شيخ الأزهر، فلا يعقل أن يكون ممثل الأقلية الدينية منتخبا من قبل المسيحيين، في حين أن ممثل الأغلبية يعين من جانب النظام».

وعلى الجانب الآخر، أكد الدكتور عبد المعطي بيومي عضو مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر الشريف أن «كلا من نظام الانتخاب أو التعيين في الأزهر له عيوبه ومحاسنه، وأن الذي أذهب إليه بعد طول تجربة، أن يكلف أو يعين الأقدم في منصب شيخ الأزهر من الحاصلين على درجة الأستاذية بالجامعة»، مشيرا إلى أن «الأقدمية في الأزهر لن يحدث عليها أي خلاف، لكن نظام الانتخاب له سلبيات كثيرة، لأن الحيل الانتخابية والممارسات التي تشهدها الانتخابات قد تجعل شيوخ الأزهر يسلكون عددا من الدهاليز الغامضة التي تتبع في ذلك».

مضيفا أنه «إذا كانت هناك محاذير حول الأقدمية بدعوى أنه قد يكون الأقدم ليس هو الأصلح، فيمكن التغلب على ذلك بتوجيه النصح له من كبار العلماء ليقللوا من سلبياته». واتفق بيومي مع تحديد مدة محددة لشيخ الأزهر.

فيما تخوف الدكتور عبد الله النجار عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر من مسألة الانتخاب، بقوله: «أربأ على منصب شيخ الأزهر لو تم بالانتخاب، لأنه سوف يحوله إلى منصب يتنافس عليه الكثيرون مما يفتح المجال أمام منافسات شتى، وهذا ما قد يحدث كثيرا من الفوضى».

وأضاف النجار أن «طريقة اختيار شيخ الأزهر بالتعيين أو بالانتخاب لا تهم، والمهم هو اختيار من يمثل الأزهر، لأن منصب شيخ الأزهر منصب إسلامي عالمي يحمل معاني العلم والروح ويمثل المسلمين». ورفض النجار تحديد مدة معينة لشيخ الأزهر، بقوله: «ما دام لم يقل في عطاء شيخه فعليه الاستمرار».

المخاوف السابقة أبداها الدكتور محمد وهدان، الأستاذ بجامعة الأزهر، واقترح أنه «في حالة تطبيق نظام الانتخاب، فلا بد من زيادة عضوية مجمع البحوث الإسلامية باعتباره يمثل هيئة كبار العلماء في مصر، ليضم شخصيات من الدول العربية والإسلامية خاصة من المملكة العربية السعودية ومن النساء، وأن يتم الاختيار من بينهم فيما تتوافر فيه القدرة العلمية والقدرة على التعامل مع المشاكل العصرية من قيادة المشيخة». يذكر أنه سبق لتيارات دينية في البرلمان المصري في أعوام سابقة أن قدمت اقتراحا يقضي بأن يكون شغل منصب شيخ الأزهر بالانتخاب وليس بالتعيين، وزادت هذه المطالب عقب ثورة شباب 25 يناير (كانون الثاني)، وتغير الأوضاع في مصر.

ويحتل الأزهر مكانة رفيعة لدى المسلمين، ليس في مصر فقط، وإنما في العالم الإسلامي كله، وهو أعلى مؤسسة دينية في مصر، وشيخ الأزهر كمنصب بدأ رسميا عام 1101 هجرية، وتولاه حتى الآن 43 عالما، كان أولهم الشيخ محمد بن عبد الله الخراشي، وآخرهم شيخ الأزهر الحالي الدكتور أحمد الطيب.

وبدأ هذا المنصب بالانتخاب حتى جاءت ثورة 23 يوليو (تموز)، وقررت تحجيم دور الأزهر، فسنت تشريعا يحد كثيرا من سلطات شيخه ونفوذه، فتم إلغاء هيئة كبار العلماء التي كانت تتولى تسيير أمور الأزهر وتنتخب شيوخه بعد إقرار القانون 103 لتنظيم الأزهر عام 1961، وحل محلها مجمع البحوث الإسلامية، كما تم إقرار اختيار شيخ الأزهر بالتعيين لا بالانتخاب.