قوى 14 آذار أحيت ذكرى اغتيال الحريري متوعدة بمعارضة مقاومة

جددت تمسكها بالمحكمة الدولية ورفضت الإقرار بالأكثرية الجديدة

TT

لم ترد قوى 14 آذار، وفي ذكرى استشهاد رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، إغلاق الباب نهائيا في وجه الأكثرية الجديدة، فردته بانتظار، وكما قال رئيس حزب الكتائب أمين الجميل، «العودة عن انقلابهم والانخراط في مسار الديمقراطية الصحيحة، والتعاون لتشكيل حكومة إنقاذية للبنان».

وكانت هذه القوى قد أحيت المناسبة وبغير عادتها في قاعة مغلقة في مجمع البيال، حيث تجمهر أكثر من 8 آلاف كادر من كوادر أحزاب قوى 14 آذار، وتخلل الاحتفال بث أفلام وثائقية تحدث فيها أهالي الشهداء عن معاناتهم، تطلعاتهم وتمسكهم بتحقيق العدالة وبالمحكمة الدولية. وافتتح رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات» اللبنانية سمير جعجع المناسبة بكلمة جدد فيها تمسك قوى 14 آذار بالثوابت والمبادئ التي قامت عليها ثورة الأرز، مؤكدا أنه «لا تراجع في الثوابت أو العزيمة بسبب الانقلاب الأسود، الذي قام به ‏ذوو القمصان السود (في إشارة إلى عناصر حزب الله، الذين نزلوا إلى الشارع قبيل الاستشارات النيابية الأخيرة)، والذي أفرز أكثرية وهمية سوداء»، ومشددا على أن «قوى 14 آذار تعلمت من أخطائها، ولن نقع في شراك الفريق الآخر من جديد».

ورأى جعجع أنه «حان الوقت لقيام دولة لبنانية فعلية، بسلطة واحدة، وسلاح واحد، من ‏خلال تطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي، لترسيم حدود لبنان، بشكل واضح ونهائي ولإطلاق المعتقلين والمفقودين في السجون السورية»، مشددا على «أننا لن نستطيع العيش لحظة في سلام وأمان، من دون دولة، فعلية، قوية، في لبنان، وهذه لن تقوم، من دون جمع السلاح، وترسيم الحدود، وإحقاق الحق والعدالة».

وأشار جعجع إلى أن «فريق الرابع عشر من آذار أخطأ عدة مرات، خاصة عندما اعتقد أن سورية أجرت مراجعة شاملة لمواقفها من لبنان»، مؤكدا أنه «إذا كانت ممارسات سلطة الوصاية الأولى أدت إلى ثورة أرز، فمجرد بزوغ ملامح سلطة وصاية ‏ثانية، فإنه سيؤدي إلى «ثورات أرز لا نهاية لها، حتى اقتلاع المرض من أساسه هذه المرة». وقال إن «المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، إنجاز تاريخي لشعب ثورة الأرز»، موضحا أن «الصراع في لبنان ليس بين العيش بسلام، أو العيش باضطراب، بل بين العيش بسلام حقيقي، عميق دائم كريم، ولو بعد حين، والعيش بسلام آني، وهمي، مغشوش، هش مستعار، مستباح في كل لحظة، تبعا للظروف والأحوال». وأضاف: «الصراع يدور حاليا بين لبنان الذي نريد ولبنان الذي يريدون، بين لبنان يوحنا بولس الثاني، ولبنان الخامنئي، بين لبنان البطريرك صفير والمفتي قباني والسيد شمس الدين ولبنان ولاية الفقيه، و‏بين لبنان مروان حمادة ومي شدياق، ولبنان جميل السيد ورستم غزالي».

بدوره، شدد رئيس حزب الكتائب اللبنانية أمين الجميل على أن «قوى 14 آذار تبقى الأكثرية الشعبية والنيابية والديمقراطية والشرعية والاستقلالية»، مشيرا إلى أن «الأكثرية هي التي تنبثق من إرادة الناس الحرة والقادة الأحرار، لا تلك التي تخرج من فوهات البنادق»، مؤكدا أن «من ينقلب على الأكثرية يجدر به أن يمثل أمام الشعب أولا، قبل أن يسهم في تزوير أكثرية مناقضة لثقة الناخبين، فتبييض أصوات الشعب ممنوع، كما تبييض الأموال»، ومعتبرا أن «الأكثرية الجديدة أكثرية مبيضة وتم تبييضها بالبزات السوداء». وقال: «إن يخسر فريق ما السلطة، ليست نهاية العالم، لكن أن يخسر لبنان هويته ودوره ورسالته، فهذا ما لا نرضاه ولا يرضاه اللبنانيون». وأشار إلى أننا «ظاهريا أمام إسقاط حكومة، لكننا، حقيقة، أمام مشهد محاولة إسقاط لبنان». مشددا على أنه «إذا كانت الديمقراطية تملي تداول السلطة، فتداول السلطة لا يسمح بالخروج عن الثوابت الوطنية والمبادئ، وعن مشروع بناء الدولة ومسيرة السيادة والاستقلال».

وتابع الجميل قائلا: «تداول السلطة الأخير ما كان ليحصل لولا سلاح حزب الله. لا يجوز ولا يحق لأي حزب أن يفرض مشيئته وعقيدته وثقافته وهويته وسلاحه وجهاده على سائر اللبنانيين.. لا باسم العدد، ولا باسم القوة، ولا خاصة بالادعاء بحصرية الدفاع عن الوطن. فالدفاع عن الوطن واجب وطني شامل وجامع. ما عدا ذلك، لا الديمقراطية العددية تحلـله ولا الديمقراطية التوافقية تسمح به. لا تقاليدنا وثقافتنا الوطنية تجيزه ولا شرعة حقوق الإنسان تقبل به، ولا حق الشعوب بتقرير مصيرها بنفسها يبيحه».

وأشار الجميل إلى أننا «لا نعيش اليوم الديمقراطية التوافقية أو الديمقراطية الأكثرية، بل شريعة القوة، القوة في الشارع والقوة في المؤسسات والقوة في الحوار، هكذا لا نبني بلدا، هكذا نقسم بلدا، ننهي دولة، نسقط نظاما».

وفي ملف تشكيل الحكومة قال الجميل: «أعطينا للمعنيين بتأليف الحكومة فرصة العودة عن انقلابهم، والانخراط في مسار الديمقراطية الصحيحة، والتعاون لتشكيل حكومة إنقاذية للبنان، حكومة تتخطى حال الانقسام الوطني المتزايد، حكومة ترسي قواعد شراكة حقيقية، تحدد الخيارات الوطنية، وتحصن الكيان اللبناني في وجه المخاطر المحدقة والعواصف الآتية. فإذا نجحت المساعي ننجو معا، أما إذا عاندوا وأخطأوا الحساب، ومضوا في انقلابهم الزاحف، فسيجدون في وجههم معارضة زاحفة، معارضة مفتوحة، معارضة مقاومة. لن نودع الديمقراطية في لبنان بينما هي تدخل الدول العربية الشقيقة».

وتخللت المناسبة كلمة للوزير السابق محمد عبد الحميد بيضون، الذي دعا «الشيعية السياسية لتصحيح أخطائها لأن الوقت لم يفت بعد»، وقال: «يعنيني كثيرا وأنا اللبناني الشيعي الجنوبي أن أقف أمام تجربة الشيعية السياسية. لقد كان الإمام السيد محمد حسين فضل الله يقول (الاختلاف المذهبي لا يجب أن يكون وسيلة لإسقاط الأخوة الإسلامية، وليكن الحوار أساسا لحل المشكلات)، كما كان يقول إن «على الحركات الإسلامية أن لا تتجند في مذهبياتها وإقليميتها»، وهذا يعني أنه إذا أردنا مقاومة يجب أن تكون من كل اللبنانيين. والإمام المغيب السيد موسى الصدر كان يقول «لبنان وطن نهائي لجميع بنيه، أي أنه رفض إعطاء أولوية للمشاريع الآيديولوجية على مشروع بناء الدولة»، وبالتالي كان «يريد أن يزيل الحرب من العقول»، مشيرا إلى أن «الإمام الصدر وضع في ميثاق حركة أمل أنه (ممنوع تصنيف المواطنين)، ولكن مع الأسف الشيعية السياسية تركت الإمام الصدر، واتهموا نصف اللبنانيين بأنهم خونة وعملاء للأميركيين والنصف الآخر اعتبروه مقاومة».

وشدد بيضون على أن الانتقال الذي شهدناه للسلطة لم يكن انتقالا سلسا، بل انقلابا، مذكرا بالفقرة «ي» من الدستور، التي تقول إن «كل حكومة تشكل بعد اليوم بقوة السلاح ليست شرعية»، مطالبا رئيس الجمهورية بألا «يوقع أي مرسوم تحت هذا النوع من الضغوطات، لأن الهدف من الانقلاب أصبح انتقاما شخصيا من سعد الحريري».

وكان اللبنانيون قد أحيوا ذكرى اغتيال الرئيس الحريري وسط إقفال عام للمؤسسات الخاصة والرسمية، فتهافت العشرات إلى ضريح الرئيس الحريري في وسط بيروت حيث قرأوا الفاتحة ووضعوا أكاليل من الزهور، كما جرى تجمع رمزي في مكان الاغتيال، فأضيئت الشعلة الرمزية عند تمام الساعة 12:55 من بعد الظهر، وهي اللحظة التي وقع فيها الانفجار.

وتوافدت الفعاليات السياسية إلى ضريح الرئيس الحريري، وعلى رأسهم نجله رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري ورئيس كتلة المستقبل النيابية فؤاد السنيورة وعدد كبير من النواب والوزراء الذين جددوا تمسكهم بنهج الرئيس الحريري، مستهجنين الحملة التي يتعرض لها ومنذ فترة.

وفي هذا الإطار، استغرب العلامة علي الأمين ما يتم تسويقه عن المرحلة التي كان الرئيس الحريري خلالها في الحكم، معتبرا أنه «لا يتضمن الوفاء لمن ينبغي أن نعبر له عن كل الوفاء»، وأضاف: «كما لا نفهم التنكر لمن أخرج لبنان من طاحونة الحرب التي نساها أصحابها وحملوه أوزارها».

وأشار الأمين ومن أمام ضريح الحريري إلى أن «الرئيس الشهيد عبر حدود المذاهب من أجل بناء الوطن الواحد والمؤسسات والقانون»، مشددا على أن «ما صنعه للبنان سيكمله الشعب عبر مواصلة المسيرة لتحقيق الأهداف كافة».