نص الكلمة التي ألقاها الرئيس سعد الحريري

TT

* في ما يلي نص الكلمة التي ألقاها الرئيس سعد الحريري خلال الاحتفال الذي أقيم في «البيال» بمناسبة الذكرى السادسة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري:

* «في مكتبي صورتان: صورة لوالدي رفيق الحريري الذي استشهد في 14 شباط (فبراير) 2005، وصورة للحشود في ساحة الحرية يوم 14 آذار (مارس) 2005. رفيق الحريري استشهد في مثل هذا اليوم قبل 6 سنوات، لأنه قال لا. قال لا لتسليم لبنان وقرار لبنان ومصير لبنان. قال لا لتغيير حقيقة لبنان. قال لا للنظام الأمني، قال لا للتخلي عن دستور الطائف وعن المناصفة التامة. قال لا لتغيير لبنان العربي، الديمقراطي، الحر، السيد، المستقل. قال لا، فقتلوه، في 14 شباط 2005.

اللبنانيون واللبنانيات، قاموا بما لم يكن في الحسبان. نزلوا بمئات الآلاف، مسيحيين ومسلمين ليقولوا، بدورهم، لا. لا للظلم، لا للقهر، لا للاغتيال، لا للقمع، لا لتغيير وجه لبنان، كما يريده اللبنانيون واللبنانيات، عربيا، ديمقراطيا، حرا، سيّدا، مستقلا، بلدا للحريات العامة والخاصة، لحرية الرأي والتعبير، لحرية العمل السياسي، لحرية العبادة وحرية التجمع وحرية الحياة. قالوا لا للوصاية ولا للنظام الأمني ولا للخوف ولا للجريمة الإرهابية، فانتصروا، في 14 آذار 2005. لهذا السبب، أحتفظ بهاتين الصورتين. صورة والدي الرئيس الشهيد، وصورة حشود ساحة الحرية، وأتأمل فيهما كل يوم، وقبل كل قرار أساسي، وعند كل ساعة حرجة.

لقد دخلت إلى الحياة السياسية يوم استشهد والدي في 14 شباط، وانطلقت معكم ومع كل اللبنانيين واللبنانيات في الحياة الوطنية يوم 14 آذار 2005. هذه هي جذوري الحقيقية، وعن جذوري لن أتخلى. وعندما جاءوا وقالوا لي: انزع هاتين الصورتين وتخل عنهما لكي نسمح لك بالبقاء في رئاسة الحكومة، وتبقى فيها ما أردت، كان جوابي أن هذه هي جذوري، وعن جذوري لن أتخلى. كان جوابي أن رئاسة الحكومة ليست منة من أحد، بل هي تعبير صادق عن إرادة اللبنانيين واللبنانيات، كما أرادوها في صناديق الاقتراع. فزوِّروا إرادة الناخبين ما شئتم، واسرقوا من قرارهم الحر ما أردتم، لكني، أنا سعد رفيق الحريري، هذه هي جذوري، وعن جذوري، لن أتخلى. وها أنا اليوم أمامكم، ومعكم، أعود إلى الجذور، وما أحلى العودة إلى الجذور.

منذ 14 شباط 2005، و14 آذار 2005، كل ما نريده هو الحقيقة، لا السلطة. هو العدالة، لا السلطة. هو الحرية، لا السلطة. هو القانون والدستور والعيش الواحد، لا السلطة. هو السيادة، لا السلطة. هو الاستقلال، لا السلطة. اللبنانيون واللبنانيات الذين احتشدوا في ساحة الحرية، ليسوا ملكا لأحد. لا لتيار المستقبل، ولا لحزب الكتائب، ولا للحزب التقدمي الاشتراكي، ولا للقوات اللبنانية، ولا للتيار الوطني الحر، ولا لأي حزب من الأحزاب. ودماء شهدائنا ليست ملكا لأحد. لا أولياء دم عندنا. دماء رفيق الحريري، وباسل فليحان، وسمير قصير، وجورج حاوي، وجبران تويني، وبيار أمين الجميّل، ووليد عيدو، وأنطوان غانم، وفرانسوا الحاج، ووسام عيد.. وعشرات العشرات الذين سقطوا معهم ليست ملكا لأحد. ودماء مروان حمادة، ومي شدياق، وإلياس المر، وسمير شحادة، ليست ملكا لهم. إنها أمانة لبنان الوطن ومسؤولية اللبنانيين الذين نزلوا بمئات الآلاف إلى ساحات الحرية بعد 14 شباط 2005، يطالبون بالحقيقة والعدالة. هؤلاء اللبنانيون واللبنانيات، ونحن منهم، لا يزالون متمسكين بالحقيقة والعدالة وبالمحكمة الدولية.

واسمحوا لي، هذه المحكمة ليست أميركية ولا فرنسية ولا إسرائيلية، وهي لا تستهدف فريقا أو طائفة. هذه المحكمة تمثل في نظرنا، أعلى درجات العدالة الإنسانية، هذه المحكمة ستنزل القصاص - بإذن الله - فقط، أكرر: فقط، بالقتلة الإرهابيين الذين استهدفوا قافلة من كبارنا على رأسها الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وهذه المحكمة، وفق نظامها الأساسي، ستوجه التهمة إلى أفراد ولن تلقيها جزافا. عليها أن تستند إلى الأدلة والبراهين. وعندها، إذا أراد أحد أن يضع نفسه في خانة المتهمين فهذا خياره، وهذا طريق يختاره بنفسه، أما نحن فسندعم المحكمة وقرارها وحكمها، ولن نقول يوما إن التهمة موجهة إلى طائفة، أو حزب أو فئة.

أيها الأصدقاء، أعلم سلفا أن هناك من يريد أن يأخذ كلامي في اتجاه مواجهة مع طائفة كبرى وشقيقة من طوائف لبنان، نحن لم نكن ولن نكون في يوم من الأيام في معرض مواجهة مع الطائفة الشيعية، أو أي طائفة من طوائف لبنان؛ هذه هي مدرسة رفيق الحريري الوطنية والعربية والإسلامية، مدرسة تعلو فوق الطوائف وفوق الطائفية. الطائفة الشيعية اللبنانية العربية هي مدماك أساسي في البناء اللبناني، وجميع اللبنانيين شركاؤها في بناء الدولة ومواجهة العدو الإسرائيلي. في هوية كل لبناني حقيقي تجتمع كل الطوائف، وأي اتهام لطائفة هو اتهام لكل اللبنانيين، فلا تستمعوا إلى من يقول لكم إن هذه المحكمة موجهة ضد الطائفة الشيعية، بل تبصروا بما يراد فعلا من هذا القول، وإلى أين يقودنا جميعا.

أيها الإخوة والأخوات، كما تعرفون جميعا، قبل 14 شباط 2005 لم أكن في أي موقع سياسي.

كنت واحدا من شباب لبنان أحاول النجاح في عملي وفي عائلتي وأحاول كسب رضا الله ورضا الوالدين في حياتي. دخلت هذا المعترك فجأة ومن دون سابق إنذار، وفي بعض الأحيان أصبت، وفي أحيان أخرى أخطأت، لكنني أعتقد أنني أصبت منذ اللحظة الأولى عندما ناديت بالوحدة الوطنية، ترجمة لقناعتي الأولى، التي أصبحت راسخة بعد 6 سنوات، بأن هذا البلد لا يحكمه أحد بمفرده، لا شخص بمفرده ولا حزب بمفرده ولا طائفة بمفردها، وإذا افترض أي شخص أو حزب أو طائفة اليوم أنه بات بمقدوره أن يحكم بمفرده فليتفضل، وليحاول، لكنه يعيش وهما كبيرا.

أما نحن فمنذ اليوم الأول مددنا اليد، مددنا اليد في ذروة قوتنا قبل انتخابات 2005، ومددنا اليد في ذروة انتصارنا بعد انتخابات 2009. حتى بعد الجريمة النكراء التي ارتكبت بحق بيروت وكل لبنان في أيار (مايو) 2008، مددنا اليد وقد يكون خطأنا أننا في كل مرة مددناها بصدق؛ لأننا نعتقد أن هذا البلد الذي لا يحكمه أحد بمفرده إنما هو تعبير عن شراكة، وهذه الشراكة يسهل بناؤها على الصدق. لكننا في كل مرة قوبلنا بالخديعة، لا بل أخذ صدق نيتنا على أنه نقطة ضعف وعلامة خوف. وحتى عندما شكلنا حكومة الوحدة الوطنية بعد الانتخابات الأخيرة التي انتصرتم أنتم فيها، واعتقد شريكنا أنه سيكون شريكا من دون مسؤولية، تحملنا ما لا يحتمل من تعطيل وإعاقة وتشويه للحقائق. قد يقول بعضكم إننا أخطأنا، لكننا - والحمد لله - لم نستخدم يوما السلاح، ولم نتحمل مسؤولية نقطة دم واحدة، ولم ننسحب من حكومة، ولم نعطل حوارا، ولم نقفل برلمانا، ولم نزور إرادة شعبية.

نحن، أيها الإخوة والأخوات، مشروعنا كان ولا يزال وسيبقى، هو الدولة، هو الدستور، هو المؤسسات، هو الحفاظ على لبنان العروبة والسيادة والاستقلال والنظام الديمقراطي، لبنان الحريات الشخصية والسياسية والإعلامية والدينية والثقافية والاقتصادية، حتى عندما وافقنا في البيان الوزاري على معادلة الشعب والجيش والمقاومة، فلأننا نعتقد أن الدولة هي الحاضن للجميع والجيش مشكَّل من كل أطياف الشعب وفئاته، والمقاومة هي للدفاع عن الوطن في وجه إسرائيل. مقاومة في خدمة الجيش والشعب، وفي خدمة لبنان، وليس لبنان خاضعا بجيشه وشعبه ودستوره ودولته للسلاح، بحجة المقاومة. نعم، نحن لا نقبل السلاح ولا الخضوع للسلاح عندما يوجه إلى صدور اللبنانيين واللبنانيات، ويصبح وسيلة لابتزازهم في استقرارهم وأمنهم ليختاروا الباطل على الحق، أو عندما يصبح وسيلة ضغط على النواب ليقوموا بعكس ما كلفهم به الناخب ولينكثوا العهود التي قطعوها عندما ترشحوا للانتخابات.

السلاح الموجه إلى صدور اللبنانيين هو سلاح فتنة، والفتنة في لبنان لا تخدم إلا إسرائيل التي نقولها للمرة الألف إن لا عدو لنا غيرها، وإننا في مقدمة من يقاتلها في سبيل الدفاع عن سيادة لبنان، وتحرير أرضنا المحتلة في الغجر، ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا، تماما كما أننا كنا وسنبقى في مقدمة صفوف الداعمين لإخواننا الفلسطينيين ولقضيتهم التي هي قضيتنا المركزية ولحقهم بالعودة إلى دولتهم الفلسطينية العربية المستقلة الحرة، الديمقراطية، وعاصمتها القدس.

أيها الأصدقاء، دعوني أكون صريحا في هذه المسألة المحددة. لا يستطيع أحد أن يدفن رأسه في الرمال بزعم أن السلاح قضية غير موجودة، وممنوع على اللبنانيين أن يتحدثوا عنها.. الحقيقة غير ذلك تماما، وتجربة السنوات الست الماضية كافية كي تثبت للجميع أن هذه المسألة هي مسألة خلافية من الدرجة الأولى بين اللبنانيين، هي على طاولة الحوار الوطني باعتبارها خلافا مبدئيا لا يتصل بحق الشعب اللبناني في مواجهة العدوان الإسرائيلي، كما حدث في تموز (يوليو) 2006، إنما يتصل بالاستخدام المتمادي لهذا السلاح في بت الخلافات السياسية وفي وضعه على طاولة الشراكة الوطنية أمام كل صغيرة وكبيرة.

إنني أنوه، في هذا المجال، بتبني قوى 14 آذار لبيان الثوابت الوطنية الصادر عن اجتماع دار الإفتاء، خصوصا في ذكره الأطماع والتجاوزات والغلبة بالسلاح لإخضاع الآخرين. هذه المسألة ستبقى في سلم أولويات استقرارنا الوطني ولن نسلم أبدا لبقاء السلاح مسلطا على الحياة الوطنية في لبنان، وهذا أول الكلام ولن يكون آخره، معكم ومع كل اللبنانيين.

أيها الأصدقاء، قيل الكثير عن علاقتي بسورية، وعن زياراتي إلى سورية. نعم، أنا ذهبت إلى سورية بصفتي رئيسا لمجلس الوزراء وبصفتي ابن الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وكل ما أردته هو مصلحة لبنان العليا في العلاقات مع دولة عربية شقيقة هي الجار الأقرب لنا. مصلحة لبنان العليا التي تتوافق مع مصلحة سورية في الاقتصاد والتجارة والأمن والاستقرار وحفظ سيادة كل من البلدين واستقلال كل من البلدين. لم أذهب إلى سورية لطلب شخصي لنفسي ولا لأستعين بها على أبناء بلدي وعلى البقاء في السلطة. ذهبت في كل مرة مرفوع الرأس بحثا عن مصلحة لبنان أولا، التي تبدأ بحسن العلاقة مع الشقيق الأقرب، ومع كل العرب وكل العالم. لقد قصدت كل العالم من واشنطن إلى طهران من أجل مصلحة لبنان فكان بالأحرى أن أزور سورية مرة ومرتين وخمس مرات من أجل مصلحة بلدي.

ولقد كانت سورية، في تلك الفترة، جزءا من ما عرف بالـ(سين سين)، أي المبادرة التي قام بها مشكورا خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لحفظ استقرار لبنان. ومنذ البداية وحتى اليوم ألزمت نفسي الصمت بشأن الـ(سين سين)، لأن من يريدها أن تنجح لا يسرب ولا يتكلم، بل يعمل، لكني اليوم، سأتكلم.

هذه المبادرة كانت قائمة على فكرة واحدة وأساسية: أننا - وبكل صدق - مستعدون للمشاركة في مؤتمر مصالحة وطنية لبنانية، يتصالح فيه كل اللبنانيين ويتسامح فيه كل اللبنانيين. مؤتمر يعقد في الرياض برعاية ملك المملكة العربية السعودية وبحضور رئيس الجمهورية اللبنانية ورئيس الجمهورية العربية السورية وعدد من رؤساء العرب وقادتهم وبحضور الجامعة العربية، يؤدي إلى مصالحة شاملة، ومسامحة شاملة لكل الماضي، مصالحة الجميع من دون استثناء، وتسامح الجميع من دون استثناء، عن كل الماضي من دون استثناء، تصبح بعدها تداعيات القرار الاتهامي مسؤولية وطنية وعربية جامعة. نعم.. هذا هو أساس الـ(سين سين)، الذي كان في تفاصيله وفي جدوله الزمني إعلاء مصلحة الدولة وسيادتها على أراضيها وإزالة كل البؤر الأمنية المسلحة على الأراضي اللبنانية كافة.

نعم.. هذا هو الاتفاق الذي فاوضنا عليه. أخطأنا؟ نعم، أخطأنا. فاوضنا بكل صدق وأمانة من أجل مصلحة لبنان، فإذا بنا، مرة جديدة، نقابل بطلب الاستسلام، لا المصالحة من قبل من لا يريدون حوارا لأنهم يرون أنفسهم أكبر من لبنان، فكان جوابنا لهم أننا بكل بساطة، نحن من مدرسة (ما حدا أكبر من بلدو).

لقد أنهوا الـ(سين سين) تحديدا لأنهم لا يريدون هذه المصالحة الشاملة، وأنا أقول أمامكم: لا عودة إلى الـ(سين سين)، وللذين لديهم التباس أو يحبون أن يكون لديهم التباس بأنني وقعت على إنهاء علاقة لبنان بالمحكمة أقول: أنا أملك قلمين قلم سمير قصير وقلم جبران تويني، وأمامي عقدان عقد بيار أمين الجميل وعقد وليد عيدون، فبأي من القلمين أوقع وأيا من العقدين أمزق؟

هم اعتقدوا، أيها الأصدقاء، أننا سنتنازل عن كل شيء من أجل السلطة، ونحن نرى أن السلطة هي آخر ما يستحق أن نتنازل عن شيء من أجله، لا بل إننا مؤمنون إيمانا راسخا بتداول السلطة، وبالنظام الديمقراطي، وبالدستور.. لهذا السبب قررنا الذهاب إلى الاستشارات رغم معرفتنا بالنتائج سلفا، ورغم تهديد اللبنانيين باستقرارهم، ورغم تزوير إرادة الناخبين عبر دفع نواب من موقف إلى عكسه، بعد أن وقفوا أمام ناخبيهم مرتين خلال 4 سنوات في المهرجانات الانتخابية متعهدين في كل مرة بالدفاع عن المحكمة الدولية وبرفض أي وصاية غير وصاية الشعب، وحصلوا على أصواتهم على هذا الأساس. نحن لا نتمسك بالسلطة ولا نتمسك بشيء سوى بنظامنا الديمقراطي وبدستورنا، فمبروك عليهم الأكثرية المخطوفة بترهيب السلاح، ومبروك عليهم السلطة المسروقة من إرادة الناخبين.

وهنا، أيها الإخوة، لا بد من كلمة حول الوسطية. الوسطية، كما نفهمها نحن، هي الاعتدال في مواجهة التطرف، وسطية رفيق الحريري الذي علمنا أن المسيحي المعتدل أقرب إليه من المسلم المتطرف، الوسطية هي البحث عن تسويات بين حقيقتين من أجل مصلحة الوطن العليا، الوسطية هي في نظرنا قرار لا غياب القرار أو تسليمه.

لكن، أيها الأصدقاء، لا وسطية بين الجريمة والعدالة، ولا وسطية بين السيادة والوصاية، ولا وسطية بين عروبة لبنان وزجه في محور إقليمي لا علاقة له لا بالعروبة ولا بلبنان.. والأهم الأهم، لا وسطية بين الصدق والخديعة، وبين العهد المقطوع والخيانة. وقبل أن أكمل الكلام، ولكي لا يعتقد أحد أن كلامي هو رد فعل لخروجي من رئاسة الحكومة، فإنني أتوجه إلى من يعتقدون أنهم تمكنوا مني، بالغدر والكذب والخيانة وانعدام الوفاء، أتوجه من هؤلاء بالشكر العميق، لأنهم حرروني، وسمحوا لي أن أعود إليكم ومعكم أن أعود إلى جذوري، وأقول اليوم علنا ما أقوله ضمنا في كل يوم: الحمد لله، الحمد لله، الحمد لله. أنا قلت الحمد لله في 14 شباط 2005، فما أسهل أن أقولها ألف مرة اليوم في 14 شباط 2011! أيها الأصدقاء، نحن اليوم في المعارضة التي تستند إلى المبادئ الثلاثة التالية:

أولا: التزام الدستور، ثانيا: الالتزام بالمحكمة الخاصة بلبنان، ثالثا: التزام حماية الحياة العامة والخاصة في لبنان، من غلبة السلاح. نحن عائدون إلى طريق الثوابت المبدئية السلمية الوطنية الأساسية التي رسمها الشعب اللبناني من كل الطوائف والمناطق والفئات في 14 آذار 2005، التي لم يخرج عنها لحظة واحدة، حتى عندما شعر أن حسن نياتنا يدفعنا إلى مواقف وتسويات لمصلحة لبنان ولكنها خارج هذا الطريق. هذا هو الطريق نفسه الذي سار فيه الشعب المصري، شباب مصر وشاباتها، ليستعيد الأمل ويستعيد كلمته وإرادته وقراره، فكان قراره الحرية والديمقراطية، فانتصر وانتصرت مصر عربية عربية عربية. نعم، نحن من بدأنا هذا الطريق، طريق الحرية. إلى هذا الطريق، طريق 14 آذار 2005 سنعود جميعا.

سنسير فيه، معكم أنتم الذين أبقيتم رؤوسنا عالية، أنتم الذين ستبقى أصواتكم مسموعة، وأعلامكم اللبنانية مرفوعة، حتى ساحة الحرية، التي ستجمعنا جميعا مرة ثانية بإذن الله، في 14 آذار 2011، لنقول لا مرة جديدة.

نحنا نازلين في 14 آذار لنقول لأ، لأ.. لتزوير إرادة الناخبين، لأ.. لخيانة روح العيش المشترك، لأ.. لتسليم القرار الوطني، لأ.. للوصاية الداخلية المسلحة، لأ.. لنقل لبنان على محور ما بدن ياه اللبنانيين، لأ.. لتغيير نظام حياتنا، لأ.. حلمنا ما بيموت، لأ.. للفساد، لأ.. للسرقة، لأ.. للخوف، لأ.. للخوف، ولأ.. وألف لأ ومليون لأ للقهر والظلم والجريمة.

عشتم، عاش شهداء ثورة الأرز، وعاش لبنان».